بحث

الكاردينال بياشنسا الكاردينال بياشنسا 

مداخلة الكاردينال بياشنسا خلال مؤتمر صحفي لتقديم التقرير السنوي لهيئة مساعدة الكنيسة المتألمة

عُقد خلال الأيام القليلة الماضية مؤتمر صحفي في مقر سفارة إيطاليا لدى الكرسي الرسولي تم خلاله تقديم التقرير السنوي لهيئة مساعدة الكنيسة المتألمة بشأن اضطهاد المسيحيين حول العالم والحريات الدينية. شارك في المؤتمر رئيس الهيئة الكنسية الكاردينال ماورو بياشنسا الذي ألقى مداخلة سلط فيها الضوء على معنى الاستشهاد في المنظور المسيحي وشدد على أهمية احترام الحرية الدينية التي هي أمّ جميع الحريات.

قال نيافته إنه خلال القرون العشرين الماضية من تاريخها لم تعرف الكنيسة حقبة لم يتعرض فيها المسيحيون لشكل من أشكال الاضطهاد ولو بنسب متفاوتة وهذا الواقع ينتمي إلى تاريخ الإيمان المسيحي نفسه خصوصا وأن يسوع الناصري تعرض للاضطهاد، وحُكم عليه بالموت بسبب أفعاله وأقواله. وأضاف الكاردينال بياشنسا أننا ندرك تماماً أن تضحيته كانت طوعية ونفهم قيمتها، بيد أن هذا الأمر لا يقلل من البعد الاستشهادي المرتبط بالشهادة المسيحية، هذه الشهادة التي قدمها الرب يسوع أيضا محبة بالبشر كي يعتقهم.

بعدها أكد نيافته أن الإنسان لا يستطيع أن يحمي نفسه من الألم، فإما يواجهه بطريقة بطولية أو يوجه نظره إلى الناحية الأخرى. وذكّر في هذا السياق بأن الله اختار لنفسه الألم، فصار إنساناً وضحى بحياته على الصليب، تكفيرا عن ذنوب البشرية كلها. وهو ما يزال يختبر هذا الألم من خلال أعضاء جسده السري التي تتألم، هذا الجسد الذي هو الكنيسة. ومن هذا المنظار لا يصبح الألم أمراً ينبغي التخلص منه بأي وسيلة، بل يصير مدرسة رجاء. وذكّر نيافته بما كتبه البابا بندكتس السادس عشر عندما أكد أن اللقاء مع رب الأرباب ومع الإله الحيّ يصبح لقاء مع الرجاء الذي هو أقوى من ألم العبودية، وهذا الرجاء يبدل من الداخل حياة الإنسان والعالم.

هذا ثم انتقل الكاردينال بياشنسا إلى الحديث عن الحرية الدينية لافتا إلى أن هذه الحرية هي أم الحريات كافة، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني وأكد البابا فرنسيس، لأن بهذه الحرية ترتبط حرية الكلمة وحرية التعبير وحرية الضمير وحرية العبادة. فحيثُ تُحترم الحرية الدينية وتُصان تُحترم كل الحريات الباقية.

لم تخلُ مداخلة نيافته من الحديث عن النشاط الذي تقوم به هيئة مساعدة الكنيسة المتألمة، موضحا أنها تقدم دعماً ملموساً لحياة المسيحيين المتواجدين في أوضاع ومناطق يتألمون فيها. وقال: حيثما تُنتهك الحرية الدينية وحرية العبادة لا بد من إطلاق مشاريع على صعيد التنشئة والتربية والعمل والتنمية، وينبغي أن يُساعد رجال الدين، على مختلف المستويات، في رسالة إعلان الإنجيل، كي تنمو الجماعة المسيحية وتساهم في حياة الثقافات والبيئات المتواجدة ضمنها.

وختم الكاردينال بياشنسا مداخلته مؤكدا أن دعم الحياة الملموسة للمسيحيين، لاسيما في البيئات حيث هي مهددة باستمرار، يشكل خدمة لا تجاه المسيحيين وحسب إنما تجاه البشرية برمتها، لأن المسيحيين يحملون رسالة سلام، تماما كما حمل المصلوب رسالة سلام، هذا السلام المهدد اليوم، والذي هو شرط أساسي للتنمية البشرية والتقدّم السليم.

22 يونيو 2023, 14:31