بحث

البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان  

البابا يصلّي من أجل السلام في العائلات

في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا البابا فرنسيس يصلّي بشكل خاص من أجل العائلات لكي تحافظ على سلامها الداخلي وفرحها وقوّتها خلال هذه المرحلة العصيبة.

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان متابًعًا صلاته على نيّة مرضى الكورونا ورفع الصلاة بشكل خاص على نيّة العائلات والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وقال نتابع صلاتنا من أجل مرضى هذا الوباء. وأريد اليوم أن أطلب صلاة خاصة من أجل العائلات ولاسيما تلك التي وجدت نفسها بين يوم وآخر مع أطفالها في البيت لأنّ المدارس قد أُغلقت وعليهم أن يتعاملوا مع هذه الأوضاع الصعبة بسلام وفرح. أفكّر أيضًا بشكل خاص بالعائلات التي نجد بين أعضائها أشخاصًا ذوي احتياجات خاصة لاسيما وأنَّ مراكز استقبال الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة قد أُغلقت أيضًا ويجب على هؤلاء الأشخاص أن يبقوا في عائلاتهم. نرفع صلاتنا من أجل العائلات لكي لا تفقد سلامها في هذه المرحلة وتسير قدمًا بقوّة وفرح.

وإذ توقّف عند الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من الإنجيلي لوقا والذي يخبرنا مثل الابن الشاطر قال الأب الأقدس لقد سمعنا هذا المقطع من الإنجيل مرات عديدة. يكتب القديس لوقا:"كانَ العَشّارونَ وَالخاطِئونَ يَدنونَ مِن يَسوعَ جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه. فَكانَ الفِرّيسِيّونَ وَالكَتَبَةُ يَقولونَ مُتَذَمِّرين: "هَذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ وَيَأكُلُ مَعَهُم". فَضَرَبَ يَسوعُ لَهُم هَذا المَثَل". ماذا كان هؤلاء الأشخاص يقولون؟ لقد كان الخطأة يقتربون من يسوع بصمت لأنّهم ما كانوا يعرفون ماذا يقولون له، ولكنَّ حضورهم يقول لنا أمورًا كثيرة، لقد كانوا يرغبون في الإصغاء إليه. وماذا كان يقول الفريسيون والكتبة: كانوا يتذمّرون وكانوا يعملون على إزالة التأثير الذي كان يملكه يسوع على الناس، ولذلك كانوا يتّهمونه قائلين: "هَذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ وَيَأكُلُ مَعَهُم".

تابع الحبر الأعظم يقول وهذا المثل هو نوعًا ما شرح لهذه المأساة. ماذا كان يشعر هؤلاء الأشخاص؟ لقد كانوا يشعرون بالحاجة للخلاص، ولكن لم يكن بإمكانهم أن يميّزوا جيّدًا، كانوا يحتاجون لمرشد وراعٍ. ولذلك كانوا يقتربون من يسوع لأنّهم كانوا يرون فيه راعيًّا ويحتاجون لمن يساعدهم على السير في الحياة. أما علماء الشريعة فكانوا يشعرون بالاكتفاء كمن يقول: "نحن قد تعلّمنا ونعرف ما تقوله الشريعة وجميع شروحاتها وتفسيراتها وجميع الحالات بمقتضياتها؛ فكانوا يزدرون الناس ولاسيما الخطأة وهذا ما يقولونه في المثل أيضًا.

