بحث

قداسة البابا فرنسيس قداسة البابا فرنسيس 

البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في المجمع العام لرهبنة خدام مريم

الاقتداء بمريم، العمل اليومي من خلال قداسة الحياة على أن يكونوا علامة رجاء، أهمية الأخوّة والشركة والوحدة، هذا من بين أهم ما شدد عليه قداسة البابا فرنسيس في الكلمة التي سلمها ظهر اليوم إلى أعضاء وفد من رهبنة خدام مريم استقبلهم في القصر الرسولي في ختام المجمع العام للرهبنة.

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم في القصر الرسولي وفدا من رهبنة خدام مريم وذلك في ختام أعمال المجمع العام للرهبنة. وفي بداية كلمته التي سلمها إلى ضيوفه رحب الأب الأقدس بالجميع وشكر الرئيس العام على كلمته، ثم توقف عند أصول هذه الرهبنة التي نشأت ونمت في مدينة فلورنسا في القرن الثالث عشر. وتحدث البابا عن كون هذه الرهبنة مكرسة لمريم العذراء، مشيرا إلى عيش الرهبان هذا بمحاكاة مريم في الحياة اليومية، هذا إلى جانب كون الدراسة اللاهوتية الرعوية لشخصية مريم الناصرية جزءً لا يتجزأ من دعوتهم، وهو ما ينقلونه من خلال التعليم في كلية ماريانوم الحبرية اللاهوتية. وتحدث قداسة البابا عن شهادة رهبان هذه الجمعية للإنجيل أيضا بالخدمة والرسالة، وأضاف أنهم يسعون في هذا المجال إلى الاحتذاء بمثل مريم في أربعة تصرفات: حين توجهت عقب البشارة لمساعدة أليصابات، حين حصلت من يسوع في عرس قانا الجليل على تحويل الماء إلى خمر، حين ظلت أسفل صليب يسوع ممتلئة بالإيمان والألم، ثم حين صلت في العلية مع التلاميذ بانتظار الروح القدس. وتابع البابا فرنسيس حديثه إلى ضيوفه مؤكدا أنهم مدعوون دائما، وانطلاقا من هذه اللحظات المريمية الأربع، إلى التعمق في الكاريزما المؤسِّسة من أجل تحقيقها، وذلك للتمكن من الرد برجاء على التحديات التي يطرحها عالم اليوم أمام الكنيسة وأيضا أمام رهبنة خدام مريم. وذكّر قداسة البابا هنا بالموضوع محور المجمع العام للرهبنة وهو "خدام رجاء في عالم متغير".

عاد الأب الأقدس بعد ذلك إلى ما وصفه بعنصر هام في تاريخ هذه الرهبنة مشيرا إلى نجاح المؤسسين السبعة القديسين في عيش الجبل والمدينة، فقد انطلقوا من فلورنسا صاعدين جبل سيناريو حيث عاشوا الخبرة العميقة المتمثلة في لقاء مَن هو الرجاء، يسوع المسيح. ثم نزلوا من الجبل ليستقروا في منطقة على أبواب مدينة فلورنسا، أي في ضاحية المدينة، وذلك للالتزام في العمل اليومي والشهادة وخدمة المجتمع والكنيسة. ودعا البابا فرنسيس إلى قراء مسيرة مؤسسي الرهبنة هذه في ضوء رواية الإنجيلي لوقا للتجلي، وتابع قداسته أن المؤسسين الأقوياء بخبرة الله نزلوا إلى عمق التاريخ متجددين في داخلهم، وهكذا يمكنهم أن يعيشوا الإنجيل مجيبين على احتياجات الناس، الأخوة والأخوات الذين يسألون أن يُستقبلوا ويُدعموا ويرافَقوا ويساعَدوا في حياتهم. وبالعودة إلى هذه الخبرة الفريدة للمؤسسين على الصعيد الإنساني وعلى صعيد الدعوة يصبح الرهبان خدام مريم بدورهم أشخاص رجاء قادرين على إبعاد الخوف الذي يؤلم القلوب أحيانا، وذلك حتى في الجماعات الرهبانية. وأشار قداسة البابا هنا على سبيل المثال إلى تراجع الدعوات في بعض مناطق العالم، وإلى مشقة أن نكون أوفياء ليسوع وللإنجيل في بعض الظروف والأطر. وأكد البابا فرنسيس أن الرب وحده هو الذي يمَكننا من أن نحمل إلى كل مكان، من خلال قداسة الحياة، الرجاء ونظرة ثقة. وأشار قداسة البابا إلى الدعوات في المناطق الجديدة التي تَوجه إليها رهبان الجمعية، ودعا ضيوفه إلى الفرح أمام الجمال والجديد الثقافي والروحي للكثير من الشعوب التي أُرسلوا إليها لإعلان الإنجيل.  

وفي حديثه عن الرجاء قال البابا فرنسيس إن كوننا أشخاص رجاء يعني تنمية الحوار والشركة والأخوّة والتحلي بالشجاعة لمواجهة بعض تحديات اليوم، ومن بينها على سبيل المثال الاستخدام غير المسؤول لوسائل الاتصالات والتي يمكنها، إلى جانب نقل الأنباء الجيدة، أن تدمر كرامة الأشخاص وأن تُضعف الانطلاق الروحي وأن تجرح الحياة الأخوية، وتحدث قداسته هنا عن التربية على استخدام إنجيلي لهذه الوسائل. تحدٍ آخر أشار إليه البابا فرنسيس هو التعددية الثقافية، وقال إن الجماعات الرهبانية الكاثوليكية قد أصبحت "مختبرات" من وجهة النظر هذه، ولا يخلو هذا بالطبع من مشاكل، حيث تقدم هذه الجماعات للجميع علامة واضحة لملكوت الله الذي يُدعى إليه الجميع من خلال إنجيل الخلاص الوحيد. وأضاف قداسته أنه ليس بالسهل عيش التنوع البشري في انسجام لكن هذا يصبح ممكنا ويكون مصدر فرح حين نوفر فسحة للروح القدس.

وفي ختام كلمته المسلَّمة إلى أعضاء وفد رهبنة خدام مريم الذين استقبلهم ظهر اليوم في القصر الرسولي في ختام مجمعهم العام أعرب قداسة البابا فرنسيس عن الرجاء في أن تكون جماعاتهم أيضا علامات للأخوّة ومدارس للاستقبال والدمج، وأماكن انفتاح وعلاقات، مضيفا أنه من خلال هذه الشهادة سيساهمون في إبعاد الانقسام والاستبعاد والأحكام المسبقة، الحواجز الثقافية والإثنية واللغوية وجدران الفصل. ويتطلب هذا أن يكون رهبان هذه الجماعات، ومثل مؤسسي الرهبنة، رجال شركة وأخوّة ووحدة. ثم طلب قداسة البابا أن تحفظ مريم العذراء فرح الإنجيل في قلوب ضيوفه، وبارك رهبان الجمعية جميعا والجماعات الموكلة إليهم طالبا من الحضور الصلاة من أجله.  

25 أكتوبر 2019, 14:44