الكاردينال بارولين الكاردينال بارولين 

الكاردينال بارولين: البابا فرنسيس سيحمل إلى رومانيا رسالة تشجيع

عشية بداية زيارة البابا فرنسيس الثلاثين خارج الأراضي الإيطالية والتي ستقوده إلى رومانيا يوم غد الجمعة وتستغرق لغاية الأحد الثاني من حزيران يونيو المقبل أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي شدد على أن الزيارة البابوية ستندرج في سياق الحوار المسكوني وسيحث البابا خلالها على إعادة اكتشاف الجذور المسيحية لأوروبا والقيم المؤسّسة للقارة القديمة.

لفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن زيارة البابا فرنسيس الثلاثين خارج إيطاليا ستبدأ غداً في اليوم الذي تحتفل فيه الكنيسة اللاتينية بزيارة القديسة مريم إلى نسيبتها إليصابات، مشيرا إلى أن شعار الزيارة "لنسر معاً" يحمل بصمة مريمية قوية، لأن السير معاً هو على نمط القديسة العذراء، إنه سيرٌ مطبوع بالتواضع والخدمة والمحبة حيال نسيبتها وحيال كلّ شخص محتاج. وأكد بارولين أن البابا سيزور رومانيا في هذا الروح: إنه يريد أن يكون حاجاً ويتقاسم هذه المسيرةَ مع الجماعات المسيحية المحليّة ومع المجتمع في رومانيا ككل. إنه يريد أن يكون راعياً يشجع المؤمنين ويثبّت الأخوةَ والأخوات في الإيمان آخذاً في عين الاعتبار غنى التعابير والطقوس التي تميّز الكنيسة في رومانيا. يريد أن يكون شاهداً للمحبة لاسيما تجاه الشباب، الذين سيحثّهم على تعزيز ثقافة التلاقي في زمن مطبوع بالانقسامات والمواجهات.
في رد على سؤال بشأن الأهمية التي تكتسبها الزيارة البابوية من الناحية المسكونية، خصوصاً وأن رومانيا بلدٌ تنتمي غالبيةُ سكانه إلى الكنيسة الأرثوذكسية، شاء أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان أن يذكّر بالزيارة التي قام بها إلى هذا البلد البابا الراحل يوحنا بولس الثاني لعشرين سنة خلت وبالتحديد في أيار مايو من العام 1999، وقال إن تلك الزيارة كانت تاريخية فعلاً، لأنها فتحت البابَ أمام زياراتٍ قام بها البابوات لاحقاً إلى دول أخرى ذات الأغلبية الأرثوذكسية. وأضاف نيافته: "إننا نتذكر جميعاً الصرخة التي تصاعدت من الساحات والمطالِبة بالوحدة". وأكد أن زيارة البابا فرنسيس اليوم تندرج في السياق نفسه لأنه يريد هو أيضاً أن يسعى في الاتجاه المسكوني. وذكّر بأن رومانيا تشكّل في الواقع تقاطعَ طرقٍ لأن فيها تلتقي أوروبا الغربية مع تلك الشرقية، وهذا ما يشهد عليه إرثُها الفني العريق. هذا فضلا عن وجود ما يسميه البابا فرنسيس بمسكونية الدم، لأنه يوجد في رومانيا مسيحيون ينتمون إلى الكنيستَين الأرثوذكسية والكاثوليكية عانوا كثيراً في ظلّ النظام الملحد الذي كان يضيّق على الحرية الدينية وحقوق المؤمنين. وقد حقق هؤلاء الوحدةَ المسكونية من خلال المعاناة والاستشهاد.
وفي سياق حديثه عن زيارة البابا إلى مزار Șumuleu-Ciuc المريمي المتواجد في مقاطعة ترانسيلفانيا حيث تعيش الأقليةُ المجرية قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إن جماعات مختلفة تعيش في رومانيا: شأن الكاثوليك اللاتين الناطقين بلغات مختلفة: الرومانية، المجرية، البولندية والكرواتية، وهناك أيضاً الجماعة الأرمنية التي يتألف معظمُها من المؤمنين الأرثوذكس فضلا عن أعراق أخرى بينها المجريون. وقال إن كلّ تلك المكونات تدرك تماماً مواقف البابا ونداءاتِه الداعيةَ إلى احترام مختلف فئات المجتمع، والتقاليد والثقافات وعادات كل مكوّن وذلك كلّه ضمنَ وحدة البلاد. وعبّر المسؤول الفاتيكاني عن اعتقاده بأن البابا فرنسيس سيُطلق نداءً في هذا الاتجاه، وسيدعو إلى تعزيز الاحترام ضمن وحدة البلاد. وخلال الزيارة التي ستقوده إلى المزار المريمي، تكتسب هذه الدعوةُ أهميةً مميزة لأنها ستكون دعوة للسير معاً (كما يقول شعار الزيارة) من أجل تخطي الانقسامات التاريخية والتلاقي ضمن وحدة الإيمان المتقاسم.
بالعودة إلى التاريخ الذي تم اختياره لهذه الزيارة والذي يتزامن مع الذكرى السنوية العشرين لزيارة البابا يوحنا بولس الثاني لهذا البلد، كما أشرنا آنفاً، والتغيير الذي طرأ على هذا البلد خلال العقدَين الماضيَين قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إن البابا فرنسيس سيحمل لرومانيا رسالةَ تشجيع. وأضاف أن هذه الدولة عاشت مراحلَ صعبةً في تاريخها لاسيما وأنها عانت من الاحتلال الأجنبي ومن فترة طويلة من الإلحاد. وفي العام 2007 أصبح هذا البلد عضواً في الاتحاد الأوروبي، وقد قدّم إسهاماً قيماً في هذا المجال، بدءاً من إرثه الثقافي العريق.
ولم تخلُ كلمات الكاردينال بارولين من الإشارة إلى القمة التي عُقدت في مدينة Sibiu مؤخراً وتم التشديدُ خلالها على أهمية السلام الذي ضَمَنه الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة، فضلاً عن الازدهار والتقدّم الناتجَين عن هذا السلام. وأكد نيافته أن البابا سيسلط الضوء في خطاباته على القيم المؤسِّسة للقارة الأوروبية وعلى الجذور المسيحية لأوروبا، لأن هذه القيم – وفي طليعتها الكرامةُ البشرية والتضامن – تجد جذورَها الراسخة في التراث المسيحي الذي تحمله رومانيا. ختم أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني عشية زيارة البابا فرنسيس إلى رومانيا مشيراً إلى أن هذه الزيارة المرتقبة ستشكل مصدرَ تشجيع من أجل متابعة الإسهام في بناء القارة الأوروبية على أملِ أن تزداد صلابةً وقوةً وترتكز إلى القيم الأساسية، ألا وهي: القيم المسيحية.

30 مايو 2019, 11:22