بحث

الكاردينال والتر كاسبر يتذكّر اللاهوتي السويسري الراحل هانس كونغ الكاردينال والتر كاسبر يتذكّر اللاهوتي السويسري الراحل هانس كونغ 

الكاردينال والتر كاسبر يتذكّر اللاهوتي السويسري الراحل هانس كونغ

على أثر رحيل اللاهوتي السويسري هانس كونغ أجرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقابلة مع الكاردينال والتر كاسبر، الرئيس الفخري للمجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيين، والذي كان مساعدا للراحل في الجامعة في ستينيات القرن الماضي، لافتا إلى أن الاختلافات في المجال العقائدي لم تؤثر قط على مشاعر التقدير والرغبة في الحوار.

رحل اللاهوتي كونغ في السادس من الشهر الجاري عن عمر ثلاثة وتسعين عاما، وعلى الرغم من ارتباطه بالكنيسة الكاثوليكية، وجه إليها الانتقادات بصورة حادة، وفتح فسحة للنقاشات والمناظرات، خصوصا فيما يتعلق ببعض العقائد الأساسية، ومن بينها العصمةُ البابوية. وقد شاء الكاردينال كاسبر – من خلال حديثه للصحيفة الفاتيكانية – أن يقدّم صورة عن رجل عرفه شخصياً أيام دراساته الجامعية وبالتحديد بين عامي 1961 و1964، وربطته به علاقة ترتكز إلى التقدير والاحترام المتبادلين، على الرغم من الاختلافات الفكرية والعقائدية.

قال نيافته إنه التقى بالراحل للمرة الأولى عندما كان يتابع دراسات الدكتوراه في جامعة توبنغن الألمانية، وكان ذلك في أواخر خمسينيات القرن الماضي، قبل أن يصبح مساعداً له وللبروفيسور ليو شفشيك. وأوضح أنه تعلّم من الرجلين وظل معهما لغاية العام 1964 عندما انتقل إلى كلية اللاهوت في مونستر ليدّرس مادة اللاهوت العقائدي.

هذا ثم لفت الكاردينال كاسبر إلى أن العلاقة التي ربطته باللاهوتي كونغ كانت جيدة، وكان التعاون بينهما مثمراً قبل أن يحصل تباعد بسبب الاختلاف حول عقيدة العصمة البابوية ومسائلَ أخرى مسيحانيةٍ ولاهوتية. وأضاف أن هذا التباعد تم بعد أن قرر مجمع عقيدة الإيمان، في العام 1979، أن يسحب منه إذن تدريس مادة اللاهوت. وهذا الأمر ولّد انقساماً داخل كليات اللاهوت، لكن على الرغم من ذلك ظلت العلاقة مع كونغ مطبوعة بالاحترام، وظل الرجلان يتبادلان التهاني في المناسبات والأعياد. وأوضح نيافته أن الاختلافات اللاهوتية بقيت، بيد أن العلاقة استمرت على الصعيد الإنساني.

رداً على سؤال حول نقاط الاختلاف والتباين مع اللاهوتي الراحل، قال الرئيس الفخري للمجلس البابوي لتعزيز وحدة المسيحيين إن كونغ لم يكن فقط صوتا ينتقد الكنيسة، إذ كان شخصاً يرغب في إحداث تجدد داخل الكنيسة الكاثوليكية وتطبيق الإصلاحات. ولفت كاسبر إلى وجود بعض النقاط المشتركة شأن اللاهوت المرتكز إلى الكتاب المقدس والبحوث التاريخية، لكن كونغ تخطى هذه الرغبة في التجدد ولم يحافظ على التزامه باللاهوت المرتكز إلى عقيدة الكنيسة، بل "ابتكر" لاهوته الخاص. وكما قال إيف كونغار إن كونغ كان كاثوليكياً لكن على طريقته الخاصة. مع ذلك نجح الراحل في شرح الإنجيل للأشخاص البعيدين عن الإيمان، لكن نظرته للكنيسة ظلت ليبرالية جدا. كما ابتعد كونغ أيضا عن مواقف اللاهوتي السويسري كارل بارت، الذي كان معلّمه الكبير. وأوضح كاسبر أن الاختلافات مع كونغ تناولت أيضا عقيدة التبرير، مع أن الطرفين كانا يتفقان على ضرورة الحوار المسكوني.

في سياق حديثه عن العلاقة بين هانس كونغ والبابا الفخري بندكتس السادس عشر، قال نيافته إن راتزنغر كان أستاذا في جامعة توبنغن لمدة سنتين ونصف، وقد تعرفا على بعضهما في العام 1957 وتعاونا كخبيرين لاهوتيين في الدورة الأخيرة من المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني. كانت مواقفُهما اللاهوتية متباعدة، لكن كان يجمعهما التقدير والاحترام المتبادلان. وذكّر كاسبر بأن البابا بندكتس السادس عشر وبعيد انتخابه دعا اللاهوتي كونغ إلى كاستل غندولفو لعقد لقاء ونقاش معمّق لا يتمحور حول الاختلافات بل حول المسائل اللاهوتية العامة. واستمر الاحترام المتبادل بينهما. في ختام حديثه لصحيفة أوسرفاتوريه رومانو الفاتيكانية أكد الكاردينال كاسبر أن يوزيف راتزنغر حافظ على تقديره الكبير للاهوتي الراحل كونغ، لافتا إلى أن البابا الفخري صلى من أجله، لأن العلاقة الشخصية بينهما لم تنقطع قط.    

09 أبريل 2021, 10:45