بحث

الذكرى السنوية الستون للتوقيع على اتفاق الهدنة بين الكوريتين. مقابلة مع باولو كاروزي الذكرى السنوية الستون للتوقيع على اتفاق الهدنة بين الكوريتين. مقابلة مع باولو كاروزي  (AFP or licensors)

الذكرى السنوية الستون للتوقيع على اتفاق الهدنة بين الكوريتين. مقابلة مع باولو كاروزي

صادفت خلال الأيام القليلة الماضية الذكرى السنوية الستون للتوقيع على اتفاقية الهدنة بين الكوريتين، الاتفاقية المعروفة باسم هدنة "بان مون جيون" التي أخذت اسم القرية الصغيرة الواقعة على الحدود الفاصلة بين البلدين، والتي تم فيها التوقيع على الاتفاقية في السابع والعشرين من تموز يوليو عام ١٩٦٣. عن هذا الموضوع حدثنا أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة روما الثالثة باولو كاروزي مشيرا إلى أن ثمة مشكلة كبيرة ما تزال قائمة بين الكوريتين تحتاج إلى حل، وهو أمر يبدو صعب المنال في الفترة الراهنة.

مما لا شك فيه أن هدنة بان مون جيون أنهت الحرب التي دارت رحاها بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، والتي اعتُبرت من الصراعات الأكثر مأساوية خلال الحرب الباردة. الأسباب الكامنة وراء الصراع بين البلدين الجارين تعود إلى السنوات التالية للحرب العالمية الثانية، فبعد أن احتلها اليابان، الذي هُزم في الحرب، تم تحرير الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية من قبل القوات الأمريكية، فيما حررت القوات السوفيتية الشطر الشمالي.

ففي مقابلة مع إذاعة الفاتيكان قال بهذا الصدد الأستاذ الجامعي كاروزي إنه لم يكن هناك أي ستار حديدي يفصل بين الكوريتين، على غرار الستار الحديدي في أوروبا، لكن حصل تقاسم للنفوذ والذي تُرجم إلى انقسام على طول خط العرض ثمانية وثلاثين. وأضاف أن التوتر بين الجارين نما وفي صيف العام ١٩٥٠ هاجمت قوات كوريا الشمالية الجنوب. وبتفويض من الأمم المتحدة شُكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، وتدخل عسكرياً في الصراع في محاولة لتحرير الأجزاء المحتلة من كوريا الجنوبية والإطاحة بالنظام الحاكم في بيونغ يانغ. وعُقدت مفاوضات سلام انتهت في السابع والعشرين من تموز يوليو لستين سنة خلت بالتوقيع على اتفاقية الهدنة، التي أعادت الوضع إلى ما كان عليه قبل بداية الحرب.

ويذكّر أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة روما الثالثة بأن ما تم التوصل إليه هو اتفاق هدنة، لا معاهدة سلام، ما يعني أن القضايا والمسائل العالقة لم تُحل لغاية اليوم، معتبرا أن التوصل إلى حل يبدو صعباً جداً في المرحلة الراهنة، لأن البلدين عاشا بعد الصراع المسلح فترات مختلفة. ففي كوريا الشمالية توالت على الحكم شخصيات توتاليتارية، مع العلم أن الزعيم الحالي كيم يونغ أون، الذي هو حفيد الزعيم كيم إيل سونغ الذي أطلق الحرب عام ١٩٥٠، ما يزال لغاية اليوم يغذي التوترات في المنطقة من خلال تجاربه الصاروخية المستمرة. أما كوريا الجنوبية فدخلت منطقة النفوذ الغربية نهاية الثمانينيات، وعاشت أزمة الشيوعية.

ويقول الأستاذ الجامعي الإيطالي إن الكنيسة الكاثوليكية رفعت صوتها خلال الحرب الكورية لتطالب بالسلام والوفاق بين الشعوب. وكان البابا بيوس الثاني عشر قد طالب في رسالة عامة أصدرها في التاسع عشر من تموز يوليو ١٩٥٠ بوضع حد للقتال ودعا الأطراف إلى سلوك درب الحوار والتفاوض. واعتبر باولو كاروزي أن نظرة الكنيسة الكاثوليكية في خمسينيات القرن الماضي لا تختلف عن نظرتها اليوم، مؤكدا أن نبذ كل شكل من أشكال العنف ينبع من الروحانية المسيحية ومن القناعة بأن الحرب لا تحل المشاكل.

وختم الأستاذ الجامعي الإيطالي حديثه لإذاعة الفاتيكان قائلا إن كل الأطراف المتقاتلة عليها أن تجلس إلى طاولة الحوار خصوصا وأن انتصار طرف على طرف آخر يولد حتماً مستقبلا من انعدام الاستقرار والتسلط وغياب الحريات والديمقراطية.

29 يوليو 2023, 14:42