بحث

الكاردينال بارولين يحتفل بالقداس في كاتدرائية براتيسلافا ويتحدث عن معنى الصليب في حياتنا الكاردينال بارولين يحتفل بالقداس في كاتدرائية براتيسلافا ويتحدث عن معنى الصليب في حياتنا  (TK KBS/ Peter Hric)

الكاردينال بارولين يحتفل بالقداس في كاتدرائية براتيسلافا ويتحدث عن معنى الصليب في حياتنا

أنهى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين زيارته إلى سلوفاكيا التي بدأت يوم الخميس الفائت، وتزامنت مع الذكرى السنوية الثلاثين لتجديد العلاقات الدبلوماسية بين الكرسي الرسولية والجمهورية الأوروبية. وقد ترأس نيافته الاحتفال بالقداس الإلهي في كاتدرائية العاصمة براتيسلافا ملقيا عظة سلط فيها الضوء على معنى الصليب وأهميته بالنسبة لحياة الكنيسة والمؤمنين.

استهل الكاردينال بارولين العظة مستذكراً الزيارة الرسولية التي قام بها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى هذا البلد لعشرين سنة خلت، وترأس خلالها احتفال تطويب شهيدين سلوفاكيين هما الأسقف  Vasiľ HOPKO  والراهبة  Zdenka SCHELINGOVÁ  اللذين كانا مثالاً للشهادة للإيمان المسيحي خلال حقبة المعاناة والاضطهادات التي تعرضت لها الكنيسة.

وبعد أن حيا جميع المشاركين في الاحتفال الديني وجه نيافته تحية إلى السلطات المدنية وقال إنه يحمل للجميع معانقة البابا فرنسيس، الذي ما يزال يتذكر زيارته الرسولية إلى سلوفاكيا لسنتين خلتا، لافتا إلى أن صدى كلمات الحبر الأعظم وأفعاله يتردد في قلوب المؤمنين وجميع المواطنين السلوفاكيين لغاية اليوم.

هذا ثم توقف المسؤول الفاتيكاني عند عيد ارتفاع الصليب الذي احتُفل به يوم الخميس الفائت، كما في الرابع عشر من أيلول سبتمبر من كل عام، وقال إن هذه المناسبة تساعدنا على التأمل في سر فدائنا، الذي هو سر محبة الله الرحومة، والتي تحققت من خلال آلام وموت الرب يسوع على الصليب. وأشار إلى أن آلام وموت الرب هو التعبير عن محبة الله العظيمة تجاه البشرية. ومن على الصليب فتح الرب ذراعيه جامعاً الكل في شعب واحد، ومعبرا عن اتساع وعمق محبته.

بعدها ذكّر الكاردينال بارولين بأن الصليب غُرس في الأرض، حيث يسود البؤس ومحدودية البشر، لكنه يمتد نحو العلى، نحو السماء، ليقول لنا إنه من خلال الصليب تحقق الظفر على الشر والموت، وأعيد إلينا الرجاء والأمل. من هذا المنطلق شدد نيافته على ضرورة توجيه الأنظار نحو الرب الذي عُلق على الصليب ومن خلال موته وقيامته من بين الأموات فُتح أمامنا باب الخلاص الأبدي. وأكد أن السجود للصليب يعني أن نقبل رحمة الله اللا متناهية، وأن نفهم أننا مدعوون نحن أيضا إلى محبة أخوتنا وأخواتنا وإلى مسامحتهم.

تابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عظته لافتا إلى أن الرب يسوع لم يتجسد وحسب، لكنه صار خادماً، وتعرض للإذلال، وكان مطيعاً لله الآب وصولا إلى الموت. ومن على الصليب أظهر لنا الرب يسوع التواضع، كما أن الصليب يحملنا اليوم على عيش التواضع نفسه، هذا التواضع الذي يجعلنا نحتاج إلى الله، ما يعني أننا مدعوون إلى التخلي عن الغرور والكبرياء، وإلى ملء أنفسنا بمحبة الله الرحومة.

هذا ثم عاد الكاردينال بارولين ليتحدث عن الشهيدين السلوفاكيين الأسقف فازيل والراهبة زدنكا، وقال إنهما عانقا الصليب، خصوصا خلال السنوات التي قضياها وراء قضبان السجن. وقد تعرضا كلاها للتعذيب والإذلال واختبرا الوحدة والموت. ومما لا شك فيه أن الصليب كان بالنسبة لهما عضدا كبيراً، وكانا مدركين تماما أن الرب تألم على الصليب وهو يتألم معهما، وكانا يعلمان أن ألمهما هذا شكل أمثولة للجميع، بما في ذلك المضطهِدون. وهما لم يشعرا بالخوف ولم يستحيا بإنجيل المسيح بل عاشا من أجله في العلن.

مضى نيافته إلى القول إن استشهادهما يحثّ اليوم الأمة السلوفاكية والشعب كله، لاسيما في السياق الاجتماعي المطبوع بالأزمات والتحديات المحدقة بالقيم المسيحية، يحث على الرسوخ في الإيمان وعلى التسلح بالشجاعة وعدم الشعور بالإحباط إزاء الصعوبات، مدركين أنه حتى في الأوقات المظلمة يبقى نور الله في القلوب ويمحنا الرجاء. وأضاف أن الشهيدين فازيل وزدنكا هما بالنسبة لنا شفيعان يشجعاننا على الرسوخ في الإيمان ويعضداننا في أوقات المحن، ويحثاننا على الشهادة للقيم المسيحية الأصيلة، كي نكون نوراً بالنسبة لأخوتنا وأخواتنا المحتاجين إلى المساعدة. في الختام طلب نيافته من السلوفاكيين أن يكونوا منفتحين دوماً على اللقاء والحوار وأن يعملوا بلا كلل في سبيل تحقيق المصلحة العامة.

16 سبتمبر 2023, 12:59