Giudice_Rosario_Livatino-copia.jpg

البابا فرنسيس: شهادة القاضي ليفاتينو للإيمان والعدالة بذرة ستأتي بثمارها

كتب قداسة البابا فرنسيس مقدمة كتاب حول القاضي الإيطالي روزاريو انجيلو ليفاتينو الذي قتلته المافيا سنة 1990، والذي كان الأب الأقدس قد وافق في نهاية العام الماضي على مرسوم لمجمع دعاوى القديسين حول استشهاده.

روزاريو انجيلو ليفاتينو، قاضِ من صقلية الإيطالية قتلته إحدى عصابات المافيا سنة 1990. وحول رجل القضاء هذا ضحية المافيا صدر كتاب أعده فينشنسو برتولوني وكتب مقدمته البابا فرنسيس. وتحدث الأب الأقدس في البداية عن كراهية المافيا لهذا القاضي، الذي قتلته وهو في الثامنة والثلاثين من العمر، وذلك بسبب التزامه المسيحي والمهني. وقبل أن تمزق الطلقات وجهه، الذي كان يُشَبهه أصدقاؤه بوجه الطفل، سأل قاتليه ماذا فعلتُ لكم؟ وتابع البابا أن هذه كانت كلمات نبيّ يحتضر كصوت رجل عادل يدرك أنه لا يستحق هذا الموت الظالم، كلمات صرخت في وجه هيرودس زمننا، هؤلاء الذين لا ينظرون إلى البراءة بل ويجندون حتى الفتية ليجعلوا منهم قتلة بلا رحمة، صرخة ألم وأيضا صرخة حق تقضي بقوتها على جيوش المافيا، كاشفة عن إنكار المافيا بطبيعتها للإنجيل رغم إظهارها المتواصل للرموز الدينية ولتديُّن معلَن وغير مطبَّق.

ثم تابع البابا فرنسيس مكررا ما سبق وذكر حول شخصية القاضي ضحية المافيا، حين وصفه بمثال لا فقط بالنسبة للقضاة بل لجميع من يعملون في مجال القانون، وذلك على التناغم بين إيمانه والتزامه المهني، وأيضا على آنية تأملاته، حيث لمس علامات ما كان ليحدث عقب عقود من الزمن لا فقط في إيطاليا، وذلك فيما يتعلق بشكل خاص بما تُعرف بالحقوق الجديدة عبر أحكام تبدو أنها ترغب في تحقيق رغبات جديدة لكنها بعيدة عن أية حدود موضوعية. وواصل البابا فرنسيس متوقفا عند ما وصفها بالصفات الروحية للقاضي روزاريو انجيلو ليفاتينو والذي جعل من الإيمان تطبيقا للعدالة، ما يعني عمل الخير للقريب. وذكر الأب الأقدس أنه وحين كان عليه أن يُصدر الأحكام انطلاقا من القانون كان يفكر كمسيحي في قضية المغفرة، وكان يتكل بشكل تام ويومي على الله. ووصف البابا القاضي بمرجع منير بشكل خاص للشباب الذين تتصيدهم المافيا إلى حياة من العنف والفساد، التسلط والموت. وتابع الأب الأقدس: فلتكن شهادة روزاريو انجيلو ليفاتينو للإيمان والعدالة بذرة مصالحة وسلام اجتماعي، ومثالا على ضرورة الشعور بأننا جميعا أخوة، لسنا خصوما أو أعداء.

هذا وذكَّر البابا فرنسيس في مقدمة الكتاب بزيارة القديس البابا يوحنا بولس الثاني أغريجنتو وغيرها من مناطق صقلية سنة 1993 حين دعا إلى أن تكون هناك مصالحة في هذه الأرض، مصالحة بدون موتى، بدون قتلى، بدون خوف وتهديد وضحايا. وتابع القديس يوحنا بولس الثاني حينها متحدثا في ختام الاحتفال الإفخارستي في وادي المعابد في أغريجنيتو عن مصالحة وسلام يتوق إليهما كل شعب وكل شخص وكل عائلة. وأكد للحضور حقهم في العيش في سلام بعد وقت طويل من المعاناة، كما وشدد على أن من يدمرون هذا السلام، ومن يتحملون مسؤولية الكثير من الضحايا، عليهم إدراك أنه لا يمكن قتل الأبرياء، وقد أوصى الله: لا تقتل! ولا يمكن لأحد أن ينتهك هذه الوصية.

وفي ختام مقدمة الكتاب الصادر حول القاضي روزاريو انجيلو ليفاتينو الذي قتلته مافيا صقلية سنة 1990 أعرب البابا فرنسيس عن الرجاء أن تكون رائحة الله التي ينشرها جسد القاضي الشاب بذرة ولادة جديدة للجميع على درب التوبة اليوم، مثلما حدث من قبل، وخاصة لمن يعيشون أوضاعا يطبعها العنف والحروب، الاعتداءات والاضطهاد على أساس العرق أو الدين، والانتهاكات ضد الكرامة البشرية. وواصل الأب الأقدس متحدثا عن الشكر للقاضي ضحية المافيا، وذلك أيضا عبر إعلان تطويبه، على ما ترك لنا من مثال وعلى كفاحه اليومي في معركة الإيمان بتواضع ورحمة. وذكَّر بأن روزاريو انجيلو ليفاتينو كان يفعل هذا فقط باسم المسيح بدون الابتعاد أبدا عن الإيمان والعدالة حتى أمام خطر الموت. وهذه هي البذرة التي زرعها والتي ستأتي بثمارها، ختم قداسة البابا فرنسيس.

هذا وكان الأب الأقدس قد وافق خلال استقباله في 21  كانون الأول ديسمبر 2020 عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال مارتشيلو سيميرارو على عدد من مراسيم صادرة عن المجمع، تَعلَّق أحدها باستشهاد خادم الله روزاريو انجيلو ليفاتينو، المؤمن العلماني الذي وُلد في 3 تشرين الأول أكتوبر 1952 في كانيكاتّي  وقُتل على الطريق بين كانيكاتّي وأغريجنتو في 21 أيلول سبتمبر 1990. 

31 مارس 2021, 14:01