1631547090868.JPG

البابا فرنسيس يلتقي الجماعة اليهودية في سلوفاكيا

تدنيس اسم الله بانتهاك كرامة الإنسان، ضرورة الاستمرار في المسار الأخوي لتنقية الذاكرة من أجل مداواة جروح الماضي، التحذير من نسيان الماضي. كان هذا أهم ما تطرق إليه البابا فرنسيس في كلمته خلال لقائه بعد ظهر اليوم في براتيسلافا الجماعة اليهودية في سلوفاكيا.

التقى قداسة البابا فرنسيس في ساحة ريبني في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا عصر الاثنين الجماعة اليهودية، وأعرب في بداية كلمته عن الشكر على كلمات الترحيب والشهادات. ثم تحدث البابا عن أهمية الساحة التي يجرى فيها اللقاء بالنسبة للجماعة اليهودية، حيث كانت لقرون جزءً من الحي اليهودي وكان هناك كنيس بجوار كاتدرائية ما عبَّر عن العيش معا في سلام بين الجماعتين. إلا أنه تم هنا لاحقا إهانة اسم الله في جنون كراهية خلال الحرب العالمية الثانية حسب ما تابع البابا فرنسيس مذكرا بمقتل أكثر من ١٠٠ ألف يهودي سلوفاكي، ثم بتدمير الكنيس لمحو آثار الجماعة في وقت لاحق. ذكَّر الأب الأقدس يعد ذلك بوصية "لا تَلفُظِ اسمَ الرَّبِّ إِلهِكَ باطِلاً"، وقال إن "الاسم الإلهي، أي ذات الله، يُلفظ باطلا عندما تُنتهك كرامة الإنسان الفريدة والتي لا مثيل لها، والذي خُلق على صورة الله. هنا أهين اسم الله، لأن أسوأ تجديف يمكن أن يوجَّه إليه هو أن يتم استخدام اسمه لأغراض خاصة، بدلا من احترام الآخرين ومحبتهم". وأضاف البابا: "كم مرة استُخدم اسم الله العليّ الذي يفوق الوصف لأعمال لا إنسانية لا توصف! كم من الظالمين الذين أعلنوا: "الله معنا" وهم لم يكونوا مع الله".

وواصل الأب الأقدس قائلا لممثلي الجماعية اليهودية: "تاريخكم هو تاريخنا وآلامكم هي آلامنا". ثم توقف عند النُصب التذكاري للمحرقة والذي كُتب عليه بالعبرية "تَذكَّر"، وقال في هذا السياق: " الذاكرة لا يمكنها ويجب ألّا تفسح المجال للنسيان، لأنه لن يكون هناك فجر دائم للأخوّة دون المشاركة أولا في تبديد ظلام الليل. سؤال النبي يتردد أيضا علينا: "يا حارِس، ما الوَقتُ مِنَ اللَّيل؟" (أشعياء 21، 11). هذا هو الوقت لنا الذي لم يعد من الممكن فيه إخفاء صورة الله التي تتألق في الإنسان. لنساعد بعضنا بعضا في هذا لأنه حتى اليوم لا تنقص الأصنام الباطلة والزائفة التي تهين اسم الله العليّ. هي أصنام السلطة والمال التي تغلب على كرامة الإنسان، واللامبالاة التي تحوّل النظر إلى الاتجاه الآخر، والمؤامرات التي تستغل الدين وتجعله مسألة سيطرة أو تجعله أمرا لا أهمية له. ومرة أخرى، نسيان الماضي، والجهل يبرران كل شيء، والغضب والكراهية. إني أكرر: نحن متحدون في إدانة كل أشكال العنف وكل أشكال اللاسامية، وفي التزامنا لضمان عدم تدنيس صورة الله في الإنسان".

إلا أن هذه الساحة، تابع البابا فرنسيس، هي أيضا مكان "يضيء فيه نور الأمل حيث يأتي المؤمنون كل عام لإضاءة شمعة، وهكذا في الظلام تظهر الرسالة أن الكلمة الأخيرة ليست للدمار والموت، بل للتجديد والحياة. هُدِم الكنيس الذي كان في هذا الموقع، وأما الجماعة فما زالت موجودة. إنها حية ومنفتحة على الحوار. هنا تلتقي رواياتنا من جديد. هنا معا نؤكد أمام الله إرادتنا لمواصلة مسيرة التقارب والصداقة".

أراد الأب الأقدس بعد ذلك تأكيد تذكره اللقاء الذي عُقد في روما سنة ٢٠١٧ مع ممثلي الجماعتين اليهودية والمسيحية، وأضاف أنه يسعده أن تم لاحقا إنشاء لجنة للحوار مع الكنيسة الكاثوليكية وأيضا نشر وثائق هامة معا. وأضاف قداسة البابا: "حسنٌ أن نشارك وأن نوصل ما يوحدنا. وحسن أن نستمر، بصدق وإخلاص، في المسار الأخوي لتنقية الذاكرة من أجل مداواة جروح الماضي، وكذلك أن نستمر في ذكرى الخير الذي نلناه أو قدمناه. بحسب التلمود مَن أهلك إنسانا واحدا أهلك العالم كله، ومن خلص إنسانا واحدا خلص العالم كله. كل واحد مهم، ومهمّ جدا ما تفعلونه من خلال مشاركتكم الثمينة. أشكركم لأنّكم فتحتم الأبواب في الاتجاهين".

وفي ختام كلمته خلال لقائه في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا بعد ظهر الاثنين الجماعة اليهودية، أكد البابا فرنسيس حاجة العالم إلى أبواب مفتوحة واصفا إياها بعلامات بركة للبشرية. وأعرب عن الرجاء في أن تستمر عائلة بني إسرائيل في سلوفاكيا في تلبية دعوة الله أن تكون علامة بركة لجميع عشائر الأرض. وختم الأب الأقدس: "بركة الله العليّ تنزل علينا عندما يرى الله عائلة من إخوة يحترمون ويحبون بعضهم بعضا ويتعاونون. بارككم الله حتى تكونوا دائما شهودا للسلام معا في وسط الخلافات الكثيرة التي تلوث عالمنا".  

13 سبتمبر 2021, 18:18