صلاة مسكونية يترأسها الكاردينال كورت كوخ في ذكرى الشهداء المسيحيين الأرمن صلاة مسكونية يترأسها الكاردينال كورت كوخ في ذكرى الشهداء المسيحيين الأرمن  

صلاة مسكونية يترأسها الكاردينال كورت كوخ في ذكرى الشهداء المسيحيين الأرمن

إحياءً لذكرى شهداء الإبادة الأرمنية جرى مساء أمس الأحد احتفال مسكوني في بازيليك القديس برتلماوس بروما، رُفعت خلاله الصلاة على نية السلام في العالم. ترأس الاحتفال الكاردينال كورت كوخ، رئيس المجلس البابوي لوحدة المسيحيين، بحضور رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ساندري وممثلين عن الكنائس الأنغليكانية، الرومانية الأرثوذكسية، اللوثرية والميتودية، وجماعات مسيحية أخرى في روما.

تخللت الاحتفال المسكوني عظة للكاردينال كوخ توقف في مستهلها عند الكلمات التي قالها الرب يسوع لتلاميذه أي أنه توجد في بيت الآب منازل كثيرة، وهذه العبارات تعكس هدف حياتنا البشرية، أي أن مسيرة حجنا الأرضي ستصل إلى وجهتها وتمامها عندما سنمكث لدى الله، ونعيش بشركة معه إلى أبد الآبدين. وقال نيافته: إننا كمسيحيين نُؤمن بأن هذا الوعد تم بالنسبة لمن تبعوا يسوع بشكل مثابر وقاسموه مصيره. وأتحدث هنا عن الشهداء. لقد حوّل الرب يسوع العنف الذي تعرض له إلى حب، ووهب حياته على الصليب فداء للبشر. فصليبه هو الحبّ بأقصى حدوده. ويسوع هو بالنسبة لنا الشهيد الأول. كما أننا نستطيع أن نشارك في هذا السر الفحصي أي في آلامه وموته وقيامته، وهذا ما تبين من خلال القديس اسطفانوس أول الشهداء المسيحيين. فقد اقتدى هذا القديس بالمسيح، حتى أنه غفر لمن قتلوه، فسأل الله ألا يحسب عليهم هذه الخطية، تماما كما طلب يسوع من الآب أن يغفر لمن صلبوه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون.

بعدها قال الكاردينال كوخ إن الشهيد المسيحي لا يبحث عن الاستشهاد بحد ذاته، بل إنه يأتي نتيجة لأمانته وإيمانه بيسوع المسيح. فالاستشهاد المسيحي يتميّز بالمحبة، لأن الشهيد المسيحي يمارس انتصار الحب على الحقد والموت، ويعبر عن محبته تجاه الله والأخوة والأخوات، كما يقول المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي يتحدث عن التعبير الأسمى عن المحبة، ليس فقط لدى الشهداء المسيحيين في الكنيسة الكاثوليكية إنما أيضا لدى باقي الكنائس والجماعات الكنسية المسيحية. وقد نما هذا الاستشهاد وسط المسيحيين لاسيما في مطلع القرن المنصرم، عندما كان التاريخ شاهدا على الدماء التي ذرفها الشهداء المسيحيون الأرمن خلال عمليات الإبادة، والذين يتذكرهم العالم اليوم. منذ ذلك التاريخ صارت المسيحية عبارة عن كنيسة شهداء بشكل لم يسبق له مثيل إذ إن عدد الشهداء المسيحيين اليوم يتخطى عدد شهداء القرون الأولى. فثمانون بالمائة من المضطهدين بسبب إيمانهم هم مسيحيون. والإيمان المسيحي هو الأكثر اضطهاداً في عالم اليوم.

مضى نيافته إلى القول إن المسيحيين لا يُضطهدون اليوم لأنهم كاثوليك أو أرثوذكس أو بروتستنت. إنهم يُضطهدون لأنهم مسيحيون. فالاستشهاد اليوم هو مسكوني، لذا ينبغي أن نتحدث عن مسكونية الاستشهاد. وكان البابا يوحنا بولس الثاني قد تحدث عن الاستشهاد المشترك في رسالته العامة حول المسكونية "ليكونوا واحدا". وأضاف الكاردينال كوخ أنه في مسكونية الشهداء المسيحيين يمكن أن نرى وحدة بيننا كمسيحيين، ونأمل بأن يساعدنا الشهداء المسيحيون على إيجاد الشركة التامة فيما بيننا.

هذا ثم أكد رئيس المجلس البابوي لوحدة المسيحيين أن الشهداء الأرمن فتحوا أعيننا على هذا النظرة العميقة، مع بداية قرنٍ طبعته حربان عالميتان. وذكّرنا هؤلاء الشهداء بأن الاستشهاد ليس ظاهرة هامشية في المسيحية بل هو في صلب الكنيسة. كما ينبغي أن يدرك كل مسيحي أن اتّباع الرب يسوع قد يتطلب الاستشهاد، الذي هو تعبير أسمى عن المحبة تجاه المسيح. وأضاف نيافته في ختام عظته أن الشهداء الأرمن شهدوا لهذا البعد المسيحاني، وكأبناء أول بلد مسيحي في التاريخ، ظلوا أمناء لإيمانهم الرسولي وقدّموا حياتهم من أجل المسيح. وإننا لواثقون - قال الكاردينال كوخ - أن هؤلاء وجدوا مسكنا لهم لدى الله، ونحن نتوجه إليهم ونطلب شفاعتهم كي يرافقونا في مسيرة حجنا الأرضية، ويعززوا رجاءنا بأن الرب يسوع يُعد لنا أيضا منازل في بيت الآب. 

26 أبريل 2021, 09:06