بحث

مقابلة مع الأب سمير يوسف، خادم رعية إينيشكيه بشمال العراق مقابلة مع الأب سمير يوسف، خادم رعية إينيشكيه بشمال العراق 

مقابلة مع الأب سمير يوسف، خادم رعية إينيشكيه بشمال العراق

بعد أيام على الحادثة المأساوية التي ذهب ضحيتها تسعة سياح في منطقة زاخو، بكردستان العراق، أجرت وكالة الأنباء الكنسية "آسيا نيوز" مقابلة مع أحد الكهنة المحليين الذي أوضح أن الهجمات الصاروخية تحصد الضحايا يوميا، مؤكدا أنه كان هو نفسه عرضة للقصف، وداعياً إلى وضع حد لممارسات أنقرة فورا.

الأب سمير يوسف، هو كاهن رعية إينيشكيه، التابعة لأبرشية العمادية بكردستان العراق وقال في حديثه لوكالة آسيا نيوز إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يسعى للعب دور الوسيط من أجل تحقيق السلام بين أوكرانيا وروسيا، وهو في الوقت نفسه يقصف السكان في العراق. وذكّرت الوكالة بأن الرعية المذكورة تقدم الدعم والمساعدات منذ سنوات للمواطنين المسيحيين الذين نزحوا عن الموصل لثماني سنوات خلت، وسط تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، وبين هؤلاء العديد من الأشخاص الذين ما يزالون يقطنون في المناطق الجبلية بإقليم كردستان. لكن الرعية موجودة على مسافة غير بعيدة من الحدود التركية، التي تشهد منذ أشهر ارتفاعاً في وتيرة الحرب التي يشنها إردوغان ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وهي تبعد ساعة واحدة بالسيارة عن مدينة زاخو، حيث استهدف القصف – الأسبوع الماضي – مجمعاً سياحيا، أسفر عن مصرع تسعة أشخاص، بينهم ثلاث طفلات، واحدة منهن في شهرها الحادي عشر.

تابع الأب سمير يوسف حديثه مشيرا إلى أن تلك المناطق خلابة، حيث توجد الأنهر والشلالات. وخلال الجائحة توقفت حركة السياحة لكن بدأت الأوضاع تتغير منذ بضعة أشهر، خصوصا خلال الاحتفال هذا الشهر بعيد الأضحى، إذ وصل إلى المنطقة آلاف الزوار. ولفت إلى أن هؤلاء هم مواطنون عراقيون قدموا من بغداد والبصرة، هرباً من الحر الشديد، بالإضافة إلى سياح قدموا من خارج العراق، لاسيما من بلدان الخليج. وقال: لقد عاد تسعة من هؤلاء إلى بلدهم جثثا هامدة.

هذا ثم قال الكاهن الكلداني العراقي إن منطقة زاخو لم تتعرض في السابق لهذا النوع من الهجمات، موضحا أنه في أشرطة الفيديو المتناقلة يُسمع السياح الذين ينظرون إلى الدخان المتصاعد من الجبال يسألون ما إذا كان الذهاب إلى هناك آمنا، قبل أن يتعرضوا للقصف المدفعي. وكتبت "آسيا نيوز" أن السلطات العراقية تتحدث عن قذائف من عيار مائة وخمسة وخمسين ميليمترا، أطلقها الجيش التركي، في وقت نفت فيه أنقرة صحة هذه الأنباء. الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غيتيريس طالب بفتح تحقيق مفصل في الحادث، ومع ذلك استمر القتال على المرتفعات القريبة من زاخو، على الرغم من سقوط ضحايا مدنيين.

مضى الأب يوسف إلى القول إن الأتراك يقصفون في كل مكان على الجبال، وفي كل أسبوع يُقتل شخصان أو ثلاثة أو عشرة، وهذا ما حصل أيضا في أبرشية العمادية. ولفت إلى أن مقاتلي حزب العمال الكردستاني يتنقلون على تلك الجبال بسيارات خالية من لوحات التسجيل، وينزلون إلى القرى ليتزودوا بالطعام. وأضاف أن الأتراك يسعون إلى استهداف هؤلاء دون أن يهتموا بأرواح المدنيين. وروى الكاهن العراقي أنه كان يحتفل مرة بالقداس الإلهي في إحدى القرى، وخلال عودته أوقفه عدد من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وأرغموه على اصطحابهم إلى متجر لشراء الطعام. وأضاف أنه صلى السبحة الوردية طول الطريق، وكان خائفاً جدا، لأن الطيران التركي كان يبحث عنهم. وكان مستعدا لقصف السيارة لو علم بوجودهم. وأضاف أنه في مناسبة أخرى استُهدفوا عند محطة للوقود، بعد أن صادف مروره من هناك. وقد أدى القصف إلى تدميرها بالكامل.

بعدها أشار إلى ضعف المؤسسات العراقية، الذي فاقمه اليوم الصراع على السلطة بين أنصار مقتدى الصدر ونوري المالكي، وهذا الأمر لا يساعد طبعا على حل المشاكل. وأضاف أن جميع العراقيين يوجهون إصبع الاتهام إلى تركيا، لكنه تساءل ماذا فعل العراق لغاية اليوم، لافتا إلى أن أنقرة لم تكن تجرؤ على فعل شيء في المنطقة خلال حكم صدام حسين. وأضاف أنه مع بداية حرب الخليج عام ١٩٩١سمحت الولايات المتحدة للجيش التركي بالتوغل في العراق، مقابل استخدام قاعدة إنجرليك الجوية التركية من قبل الأمريكيين. والنتيجة هي الوضع الذي تعيشه المنطقة اليوم. وتضاف إلى ذلك المشاكل المتعلقة بإدارة المياه، وقد بنت تركيا أربعة سدود ضخمة ما أدى إلى جفاف نهري دجلة والفرات. ودعا إلى وضع حد فورا لهذه الممارسات التركية.

في ختام حديثه لموقع آسيا نيوز سلط الكاهن الكلداني العراقي الضوء على الصعوبات المعيشية، مشيرا إلى ارتفاع الأسعار كنتيجة للحرب الروسية على أوكرانيا، وقال إن الرعية تواصل تقديم الخدمات للمحتاجين بفضل التبرعات.

30 يوليو 2022, 19:28