أضاف البابا فرنسيس يقول قال الابن لأبيه: "يا أَبَتِ أَعطِني النَّصيبَ الَّذي يَعودُ علَيَّ مِنَ المال" وسافر. فأعطاه الأب نصيبه ولم يقل شيئًا لأنّه أب، ولربما قد تذكّر أيضًا بعض تصرفاته الصبيانية التي قام بها في شبابه ولكنّه لم يقل شيئًا. إن الأب يعرف كيف يتألّم بصمت، ويعرف كيف ينظر إلى الوقت، فيترك الأوقات السيئة تمرّ، ولذلك غالبًا ما يأخذ الأب دور "الغبي" إزاء نواقص أبنائه. لقد وبخ الابن الأكبر أباه واصفًا إياه بالغير عادل. فما كان إذًا شعور شخصيات هذا المثل؟ لقد كان الابن الأصغر يرغب في اكتشاف العالم والخروج من البيت للذهاب أبعد ربما لأن إقامته في البيت كانت كالإقامة في السجن وكان ممتلئًا من ذاته لدرجة سمحت له بأن يقول لأبيه: " أَعطِني النَّصيبَ الَّذي يَعودُ علَيَّ مِنَ المال"، لقد كان يشعر بالقوّة والشجاعة. لكن ما كان شعور الأب؟ شعر الأب بالألم والحنان وبحب كبير. من ثمّ عندما قال الابن الأصغر في نفسه: "أَقومُ وأَمضي إِلى أَبي" وجد أباه في انتظاره، أب رآه فيما كان لا يزال بعيدًا. إنه أب يعرف كيف ينتظر أوقات أبنائه.

تابع الحبر الأعظم يقول ماذا كان يشعر الابن الأكبر؟ يقول لنا الإنجيل أنّه غضب، لقد شعر بنوع من الظلم. وغالبًا ما يكون هذا الشعور الأسلوب الوحيد لبعض الأشخاص لكي يشعروا بأنهم يستحقون شيئًا ما. هذه هي الأمور التي قيلت في هذا المقطع من الإنجيل والتي شعرت بها الشخصيات، ولكن ما هي المشكلة؟ نبدأ بالابن الأكبر، مشكلته كانت بأنه بقي في البيت ولكنّه لم يتنبّه أبدًا لمعنى العيش في البيت: لقد كان يقوم بواجباته وعمله ولكنّه لم يفهم علاقة الحب مع الأب. يقول لنا الإنجيلي: "فغَضِبَ وأَبى أَن يَدخُل"، ربما فكر في نفسه "هذا البيت لم يعد بيتي..." وكذلك أيضًا فكر علماء الشريعة والكتبة: "لم يعد هناك نظام، لقد جاء هذا الخاطئ وأقاموا له احتفالاً...". لكنّ الأب قال كلمة واضحة: "يا بُنَيَّ، أَنتَ مَعي دائمًا أبدًا، وجَميعُ ما هو لي فهُو لَكَ" وهذا ما لم يفهمه الابن الأكبر، لقد كان يعيش في البيت كمن يعيش في فندق بدون أن يشعر بتلك الأبوة.

أضاف الأب الأقدس يقول من المهمّ أن الأب لم يقل شيئًا للابن الذي عاد عن خطيئته بل قبّله وعانقه واحتفل بعودته، ولكن كان عليه أن يشرح كل شيء للابن الأكبر لكي يدخل إلى قلبه: لقد كان قلبه مغلقًا بسبب قناعاته حول الأبوّة والبنوة وطريقة العيش. أذكر مرّة كاهنًا مسنًا وحكيمًا، معرف كبير ومرسل، رجل يحب الكنيسة جدًّا، كان يتكلّم عن كاهن شاب واثق جدًّا من نفسه ويعتبر أنّ لديه حقوقًا في الكنيسة وقال: "أصلي لكي يسمح الرب بأن يسقط، لأن هذا الأمر سيساعده لأنه بحاجة لأن يطلب المغفرة ويجد الآب".

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول يقول لنا هذا الأمثل أمورًا كثيرة عن الرب كجواب للذين كانوا ينتقدونه لأنّه كان يعاشر الخطأة؛ ولكن هناك اليوم أيضًا عدد كبير من الأشخاص، داخل الكنيسة، ينتقدون الذين يقتربون من المعوزين والمتواضعين والأشخاص الذين يعملون لأجلنا أيضًا. ليمنحنا الرب هذه النعمة لكي نفهم ما هي المشكلة. مشكلة أن نعيش في البيت بدون أن نشعر بأننا في البيت بسبب غياب علاقة الأبوة والأخوّة إذ هناك فقط علاقة زملاء عمل. 

14 مارس 2020, 13:02
اقرأ الكل >