بحث

خمس وثلاثون سنة على زيارة يوحنا بولس الثاني إلى الكنيس اليهودي في روما: مقابلة مع الحاخام دي سينيي خمس وثلاثون سنة على زيارة يوحنا بولس الثاني إلى الكنيس اليهودي في روما: مقابلة مع الحاخام دي سينيي 

خمس وثلاثون سنة على زيارة يوحنا بولس الثاني إلى الكنيس اليهودي في روما: مقابلة مع الحاخام دي سينيي

خمس وثلاثون سنة مضت على الزيارة التاريخية التي قام بها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى الكنيس اليهودي في روما. حدثٌ ذو قيمة رمزية كبيرة، طبع تحولا في العلاقات بين اليهود والكاثوليك.

في الثالث عشر من أبريل نيسان من العام 1986 قام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة إلى الكنيس اليهودي في روما حيث كان في استقباله حاخام روما الأكبر آنذاك إيليو تواف، وتمت المعانقة بين الرجلين خلال هذا الحدث التاريخي الذي ما يزال مطبوعاً في قلوب وذكريات العديد من الأشخاص. في ذلك اليوم كانت المرة الأولى التي تطأ فيها قدما حبر أعظم الكنيس اليهودي في روما. وقام فويتيوا بهذه البادرة التي كررها البابوان بندكتس السادس عشر وفرنسيس. شكلت الزيارة محطاً في مسيرة التقارب البالغة الأهمية.

مما لا شك فيه أن هذه المسيرة ترسّخت من خلال زيارة البابا إلى القدس، وصلاته أمام حائط المبكى، بالإضافة إلى زيارة المعتقل النازي في أوشفيتز ومبادرات أخرى مماثلة. وتستمد هذه الأحداث الهامة جذورها من الوثيقة المجمعية "في عصرنا" والتي تطرق إليها البابا يوحنا بولس الثاني وحاخام روما الأكبر إيليو تواف، خلال تلك الزيارة، كما توقفا عند شخصية السعيد الذكر البابا يوحنا الثالث والعشرين.

في الخطاب المسهب والغني الذي ألقاه للمناسبة سلط البابا فويتيوا الضوء على العلاقة القائمة بين المسيحية واليهودية، وتوقف عند الإعلان المجمعي حول "علاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية"، مذكرا بأن الكنيسة الكاثوليكية تندد بالأحقاد والاضطهادات ومختلف أشكال معادة السامية الموجهة ضد اليهود في كل زمان ومكان. ولفت يوحنا بولس الثاني إلى الإرث الذي تركه البابا يوحنا الثالث والعشرون الذي، وخلال عبوره أمام الكنيس اليهودي، أمر سائقه بالتوقف ليبارك بعض المؤمنين اليهود أثناء خروجهم من المعبد. وقال البابا فويتيوا إنه يريد أن يتابع هذا الإرث لكن من داخل الكنيس اليهودي لا من خارجه.

من جانبه توقف الحاخام تواف عند الإعلان المجمعي وعند شخصية البابا يوحنا الثالث والعشرين، وعبر عن سروره الكبير بتلك الزيارة ووصفها بالحدث الذي سيدخل التاريخ. ولفت إلى التعاليم "النيّرة" للبابا رونكالّي الذي كان أول بابا يتوقف ليبارك المصلين اليهود، معتبرا أن ما فعله يندرج في سياق المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أحدث ثورة في العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية واليهود، وهذه الثورة سمحت بإتمام الزيارة.

لمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والثلاثين للزيارة كان لموقع فاتيكان نيوز حديث مع حاخام روما الأكبر ريكاردو دي سينيي الذي تحدث عن وجود وعي بأن هذا الحدث التاريخي ترك بصمته في العلاقات الثنائية. واعتبر أن أهمية الزيارة تكمن أيضا في البعد الإعلامي لأن صورة المعانقة بين الرجلين تخطّت لوحدها كل العراقيل اللاهوتية. قلة قليلة من الناس اطّلعت على وثائق اللجان المشتركة لكن الجميع شاهدوا هذه الصور. وحتى العبارات التي استُخدمت كان لها وقعها الإيجابي، شأن عبارة "الأخوة الكبار".

لم تخل كلمات دي سينيي من الإشارة إلى الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى الكنيس اليهودي في روما لخمس سنوات خلت، بعد تلك التي قام بها البابا بندكتس السادس عشر عام 2010، وقال إن الزيارتين كانتا في غاية من الأهمية لأنهما عكستا رغبة البابوين، وهما أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية، في متابعة السير على الطريق التي شقها البابا يوحنا بولس الثاني. وأضاف أن الأمر لم يقتصر فقط على الاستمرارية بل كان أيضا تقدماً، لأنه في زمن البابا فويتويا كانت هناك مشاكل كبيرة، واليوم ما تزال توجد العراقيل لكن ثمة العديد من الطرق والإمكانات التي تسمح بمواجهتها.

في ختام حديثه لموقع فاتيكان نيوز أكد حاخام روما الأكبر دي سينيي أن الديانات مدعوة اليوم إلى لعب دور بالغ الأهمية من أجل تعزيز القيم الأخلاقية والتضامن في عالم شهد وسيشهد تبدلات كثيرة خصوصا بعد تخطي هذه الجائحة التي وضعت العالم أمام تحديات كبيرة.  

15 أبريل 2021, 11:01