رئيس الأساقفة باليا يدعو أوروبا إلى البقاء وفية لرسالة الإنجيل والتعامل بإنسانية مع المهاجرين رئيس الأساقفة باليا يدعو أوروبا إلى البقاء وفية لرسالة الإنجيل والتعامل بإنسانية مع المهاجرين  

رئيس الأساقفة باليا يدعو أوروبا إلى البقاء وفية لرسالة الإنجيل والتعامل بإنسانية مع المهاجرين

شكلت وفاة طفل سوري يبلغ سنة واحدة من العمر نتيجة البرد، شكلت رمزاً لمأساة المهاجرين واللاجئين العالقين منذ أسابيع على الحدود الفاصلة بين بيلوروسيا وبولندا. عن هذا الموضوع حدثنا رئيس الأساقفة فنشنسو باليا، رئيس الأكاديمية البابوية للحياة، معتبرا أن ما جرى يحاكي ضمير القارة الأوروبية برمتها، والتي بدأت تنسى تقاليدها اليهودية – المسيحية وتلك الإنسانية.

يسعى هؤلاء المهاجرون إلى دخول أراضي الاتحاد الأوروبي وهم يعيشون في ظروف إنسانية صعبة جدا. وقد تمت مؤخرا إعادة المئات منهم إلى العراق، ومن المرتقب أن يُعاد حوالي خمسة آلاف آخرين خلال الأيام المقبلة. وعلى أثر اتصال هاتفي تم بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل ورئيس بيلوروسيا ألكسندر لوكاشنكو تم الاتفاق على فتح ممر إنساني يسمح لحوالي ألفي نازح بالوصول إلى ألمانيا. في غضون ذلك تم إخلاء المخيم الذي أُقيم على معبر كوزنيكا، بعد أن تم نقل سكانه إلى مبنى يحميهم من البرد القارس. وفي بولندا أقدمت الأجهزة الأمنية على اعتقال خمسة وأربعين مهاجراً تمكنوا من عبور الحدود، وهم ينتمون إلى مجموعة تمكنت من اختراق الأسلاك الشائكة الفاصلة بين البلدين. وقد أُضيفت إلى معاناة هؤلاء الأشخاص مأساة جديدة ألا وهي وفاة طفل سوري في عامه الأول، الذي كان يتواجد مع عائلته منذ أيام في بيلوروسيا، داخل أحد الأحراج القريبة من الحدود البولندية. ويبدو أنه ذهب ضحية البرد.

للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع رئيس الأساقفة باليا الذي أكد أن المآسي التي يقع ضحيتها الأبرياء لم تتوقف. وتحدث عن قساوة القارة الأوروبية التي لم تتمكن لغاية اليوم من توفير الحلول لتلك الأعداد من الرجال والنساء والأطفال الباحثين عن مكان آمن وعن مستقبل أفضل. ولفت إلى أن موت الطفل السوري يشكل بحد ذاته فضيحة لا يمكن أن يغض سكان القارة الأوروبية الطرف عنها. وتوقف سيادته عند النداءات الكثيرة التي أطلقها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، مسلطا الضوء على الجذور المسيحية لأوروبا، وهي قارة استقبلت أعدادا كبيرة من المهاجرين على مر العصور. واعتبر باليا أن القارة القديمة لا تتنكر لتاريخها وحسب إنما لمصدر إلهامها العميق، ألا وهي الجذور اليهودية – المسيحية، فضلا عن التقاليد الإنسانية التي جعلت من الضيافة ركناً من أركان الثقافة الأوروبية.

رداً على سؤال حول ما ينبغي فعله من أجل الحيلولة دون تكرار المآسي التي يذهب ضحيتها المهاجرون، ومن بينهم أيضا الطفل السوري أيلان الذي وُجد جثة هامدة على أحد الشواطئ التركية، قال رئيس الأكاديمية البابوية للحياة إن الحل يبدأ من التغلّب فوراً على اللامبالاة التي وصفها البابا فرنسيس بالتصرف الشيطاني، لأنها تنبذ الحياة، حتى حياة الأشخاص الضعفاء ومن يريدون إسماع صوتهم. وقال رئيس الأساقفة باليا إن القارة الأوروبية التي تتنفس الرسالة المسيحية منذ عشرين قرنا، مدعوة اليوم لأن تنتفض لصالح الإنسانية المشتركة، التي زرعها الإنجيال في تقاليد الشعوب الأوروبية، مذكرا بأن القارة تتنفس برئتيها الغربية والشرقية، كما كان يكرر البابا يوحنا بولس الثاني. واعتبر سيادته أن أوروبا تواجه اليوم خطر الموت بسبب اللامبالاة، التي أصبحت خطية أصلية يصعب أن يُبنى عليها مستقبل القارة.

هذا ثم تمنى رئيس الأساقفة باليا أن تعود أوروبا لتتنفس برئتيها بفضل التقليدين الكبيرين اللذين جعلا منها قارة رائدة على مدى القرون، وذلك أيضا على صعيد عولمة الأخوّة والتضامن، وعلى الرغم من كل المشاكل والذنوب التي حصلت في الماضي أبصرت النورَ الأنسنة الجديدة، المستلهمة من الإنجيل، والموجهة إلى العالم كله. وختم رئيس الأكاديمية البابوية للحياة حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني قائلا إن الزمن الذي نعيش فيه اليوم يحتاج إلى تحمل هذه المسؤوليات، وبالتالي لا نستطيع أن ننغلق على أنفسنا، وأن نقفل الحدود في وجه رجال ونساء وأطفال يقرعون أبوابنا بحثا عن مستقبل أفضل. 

20 نوفمبر 2021, 11:55