بحث

البطريرك الماروني: كيف نستطيع مع شعبنا الذي تكويه الأزمات أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس الأربعاء الماضي البطريرك الماروني: كيف نستطيع مع شعبنا الذي تكويه الأزمات أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس الأربعاء الماضي 

البطريرك الماروني: كيف نستطيع مع شعبنا الذي تكويه الأزمات أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس الأربعاء الماضي

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأحد الثامن عشر من حزيران يونيو القداس الإلهي في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة قال فيها "يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية، وبأبوّة الله لنا، وبنوّتنا له. وفي المناسبة نحتفل بعيد الأب الذي ينظمه مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدائرة البطريركية".

ألقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة بعنوان "ابتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21)، وقال "يطيب لي أن أهنئ كل أب في لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار. والمعايدة إقرار بتضحيات كل أب. فالأب هو جسر البيت والعائلة، يعمل في سبيلهما ويضحي. وبعنايته يعكس أبوّة الله. وعندما يصبح جَدًّا يزداد حبًا وحنانًا لأحفاده. إننا نصلّي على نية كل أب سائلين الله أن يعضده بنعمته. ونذكر في صلاتنا كل أب سبق عائلته إلى بيت الآب". "ابتهج يسوع بالروح القدس وصلّى" (لو 10: 21). الصلاة هي ابتهاج بالروح القدس. ما يعني أن الروح يعلّمنا كيف نصلّي. وهو الذي ينعش صلاتنا. الصلاة ثلاثة أنواع: الصلاة اللفظية بالكلمات للشكر والتسبيح والطلب والإستغفار. والصلاة الـتأملية حول نص من الإنجيل، وهي ضرورة في حياتنا لكي نتقبّل كلمة الله في قلوبنا فتعطي ثمارها. والصلاة العقلية الصامتة أمام القربان في حالة إصغاء لما يقول لنا الروح (راجع كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 2697-2719)."صلاتنا النابعة من الروح القدس ترتوي من ثلاثة ينابيع"، قال غبطته، "ينبوع كلمة الله التي يخاطبنا الله بها، هي تعلّمنا أن نجيبه بالصلاة. من لا يسمع كلمة الله لا يصلي. لأنه لا يعرف كيف يصلّي. وينبوع الليتورجيا التي تحييها الكنيسة ونحن نشارك فيها، فتجعل صلاتنا كنسيّة وتدخلنا في شركة مع الله الواحد والثالوث، ومع الإخوة. وينبوع الفضائل الإلهية: فمن باب الإيمان بصلاتنا نبحث بتوق عن وجه الله؛ ومن باب الرجاء نصلّي منتظرين تجليات الله في حياتنا وفي التاريخ؛ ومن باب المحبة تأخذ صلاتنا حرارة تتذوّقها وتثابر عليها".

وأشار البطريرك الراعي إلى أن "كل هذا يعني أن الصلاة هي أوكسيجين النفس، فلا يستطيع أحد من دونها أن يقيم علاقة سليمة مع الله والناس، وبخاصة إذا كان صاحب مسؤولية في الكنيسة والعائلة والمجتمع والدولة. فالمسؤول الذي لا يصلّي، لن يتمكّن من سماع صوت الله في ضميره، ولا أنين من هم في دائرة مسؤوليته. أليس هذا أصل أزمتنا السياسية في لبنان وما يتفرّع عنها من أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية واجتماعية وإنمائية؟ المسؤولية هي نوع من الأبوّة". "كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطي بدم بارد، وتوسّع جرح الانقسام والإنشطار، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى شد أواصر الوحدة الداخلية؟ أهكذا نحتفل بمئوية لبنان المميز بميثاق العيش معًا مسيحيين ومسلمين، وبالحريات العامة، والديمقراطية، والتعددية الثقافية والدينية في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيته، ونجرّده من رسالته في بيئته العربية؟ فلا بد من عودة كل مسؤول إلى الصلاة والوقوف في حضرة الله بروح التواضع والتوبة والإقرار بخطئه الشخصي، لكي يصحح خطأه، ويتطلّع إلى حاجة الدولة والمواطنين من منظار آخر".

وفي ختام عظته، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "فلنجدّد، أيها الإخوة والأخوات الأحباء، إيماننا بالصلاة والتزامنا بها لكي نتمكن من عيش الشركة مع الله والناس بالمحبة والحقيقة. للثالوث المجيد، الآب والإبن والروح القدس، كل مجد وشكر وتسبيح إلى أبد الأبدين، آمين".

19 يونيو 2023, 14:15