الكاردينال بارولين الكاردينال بارولين  

خطاب الكاردينال بارولين أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة بشأن الأزمة السورية

ألقى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين مداخلة يوم أمس الثلاثاء على هامش الجمعية العمومية الرابعة والسبعين لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى عُقد للتباحث في الأوضاع الراهنة في سورية.

استهل المسؤول الفاتيكاني خطابه معربا عن امتنانه للاتحاد الأوروبي على تنظيمه هذا اللقاء وعلى المبادرات المختلفة المماثلة، لاسيما مؤتمرات بروكسيل التي ترمي إلى إيجاد حل سياسي دائم للنزاع المسلح الذي يشهده البلد العربي منذ أكثر من ثمانية أعوام. أكد الكاردينال بارولين أن الكرسي الرسولي يتابع بقلق بالغ هذه المأساة التي يعاني منها الشعب السوري من العام 2011، والتي ولّدت أزمة إنسانية خطيرة، مشيرا إلى أن البابا فرنسيس وجّه رسالة أواخر شهر حزيران يونيو الماضي إلى الرئيس السوري بشار الأسد ليعبّر له عن هذا الموقف.

أضاف أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان أن الكرسي الرسولي أصر دوماً على ضرورة التقيّد بمبادئ القانون الإنساني الدولي والبحث عن حل سياسي قابل للتنفيذ يضع حداً للصراع المسلح، بشكل يتخطى المصالح الأحادية الجانب، ويحترم حقوق وتطلعات الشعب السوري. واعتبر أن هذا الهدف يُحقق من خلال الأدوات الدبلوماسية والحوار والمفاوضات، بمشاركة وإسهام الجماعة الدولية.

وشاء الكاردينال بارولين أن يسلط الضوء في مداخلته على نواحٍ ثلاث تتعلّق بمعاناة الشعب السوري. أكد أولا أن العقوبات المفروضة على سورية تشكل عبئا كبيراً بالنسبة للسكان، لافتا إلى أن المنظمات الخيرية الناشطة في سورية أشارت في أكثر من مناسبة إلى النتائج الضارة لتلك العقوبات على المدنيين، وطالبت المنظمات برفعها. ثانياً، تطرق نيافته إلى مشكلة أخرى ألا وهي عودة النازحين وتحقيق المصالحة. وقال في هذا السياق إن الكرسي الرسولي يدعو الجماعة الدولية إلى دعم وتشجيع العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين خارج البلاد والمهجرين داخلها. ثالثاً توقف المسؤول الفاتيكاني عند الدور الهام الذي طالما لعبه المسيحيون وأتباع الأقليات الدينية ضمن النسيج الاجتماعي في الشرق الأوسط. وقال إنه من الأهمية بمكان أن يُعزز ويُشجّع حضور تلك الجماعات في المنطقة، كإسهام في التلاحم الاجتماعي، وكشرط أساسي لعملية المصالحة الضرورية.

في هذا الإطار ذكّر نيافته بالخطاب الذي وجّهه البابا فرنسيس إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي في كانون الثاني يناير الماضي لمناسبة تبادل التهاني بحلول العام الجديد، عندما أكد برغوليو على أهمية المكانة التي يشغلها المسيحيون بالنسبة لمستقبل منطقة الشرق الأوسط. وعبّر الكاردينال بارولين عن أمل الكرسي الرسولي بألا تتقاعس السلطات السياسية عن ضمان أمن المسيحيين وكل ما يحتاج إليه هؤلاء كي يستمر بقاؤهم في البلدان حيث هم مواطنون بكل ما للكلمة من معنى، وكي يساهموا في عملية نمو تلك البلدان.

بعدها قال نيافته إن الكرسي الرسولي يشجّع الجماعة الدولية على عدم غض الطرف عن الاحتياجات الكبيرة لضحايا تلك الأزمة، والتخلي عن المصالح الخاصة بغية تقديم خدمة للسلام ووضع حد للحرب. وأضاف أنه بعد ثماني سنوات مؤلمة من الصراع بات من الضروري لا بل من الملح أن يتم تخطي الركود السياسي والتسلح بشجاعة البحث عن دروب جديدة للحوار وإيجاد حلول جديدة، بروح من الواقعية والحرص على الأشخاص المعنيين بالنزاع. ورأى الكاردينال بارولين أن استقرار منطقة الشرق الأوسط ليس وحده على المحك، لكن مستقبل العديد من الأولاد الذين وُلدوا وترعرعوا خارج بلادهم ومعظمهم محرومون من فرص التربية ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية. وغالباً ما يشكلون فريسة سهلة للإجرام والردكلة، وهذه هي مسألة كرامة وتحضّر.

في ختام مداخلته أمام منظمة الأمم المتحدة أكد أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان أن الكرسي الرسولي، والكنيسة الكاثوليكية بصورة عامة، متمسكان بالتزامهما المتعلق بالتشجيع على حلول قابلة للتنفيذ وسيستمران في تلبية الاحتياجات الإنسانية من خلال تقديم المساعدة لضحايا الصراع السوري وللاجئين والجماعات المضيفة بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو العرقية.

25 سبتمبر 2019, 11:20