البابا فرنسيس والبطريرك دانيال في كاتدرائية الكنيسة الأرثوذكسية في بوخارست 31 أيار مايو 2019 البابا فرنسيس والبطريرك دانيال في كاتدرائية الكنيسة الأرثوذكسية في بوخارست 31 أيار مايو 2019  

تأملات البابا فرنسيس حول صلاة الأبانا في كاتدرائية الكنيسة الأرثوذكسية في بوخارست

صلاة الأبانا التي تعكس هويتنا كأبناء وأيضا كأخوة كانت محور كلمة لقداسة البابا فرنسيس في الكاتدرائية الأرثوذكسية الجديدة في بوخارست قبل رفع الصلاة، وذلك يعد ظهر الجمعة أول أيام زيارته الرسولية إلى رومانيا. وتقاسم الأب الأقدس في كلمته تأملات حول هذه الصلاة مع المشاركين في هذا الحدث.

عقب لقائه بعد ظهر الجمعة، أول أيام زيارته الرسولية إلى رومانيا، بطريرك ومجمع الكنيسة الأرثوذكسية في رومانيا في مقر البطريركية في بوخارست، توجه قداسة البابا فرنسيس إلى الكاتدرائية الأرثوذكسية الجديدة لرفع صلاة الأبانا. وكرر قداسته في بداية كلمته لهذه المناسبة الشكر والتأثر لوجوده في هذا المكان المقدس، ثم تحدث عن رفع صلاة الأبانا التي تعكس هويتنا كأبناء، واليوم بشكل خاص، كأخوة يصلّون جنبا إلى جنب، وأضاف أن هذه الصلاة تحتوي أيضا يقين وعد يسوع لتلاميذه "لن أدعكم يتامى" (يو 14، 18).

أراد الأب الأقدس بعد ذلك تقاسم بعض التأملات مع الحضور انطلاقا من صلاة الأبانا، فقال أولا إننا وفي كل مرة نقول فيها "أبانا" فإننا نؤكد أنه لا يمكن لهذه الكلمة أن تكون بدون صيغة الجمع "أبانا". وتضرع الأب الأقدس إلى الآب ليساعدنا على أن نأخذ حياة الأخ على محمل الجد، ألا ندين أخينا على أفعاله أو محدوديته، بل أن نقبله باعتباره ابن لله الآب. ثم تابع البابا فرنسيس متحدثا عن أبانا "الذي في السموات"، السموات التي تعانق الجميع والتي يُطلع منها الله شمسه على الأشرار والأخيار (راجع متى 5، 45). وطلب البابا فرنسيس من الله ذلك الوئام الذي لم ننجح في الحفاظ عليه على الأرض، وذلك بشفاعة الأخوة والأخوات الكثيرين الذين يسكنون سماء الآب بعد أن آمنوا وأحبوا وتألموا، وذلك في أيامنا أيضا، لمجرد كونهم مسيحيين.

ليتقدس اسمك، واصل البابا فرنسيس، وقال قداسته: ليكن اسم الرب لا اسمنا ما يحركنا ويوقظنا في ممارسة المحبة. وتابع مشيرا إلى أننا وحين نصلي ننسى أن الشيء الأول هو تسبيح اسم الله، كما وطلب البابا فرنسيس من الله المساعدة كي نبحث عن حضوره وحضور الأخ. وعن ملكوت الله قال البابا فرنسيس إننا نتوق إليه ونطلبه لأننا نرى ديناميكيات العالم لا تتماشى معه، وأشار الأب الأقدس هنا إلى منطق المال والمصالح والسلطة، وتضرع إلى الله كي نؤمن بما نصلي ونتخلى عن ضمانات السلطة المريحة والاغراءات الدنيوية واعتقادنا الفارغ بأننا مكتفون ذاتيا.

لتكن مشيئتك، لا مشيئتنا، تابع البابا فرنسيس تأملاته فتحدث عن أن الله يريد خلاص الجميع، وقال الأب الأقدس إننا نحتاج إلى توسيع آفاقنا كي لا نحصر في محدوديتنا مشيئة الله الخلاصية الرحومة التي تريد معانقة الجميع. وطلب من الآب أن يرسل إلينا، وكما في العنصرة، الروح القدس صانع الشجاعة والفرح ليحثنا على إعلان بشرى الإنجيل السارة فيما يتجاوز حدود انتماءاتنا ولغاتنا، ثقافاتنا ودولنا. وعن خبز يومنا قال البابا فرنسيس إننا في حاجة إلى خبز يومنا، يسوع الذي هو خبز الحياة (راجع يوحنا 6، 35. 48)، هو أيضا خبز الخدمة، وذكَّر الأب الأقدس هنا بغسل يسوع أقدام التلاميذ وطلبه منهم أن يغسل بعضهم أقدام بعض، أي أن يخدموا بعضهم البعض. وتضرع البابا فرنسيس إلى الله كي يغذي فينا، وبينما يمنحنا خبز يومنا، الحنين إلى الأخ والحاجة إلى خدمته. وتابع أننا نطلب من الله أيضا خبز الذاكرة ونعمة تعزيز الجذور المشتركة لهويتنا المسيحية. كما وطلب البابا أن يحفز فينا الخبز الذي نطلبه الرغبة في أن نكون زارعي شركة صبورين. وواصل قداسته أن الخبز الذي نطلبه اليوم هو أيضا الخبز الذي يُحرَم منه كثيرون كل يوم، وأضاف أن صلاة الأبانا هي صرخة أمام مجاعات المحبة في زمننا والفردية واللامبالاة التي تدنس اسم الله، وتابع متضرعا إلى الله كي يُذكِّرنا حين نصلي بأننا في حاجة للتقاسم وسد جوع الآخرين لأن الرخاء يكون حقيقيا فقط حين يكون للجميع.

وواصل البابا فرنسيس التأمل في صلاة الأبانا متحدثا عن شجاعة أن نغفر لمن أساء إلينا مثلما نطلب من الله أن يغفر ذنوبنا، وتضرع قداسته إلى الله ليساعدنا كي لا نستسلم للخوف وألا نرى في الانفتاح خطرا، وكي نتحلى بالقدرة على المغفرة والسير، والشجاعة للبحث دائما عن وجه الأخ.

وفي حديثه عن الشر، مواصلا التأمل في صلاة الأبانا، قال البابا فرنسيس إن الشر يدفعنا على الانغلاق على الذات، وطلب مساعدة الله لنا حين يكون ميلنا إلى الانعزال قويا، والذي يعني ابتعادنا عن الله وعن القريب. طلب البابا من الله أيضا أن يشجعنا على أن نجد في الأخ ذلك الدعم الذي وضعه الآب بقربنا كي نسير نحو الله، وأيضا أن تكون لدينا شجاعة أن نقول معا "أبانا".   

01 يونيو 2019, 10:15