بحث

DSC01174.jpg

مقابلة مع الكاردينال هوليريش رئيس لجنة مجالس أساقفة الاتحاد الأوروبي

الحرب في أوكرانيا وما تقوم به الكنيسة من أجل مساعدة المتضررين منها، التحديات المختلفة التي تواجه القارة الأوروبية، وضرورة الحوار من أجل خير وسلام أوروبا وسكانها. هذا ما تحدث عنه رئيس لجنة مجالس أساقفة الاتحاد الأوروبي الكاردينال جان كلود هوليريش في مقابلة أجرتها معه إذاعة الفاتيكان عقب استقبال البابا فرنسيس له.

أجرت إذاعة الفاتيكان مقابلة مع الكاردينال جان كلود هوليريش رئيس لجنة مجالس أساقفة الاتحاد الأوروبي وذلك عقب استقبال قداسة البابا له صباح الاثنين ١٢ كانون الأول ديسمبر. وفي إجابته على سؤال حول لقائه الأب الأقدس قال رئيس اللجنة إن لقاء البابا هو دائما مصدر فرح لما يميز البابا فرنسيس من مودة، هذا إلى جانب محبة قداسته لأوروبا وتثمينه للتكامل الأوروبي ورؤيته لأوروبا كعامل سلام في العالم. وتابع أننا، ومع الأسف، نشهد الحرب في أوروبا، وأشار إلى تطرق الحديث مع الأب الأقدس حول أوكرانيا وذلك لأن قلب البابا فرنسيس وقلوبنا مع الشعب الأوكراني الذي تعرَّض إلى الهجوم، وهناك يوميا مَن يموت، وأيضا مَن يعاني من البرد ومَن ليس لديه ما يأكل، وهذه أمور مؤلمة.

وعما حاولت الكنائس في أوروبا القيام به من أجل إنهاء هذه المأساة، وفي المقام الأول لمساعدة أكثر الأشخاص معاناة ومَن يضطرون إلى ترك بلدهم، قال الكاردينال هوليريش إنه قد كان هناك في البداية عمل للكنائس كلُّ في بلدها من أجل استقبال اللاجئين الأوكرانيين. وأشار هنا إلى أنه يستضيف شخصيا عائلة أوكرانية ويسعده أن يحتفل معها بعيد الميلاد. وتابع أننا ككنيسة لا يمكننا القبول بهذه الحرب وعلينا دائما إطلاق مبادرات من أجل بلوغ هدنة، من أجل السلام. وأضاف أنه من الطبيعي أن الكنيسة الكاثوليكية لا يمكنها العمل بمفردها، ولهذا فهناك تعاون مع مجلس كنائس أوروبا الذي يجمع أيضا كنائس أرثوذكسية وبروتستانتية وأنغليكانية، وقد توجه ممثلو الكنائس معا إلى بولندا للتعرف على استقبال اللاجئين كما يعملون من أجل السلام. إلا أننا لسنا دبلوماسيين، قال رئيس اللجنة، لكننا نفعل كل ما يمكن، وهذا واجب إزاء الله والبشرية.

وفي إجابته على سؤال حول تحدي إعادة بناء النسيج الاجتماعي في أوكرانيا عقب الحرب قال الكاردينال جان كلود هوليريش إنه إلى جانب إعادة بناء النسيج الاجتماعي يجب التوصل إلى مصالحة مع روسيا. وأشار في هذا السياق إلى خبرة ما بعد الحرب العالمية الثانية في بلده لوكسمبورغ والتي كانت خبرة أليمة حيث كان كثيرون يحملون مشاعر الكراهية إزاء المانيا، إلا أن الأمور قد تغيرت، فألمانيا اليوم بلد صديق ويرحَّب بالألمان في لوكسمبورغ. من الضروري بالتالي بلوغ الأمر ذاته بين أوكرانيا وروسيا، أي مصالحة والتوصل إلى سلام يمَكن الطرفين من حفظ ماء الوجه وإلا فلن يكون السلام ممكنا، إلا أن هذا سيكون ثمرة حوار طويل جدا، قال رئيس اللجنة معربا عن الرجاء في التمكن من دخول هذه المرحلة.

هذا وتطرقت المقابلة إلى تحديات السنوات الأخيرة مثل جائحة كوفيد ١٩ وقبلها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هذا إلى جانب التغيرات داخل المؤسسات الأوروبية. وتحدث الكاردينال هوليريش في هذا السياق عن خبرة جميلة بالنسبة له أي الحوار مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن خروج بريطانيا كان أمرا سلبيا حيث كانت هناك قبل ذلك في المقابل دول كثيرة تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أننا رأينا أن خروج بريطانيا لم يكن في صالحها كما كانت تعتقد، وهذا مؤشر جيد للدول الأخرى التي قد تفكر في الخروج من الاتحاد، لقد كانت هذه علامة إنذار، فالأمور ليست بمثل هذه البساطة، وتحدث رئيس لجنة مجالس الأساقفة بالتالي عن ترابط وتداخل اقتصادات الدول الأوروبية. أشار من جهة أخرى إلى أنه في داخل اللجنة كان هناك أسقف ممثل لمجلس أساقفة إنجلترا وويلز وآخر لمجلس أساقفة اسكتلندا، وقد صوتت مجالس الأساقفة لصالح مواصلة مشاركتهما في لقاءات اللجنة كمدعوين. وواصل الكاردينال هوليريش مشددا على أهمية توصل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى تعايش سلمي ومساعدة متبادَلة لا تنافس، وذلك لأن شعوب أوروبا يجب أن تنعم بالتقدم والسلام والرخاء وعلينا التفكير في أجيال المستقبل. وذكَّر في هذا السياق بأنه لا يمكن لأحد ان ينجو بمفرده، وعاد إلى خبرة الجائحة مشيرا إلى النزعات القومية في البداية ورغبة كل بلد في العمل بمفرده، إلا أن هذا لم يُكتب له النجاح.

ومن بين المواضيع الأخرى التي تحدث عنها رئيس لجنة مجالس أساقفة الاتحاد الأوروبي أهمية كون الكنيسة في حوار مع العالم انطلاقا من العقيدة الاجتماعية للكنيسة. توقف الكاردينال جان كلود هوليريش أيضا عند العلمنة التي تشكل تحديا في أوروبا، وشدد هنا أيضا على أهمية الحوار مشيرا إلى الاتصالات مع الأحزاب كافة انطلاقا من الرغبة في العمل من أجل الخير العام لأوروبا ولصالح كل شخص في القارة، وسلط الضوء على الاهتمام بالشباب مشيرا إلى تأسيس مجلس للشباب في لجنة مجالس الأساقفة. وفي سياق حديثه عن الأجيال القادمة قال إن التعددية الثقافية ليست خطرا بل هي توفر إمكانية الانفتاح على آفاق جديدة وبلوغ تقدم مشترك للبشرية، وأشار في هذا السياق إلى أهمية الرسالة العامة للبابا فرنسيس Fratelli tutti.

13 ديسمبر 2022, 13:08