بحث

2023.03.27 Messa Patriarca Maronita Card.Bechara Rai- Bkerke - Libano- Domenica 26 marzo 2023

البطريرك الماروني: الإيمان نور البصيرة الداخلية بصيرة العقل والقلب والضمير

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي يوم الأحد السادس والعشرين من آذار مارس في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "يا ابن داود، إرحمني" (مر ١٠: ٤٧) في أحد الأعمى.

استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "إن طيما الأعمى منذ مولده، هو شحاذ يجلس على قارعة الطريق، بل على هامش الحياة، يستعطي مالًا من المارة. لـمّا سمع من الجمع أن الذي يمر وهم معه، هو "يسوع الناصري"، فما كان منه إلّا أن ناداه باسمه البيبلي وبرسالته صارخًا: "يا ابن داود، إرحمني"(مر 10: 47). هذا دليل أن ذاك الأعمى كان المبصر الوحيد بين تلاميذ يسوع والجمع الكثير الذين كانوا ينتهرونه ليسكت. أما مناداته فوقعت في صميم قلب يسوع. فاستدعاه وسأله: "ماذا تريد أن أصنع لك؟" فأجابه من دون تردد: "يا معلّمي أن أبصر!" (مر 10: 50).  لم يطلب نقودًا، بل طلب بصرًا. فيسوع هو المسيح إبن داود الحامل رحمة الله إلى العالم، وشافي العميان بهبة البصر. هذا كان إيمان المبصر. في الواقع أجابه يسوع: "إذهب، إيمانك أحياك". وللحال أبصر وانطلق في الطريق (مر 10: 52)". وأضاف غبطته "نلتمس اليوم هبة الإيمان بالمسيح - النور بشخصه وكلامه وآياته، ونطلب الشفاء من عمى البصيرة في العقل والقلب والضمير. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهية في هذا الأحد الأخير من زمن الصوم، ونحن نستعدّ لإستقبال يسوع ملكنا الوحيد في أحد الشعانين، وللولوج معه في أسبوع آلامه المقدسة لفداء خطايانا وخطايا البشرية جمعاء، ولخلاص نفوسنا".

في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك الراعي "كان أعمى أريحا مبصرًا بإيمانه أن يسوع قادر على أن يشفيه من عمى عينيه المنطفئتين، لأنه هو النور. هذا يعني أن الإيمان نور البصيرة الداخلية، بصيرة العقل والقلب والضمير. من يفقد هذه البصيرة الداخلية كان أعمى حقا. وما أكثر عميان هذا الدهر! عقلهم لا ينظر بالعينين الجسديتين سوى منابع مصالحهم وشهواتهم وأنانياتهم. وقلبهم لا ينبض إلّا بالكبرياء والحقد والكراهية والعداء. وضميرهم لا يسمع سوى صوت التعدي على شريعة الله ورسومه. كم نحن جميعا بحاجة إلى فضيلة التواضع لنقرّ بعمى بصيرتنا الداخلية، ونلتمس "البصر الحقيقي". لقد وهب الله كل إنسان ثلاث فضائل: الإيمان لإنارة العقل بالحقيقة؛ والرجاء لثبات الإرادة في نور الحقيقة، وفعل الخير؛ والمحبة لإمتلاء القلب بالمشاعر الإنسانية. فليفحص كل شخص ضميره بدقة إذا ما كان مصابًا بالعمى على مستوى هذه الفضائل".

وأشار غبطته إلى أنه "لا يقل خطورة عن هذا العمى الروحي العمى السياسي الذي تسبب وما زال يتسبب بانهيار لبنان المتصاعد اقتصاديا وماليا واجتماعيا، حتى صُنّف في الموقع 136 قبل البلد الأخير في سوء العيش. لبنان "سويسرا الشرق"، هكذا أصبح اليوم. هذا العمى السياسي، النابع من الكبرياء والأنانية والمصالح الخانقة والأهداف الخبيثة، جعل الكتل النيابية ومن وراءها من النافذين يمعنون، من دون أي وخز ضمير، في عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لكي لا تنتظم المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي الفاقد صلاحية التشريع والمساءلة والمحاسبة، والحكومة الفاقدة صلاحية عقد جلساتها لاتخاذ القرارات الإجرائية بموجب الدستور. لماذا؟ أيها السادة، توجهون مسؤوليتكم الدستورية إلى خراب الدولة وحرمانها من الإصلاحات ومن مواردها؟ أتؤثرون العمى السياسي عمدًا، ولا تريدون أن تشفوا منه؟ ألأنكم فعلًا تريدون خراب لبنان وقتل شعبه ماديا ومعنويا؟ فيا لسوء الزمان الذي أوصلكم إلى حيث أنتم من احتلال بكل معنى الكلمة للدولة ولمقاليدها! لكن اعلموا أن "الظلم لا يدوم"، وأن "الظالم يبلى بأظلم!" كما يعلّمنا التاريخ".

وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "مهما اشتدّت ظلمة القهر والفقر والجوع والخراب، إن المسيح، "نور العالم" (يوحنا 8: 12) سيبدد هذه الظلمة من دون إبطاء، كما يشاء وعندما يشاء. ولنبقَ نهتف مع الكنيسة: "تعالَ، أيها الرب يسوع!" (رؤيا 22: 20). فأنت، كما وعدت: "آتٍ لتجعل كلّ شيء جديدًا" (رؤيا 21: 5). لك التسبيح والشكر مع الآب والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

27 مارس 2023, 12:14