بحث

مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا  

مداخلة للكرسي الرسولي في الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل

ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الأساقفة برنارديتو أوزا مداخلة بشأن حقوق الطفل أمام المشاركين في أعمال الجمعية العامة الثالثة والسبعين للمنظمة الأممية.

تمحورت مداخلة الدبلوماسي الفاتيكاني حول حقوق الطفل وأكد أن الكرسي الرسولي يرى في المعاهدة المتعلقة بحقوق الأطفال أداة أساسية لصون هذه الحقوق والدفاع عن مصالح الأطفال. كما أن الوثيقة تنص على الأولويات والواجبات التي ينبغي أن تكون نقاطا مرجعية وتحفّز العمل من أجل تقديم الضمانات اللازمة للأطفال حول العالم وتعزيز حقوقهم الأساسية. وأكد سيادته أن الكرسي الرسولي يشيد أيضا بإقرار المعاهدة بحق الوالدين والعائلة في الإشراف على نمو الأفراد ورخائهم.

ولفت أوزا إلى أن العائلة هي الخلية الأولى والحيوية في المجتمع نظرا للخدمة التي تقدمها للحياة ككل، ونظرا أيضا إلى الدور الذي تلعبه في مجال تربية الأفراد كجزء أساسي من تحقيق نمو وازدهار النسيج الاجتماعي. وأشار سيادته أيضا إلى أن العائلة هي البيئة التي تبصر فيها الحياة النورَ وتلقى الترحيب المطلوب. كما أن الوالدين يتمتعون بمسؤولية حماية البنين في جميع مراحل حياتهم ونموهم. إن رخاء الأطفال يعتمد بالتالي، وبشكل كبير، على الإجراءات التي تتخذها الدول من أجل دعم العائلات ومساعدتها على القيام بوظائفها الحيوية.

لم تخل مداخلة الدبلوماسي الفاتيكاني من الإشارة إلى الدور الواجب أن تلعبه الدول على هذا الصعيد، وذكّر بالخطاب الذي ألقاه البابا فرنسيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في العام 2015 عندما لفت إلى أهمية ألا يُفرض النمو البشري المتكامل وممارسة الكرامة البشرية، مؤكدا أن هذين العملين يتحققان لدى الفرد وفي كنف العائلة في إطار علاقات الشركة مع الآخرين، وضمن التواصل بين كل القطاعات التي تنمو فيها الحياة البشرية والاجتماعية. وتابع سيادته موضحا أن البعد المجاني للحب الموجود ضمن الكنف العائلي، يجعل من الأسرة جزءا أساسيا من عملية التجاوب مع احتياجات البنين، خصوصا عندما يعاني هؤلاء من المرض.

وأشار أوزا إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غيتيريس الذي أكد أن معدل الوفيات لدى الأطفال يبقى مرتفعا جدا وهذا أمر غير مقبول، إذ أشارت المعطيات إلى وفاة خمسة ملايين وستمائة ألف طفل في العالم خلال العام 2016، ومعظم هؤلاء ماتوا لأسباب يمكن تفاديها. ومن هذا المنطلق لا بد من توفير رعاية خاصة للنساء والأطفال عن طريق تحسين الخدمات الصحية والاجتماعية بشكل يعود بالفائدة على العائلات.

مضى سيادته إلى القول إن الطفولة ونظرا لطبيعتها الهشة لديها احتياجات فريدة وواجبة. وفي طليعتها الحصول على تربية ملائمة وسط العائلة وفي المدرسة وضمن الجماعة. كما أنه يتعين على الدول أن تعزز ثقافةً تسمح للأطفال بالتمتع بالحق في التربية وباكتشاف دورهم ومسؤولياتهم في الإطار العائلي والاجتماعي. وهذا الأمر لا يتحقق إن لم يتم الإقرار بحق الوالدين في تربية أطفالهم تماشيا مع قيمهم الدينية والثقافية، لاسيما في المجالات حيث تكون الكرامة البشرية عرضة للخطر.

ولفت أوزا في هذا السياق إلى وجود ملايين الأطفال من جميع الأعمار والأعراق والثقافات والطبقات الاجتماعية يتعرضون اليوم للعنف والاستغلال وسوء المعاملة والانتهاكات في مختلف أنحاء العالم. وبالتي لا ينبغي التفريط بأي جهد من أجل خلق ثقافة توفّر الحماية للصغار وشرائح المجتمع الأشد هشاشة. وذكّر أيضا بأن الأطفال المهاجرين يُعتبرون من أشد الأشخاص ضعفا وهشاشة، خصوصا الصغار غير المرافقين والذين غالبا ما تداس حقوقهم الأساسية، ويفتقرون إلى الوثائق الثبوتية ويعيشون بعيدا عن أنظار العالم وهم عرضة لشتى أنواع الانتهاكات.

في ختام مداخلته أكد مراقب الكرسي الرسولي الدائم في نيويورك أن الأطفال يمثلون الهشاشة والأمل في الآن معا، معتبرا أن تعزيز وصون حقوق الأطفال هما من أبرز التحديات الاجتماعية المطروحة اليوم أمامنا ولا بد أن يبقى هذا الهدف محطا للأنظار، خصوصا لأن المستقبل يعتمد على الصغار وعلى كيفية إعداد هؤلاء الأطفال ليعيشوا حياتهم عندما سيصبحون بالغين. وفقط من خلال وضع التنمية المتكاملة في صلب العائلة يمكن بناء الأمل بالمستقبل وتحقيق التناغم بين الأجيال لأن الأطفال هم فرح العائلة والمجتمع وهم عطية فريدة.

12 أكتوبر 2018, 12:22