الكرسي الرسولي وظاهرة معاداة السامية في كلمات رئيس الأساقفة غالاغر
تحدث رئيس الأساقفة غالاغر عن وجود تفاهم متبادل أفضل مع اليهود، على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وهذه هي الخطوات التي تحققت – في السنوات الأخيرة – على صعيد التقارب بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل، وخير دليل على ذلك الاتفاق الثناني الذي أقيمت بموجبه علاقات دبلوماسية بين الطرفين. ويصادف إحياء ذكرى المحرقة النازية في إسرائيل في اليوم السابع والعشرين من نيسان بحسب التقويم اليهودي، وقد أُطلقت حملة "لمناهضة معاداة السامية"، بمبادرة من سفارة إسرائيل لدى الكرسي الرسولي، تزامناً أيضا مع الذكرى الخامسة والخمسين لصدور الإعلان المجمعي "في عصرنا". في مداخلته سلط المسؤول الفاتيكاني الضوء على هذه الوثيقة المجمعية، لافتا إلى أنها ساهمت بشكل كبير في تعزيز وتنمية العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والشعب الإسرائيلي. وقال إن عملية المصالحة التاريخية والتفاهم المتبادل جاءت ثمرة للحوار الذي تطرق إليه الإعلان المجمعي "في عصرنا"، مضيفا أننا نحتاج دوماً لهذا الحوار الذي ينبغي أن يتميّز بالانفتاح والاحترام كي يأتي بالثمار المرجوة. وشدد سيادته على أن احترام حقّ الآخر في الحياة وفي السلامة واحترام الحقوق الأساسية، في طليعتها حرية الضمير والفكر والتعبير والمعتقد الديني، مبادئ تسمح لنا أن نبني معاً أجواء من السلام والأخوّة، كما أكد البابا فرنسيس في مناسبات عدة وخصوصاً في رسالته العامة الأخيرة Fratelli Tutti. تابع أمين سر دولة حاضرةالفاتيكان للعلاقات مع الدول رسالة الفيديو مستنكراً ظاهرة معادة السامية بجميع أشكالها وتعابيرها ومشيرا إلى أن هذا التنديد ورد أيضا في الوثيقة المجمعية المذكورة. وقال إن هذا الموقف لم يأت وليد ساعته، بل كان ثمرةً لمواقف نضجت على مر السنوات السابقة للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني. وأضاف أن ما يرسّخ هذه القناعة العثور على "لؤلؤة" صغيرة داخل الأرشيف التاريخي في قسم العلاقات مع الدول التابع لأمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان. وأوضح أن هذا الاكتشاف هو عبارة عن مراسلة تمت بين الكرسي الرسولي ومجلس الحاخامات الأشكنازي في القدس في العام 1919. وقد طلب المجلسُ المذكور، في تلك الرسائل، مساعدة السعيد الذكر البابا بندكتس الخامس عشر واستعمال كل ما لديه من تأثير ونفوذ روحي كي يضع حداً لانعدام التسامح وللإجراءات المعادية للسامية التي كانت تتعرض لها الجاليات اليهودية في أوروبا الشرقية. وأوضح رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغر أنه منذ ذلك العام كانت قد تكوّنت داخل أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان القناعة الراسخة بضرورة ألا يُداس مبدأ الأخوّة من قبل معاداة السامية، والأمنيةُ بأن يُحترم الحق في الحرية الدينية. وقال سيادته إن هذه الواقعة ليست إلا مثالاً بسيطاً، لا بل هي "نقطة مياه في بحر كبير" وتدل إلى القناعة الراسخة بعدم التسامح مع أي شكل من أشكال معاداة السامية وتعكس ضرورة التصرف من أجل التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة. |
وتوقف المسؤول الفاتيكاني في الختام عند العمل المقرر الذي قام به آنذاك السفير البابوي في المجر المطران Angelo Rotta الذي أُطلقت عليه تسمية "الصالح بين الأمم" من قبل مركز ومتحف المحرقة النازية في القدس، الـ"ياد فاشيم"، وذلك تقديرا لالتزامه في إنقاذ أعداد كبيرة من يهود أوروبا من الإبادة النازية إبان الحرب العالمية الثانية. وقال رئيس الأساقفة غالاغر إن نشاط الدبلوماسي الفاتيكاني تميز بالدقة وطول الأناة، وكان ممكنا بفضل مساعدة المطران Gennaro Verolino.