الكاردينال بارولين في موناكو بمناسبة الذكرى الأربعين للاتفاقية بين إمارة موناكو والكرسي الرسولي الكاردينال بارولين في موناكو بمناسبة الذكرى الأربعين للاتفاقية بين إمارة موناكو والكرسي الرسولي 

الكاردينال بارولين في موناكو بمناسبة الذكرى الأربعين للاتفاقية بين إمارة موناكو والكرسي الرسولي

يزور أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان إمارة موناكو من السابع عشر وحتى التاسع عشر من تموز يوليو الجاري؛ نظرة تاريخية حول الكثلكة في الإمارة وعلاقاتها مع روما.

بمناسبة الذكرى السنوية الأربعين على توقيع الإتفاقية بين الكرسي الرسولي وإمارة موناكو، يزور الكاردينال بييترو بارولين أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان ثاني أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان في زيارة لا سابق لها. وقد ترأس عند الساعة العاشرة والنصف من صباح الأحد قداسًا إلهيًّا في كاتدرائية موناكو، على أن يلتقي بعد الظهر بكهنة الأبرشية ومؤمنيها من أجل صلاة الغروب.

كان ذلك في شهر تموز يوليو عام ١٩٨١ عندما وقع الكرسي الرسولي وإمارة موناكو الاتفاقية في الفاتيكان والتي تضمنت تخلي الأمير عن حقه في تعيين رئيس أساقفة الأبرشية، الذي عينته روما منذ ذلك الحين حصريًا. وفي الثلاثين من شهر تموز يوليو عام ١٩٨١، ومن خلال المرسوم الرسولي "haec" رفع البابا يوحنا بولس الثاني كرسي الأسقفية في موناكو إلى كرسي رئاسة أسقفية. وعلى مدى أربعة عقود، حافظ الكرسي الرسولي وإمارة موناكو على علاقات مميزة، تستند إلى تاريخ وخصائص متشابهة. الدولتان الصغيرتان ذوات السيادة، تبلغ مساحتهما ٤٤،٠ كيلومتر مربع للفاتيكان و٢ كيلومتر مربع بالنسبة لموناكو، والمسيحية هو دين للدولة. وواقع أن المسيحية هي مذكورة على هذا النحو في المادة التاسعة من دستور الإمارة هي حقيقة فريدة من نوعها في العالم. ميزة تتقاسمها موناكو مع جمهورية مالطا.

تتجاوز الطبيعة الطائفية لدولة موناكو الاتفاقات المختلفة. "إنه جزء من الحمض النووي لمؤسسات موناكو"، يوضح النائب العام في موناكو، المونسنيور غيوم باريس، على قناة يوتيوب الرسمية التابعة للأبرشية. فقد تمَّ تبنِّي مبادئ الكنيسة الكاثوليكية، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من هوية هذه الدولة، كأساس للمؤسسات والتشريعات. من الطبيعي أن تبقى حرية الضمير كما هي لما يزيد عن ٣٨ ألف نسمة؛ وهذا يعني بشكل ملموس أن موناكو تساهم في دعم الكنيسة ونشاطاتها. إن التعليم الديني هو إحدى المواد التي يتم تدريسها في المدارس الخاصة والعامة في الإمارة. وتشترك موناكو والكرسي الرسولي في الموقف عينه حول الإجهاض، حيث تدافع كلتا الدولتين بالتساوي عن الحياة منذ الحبل بها وحتى موتها الطبيعي. ويذكّر المونسنيور باريس في هذا السياق بأن عبارة "ألبرتو الثاني، بنعمة الله أمير موناكو" تظهر دائمًا على رأس الأوامر الملكيّة، وكذلك شعار عائلة الـ "Grimaldi": " Deo Juvante "، "بعون الله ".

أما الكنيسة في موناكو فقد أقامت علاقات عمرها قرون مع الدولة البابوية، يعود تاريخها إلى القديس نيكولا عام ١٢٤٧، عندما أذن البابا إينوشينسيوس الرابع ببناء كنيسة صغيرة في روكا، من خلال المرسوم Pro Puritate. في ذلك الوقت، كانت المنطقة لا تزال تحت الولاية القضائية لجمهورية جنوى، والتي كانت عائلة الـ "Grimaldi" إحدى عائلاتها النبيلة. أصبحت مستقلة نسبيًا منذ عام ١٢٩٧، قبل أن تمر تحت عدة محميات: الإسبانية والفرانكو-سفويا والجيوديكاتيّة والفرنسية. بعد ستة قرون، وفي عام ١٨٦٨، فصل البابا بيوس التاسع أبرشية موناكو عن أبرشية نيس وأقامها دير "nullius diœcesis". بعد عشرين عامًا، في عام ١٨٨٧، أصدر البابا لاوون الثالث عشر مرسومًا أنشأ من خلاله أبرشية موناكو، التابعة مباشرة للكرسي الرسولي. وقد طبع هذا الأمر بداية علاقات دبلوماسية رسمية بين موناكو والكرسي الرسولي، في وقت كانت فيه الدولة البابوية قد تعرّضت للغزو من قبل القوات القومية لجوزيبى غاريبالدي. أخيرًا، كما ذكرنا، وخلال حبريّة البابا يوحنا بولس الثاني، مع الاتفاقية التي أُبرمت لأربعة عقود خلت رُفعت موناكو إلى كرسي رئاسة أسقفية. كانت عائلة الأمراء ضيفًا منتظمًا على الباباوات: استقبل البابا بيوس الثاني عشر رانييري الثالث والأميرة غرايس في الفاتيكان عام ١٩٥٧، ثم استقبلهما البابا يوحنا الثالث والعشرون عام ١٩٥٩، ثم بولس السادس عام ١٩٧٤. وفي عام ٢٠٠٥ كان أول ظهور علني للأمير الشاب ألبرتو الثاني في دوره الجديد في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني. وفي العام التالي، عيّن البابا بندكتس السادس عشر لأول مرة سفيرًا بابويًّا لإمارة موناكو. واستقبل البابا فرنسيس المجلس الوطني لموناكو في الثاني من شباط فبراير عام ٢٠١٩، مشيدًا بالطبيعة الطائفية للدولة الكاثوليكية في العبارات التالية: "يمكن لسكان موناكو أن يعتمدوا على القيم التأسيسية للإمارة المستوحاة من الإنجيل ورسالته، رسالة المحبة".

18 يوليو 2021, 13:39