بحث

المطران فيزيكيلا: أمام الفقراء لا توجد بلاغة، وإنما حس إنساني المطران فيزيكيلا: أمام الفقراء لا توجد بلاغة، وإنما حس إنساني 

المطران فيزيكيلا: أمام الفقراء لا توجد بلاغة، وإنما حس إنساني

نائب عميد دائرة البشارة يعلِّق على رسالة البابا فرنسيس لليوم العالمي السابع للفقراء الذي سيحتفل به هذا العام في ١٩ تشرين الثاني نوفمبر: أنا سعيد لأن البابا أراد الإصرار على فئة العمل التي لا يزال يوجد فيها الكثير من الحيرة والكثير من الجبن من قبل الأجندات السياسية

صدرت أمس الثلاثاء رسالة البابا فرنسيس لليوم العالمي السابع للفقراء وللمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع المطران رينو فيزيكيلا، نائب عميد دائرة البشارة، سلط فيها الضوء على أن الفقير ليس رقمًا، بل وجهًا، علينا أن نقترب منه، ونستقبله، وندعمه، ليس فقط بالمساعدات الاقتصادية ولكن من خلال تعزيز صداقة ووعي ثقافية للقرب في كل بيئة، بدءا من أجندات القادة السياسيين.

قال المطران فيزيكيلا يوجه لنا البابا هذه الرسالة وهو في سرير المستشفى وبالتالي فيما يشارك الألم مع العديد من الفقراء. لذلك فالرسالة التي يعطينا إياها هي ذات آنية لأنها تخبرنا أولاً أنها الوصيّة التي يتركها الأب لابنه، وبالتالي هناك نقل لمحتويات مهمة لا يمكننا أن ننساها. ومن بينها تقول لنا أن هناك الاهتمام بالفقراء الذي ليس اهتمامًا بلاغيًّا وإنما هو اهتمام يطال ويلمس كل شخص بمفرده، على مثال يسوع الذي كان يجيب على كل مريض يقترب منه، وكذلك على الجموع، بالنظر إلى المتطلبات العميقة التي كانوا يحتاجون إليها. وبالتالي أمام الفقراء، يقول لنا البابا فرنسيس لا توجد بلاغة، لأن الفقراء ليسوا رقمًا إحصائيًا، وإنما هم أشخاص يرغبون أولاً بقربنا وبإحساسنا بالإنسانية.

تابع المطران فيزيكيلا مجيبًا على سؤال حول ما كتبه البابا في الرسالة حول أننا نعيش مرحلة تاريخيّة نُسكِت فيها أصوات الذين يعيشون في الفَقر ولماذا يحصل ذلك، وقال يقول البابا إن الصوت الأعلى مخصصًا لقضايا أخرى: التمويل والاقتصاد والترفيه. وبالتالي، أمام هذه المشاكل، يتم إسكات كل ما يمكنه أن يكون مزعجًا، وما يهز الضمير، وما يجبرنا أيضًا على تغيير حياتنا ومراعاة الأساسيات في حياة الأشخاص. من ناحية، أود أن أقول إن البابا يستفزُّنا ويحثُّنا مرة أخرى لكي نلمس المعنى العميق للحياة. وبالتالي ليس من قبيل المصادفة أن يكرِّر البابا مرارًا وتكرارًا أن الفقراء يبشّروننا. هذه العبارة لا تعني سوى أن الفقراء يجعلوننا نرى ونلمس بأيدينا ما هو جوهريٌّ وأساسيٌّ في الحياة. ولذلك لا يمكننا أن نُسكِت ذلك لأن حياتنا الشخصيّة هي التي ستكون على المحك.

أضاف المطران فيزيكيلا مجيبًا على سؤال حول ما هي المقترحات الملموسة لكي تصبح الدعوة التي وجّهها القدّيس البابا يوحنّا الثّالث والعشرين في الرّسالة العامّة، السّلام على الأرض، حقيقة واقعة وقال أخشى أن تركز الإجراءات الحكومية والتشريعية في كثير من الأحيان على المساعدات المالية والاقتصادية فقط. هذه خطوة أولى، وهي مهمة لأن العوز والفقر يتحددان أيضًا بعدم قدرة الأشخاص على الوصول إلى نهاية الشهر، كما تقول الرسالة بوضوح. لكن هذا مجرّد جزء فقط. هناك جزء آخر وهو الجزء الذي يرتبط بالبعد الثقافي، وهو الحاجة، من خلال القانون أيضًا، إلى تغيير الذهنيّة، وتغيير ما يكون غالبًا موقف اللامبالاة أو الاحتقار الذي يؤدي بعد ذلك إلى التهميش. إنها ظاهرة ثقافية. لذلك قبل أن نقلق بشأن القانون المالي الذي يفكر فيه المرء في تقديم المساعدات المادية، التي ستنتهي بعد ذلك وغالبًا ما تنتهي بسرعة كبيرة لأنها مساعدات مؤقّتة، ننسى من ناحية أخرى، أن هناك تربية وتنشئة وهذا أمر لا بد من أن يتم القيام به في جميع الأماكن: يجب أن يتم في المدرسة، وفي العائلة، ويجب أن يتمَّ في أماكن اللقاء، حيث ينمو الأشخاص معًا. أما على المستوى التشريعي، أعتقد أنه يمكننا ويجب علينا أيضًا أن نتدخّل في هذه التنشئة التي تعيد الكرامة إلى كل شخص.

وختم المطران فيزيكيلا حديثه لموقع فاتيكان نيوز مجيبًا على سؤال حول موضوع العمل مع جميع المشاكل التي لم يتم حلها والتي تؤثر على زيادة الفقر، وكذلك على خلق فقراء جدد وحول إن كان يكفي إدراجه كأولوية في جداول أعمال القادة السياسيين وقال أخشى ألا يكون الأمر كذلك. أنا سعيد لأن البابا أراد الإصرار بدقة على هذه الفئة لأنه لا يزال هناك الكثير من الحيرة والكثير من الخجل حول عالم العمل. يكفي أن نفكر في الوفيات في مكان العمل والتي تؤثر على العالم بأسره وتطالنا عن كثب لاسيما لأنه لا توجد هناك قواعد، أو لا يتم المحافظة عليها ومن الواضح أن الضحايا هم أيضًا الأشخاص الأبرياء. ومع هذا التذكير، يستفزّنا الأب الأقدس ويحفِّزنا مجدّدًا لكي ننظر إلى تلك الفئات الأشدَّ ضعفًا، والتي بدونها لن نحتاج لأن نعبِّر بشكل أفضل عن الحياة والمجتمع الذي نعيش فيه. إن العمال، وعالم العمل، ليسوا ملحقًا، وإنما هم قوة دافعة لبلد ما ويجب أن نأخذ هذا الأمر في عين الاعتبار لأنه يقودنا إلى إعادة النظر في المسؤولية الاجتماعية التي يبدو لي أنها بدأت تغيب شيئًا فشيئًا بسبب فرض تلك الحقوق الفردية التي تؤدي بعد ذلك إلى اللامبالاة تجاه المسؤولية الاجتماعية.

14 يونيو 2023, 13:10