البابا فرنسيس يلتقي الأساقفة المشاركين في دورة ينظمها مجمع الأساقفة البابا فرنسيس يلتقي الأساقفة المشاركين في دورة ينظمها مجمع الأساقفة  

قداسة البابا يلتقي الأساقفة الجدد المشاركين في دورة نظمها مجمع الأساقفة

كان فرح الإنجيل والقداسة محور كلمة الأب الأقدس إلى الأساقفة الجدد المشاركين في دورة ينظمها مجمع الأساقفة وذلك خلال استقباله لهم قبل ظهر اليوم في القصر الرسولي.

استقبل قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم في القصر الرسولي الأساقفة الجدد التابعين لمجمعَي الأساقفة والكنائس الشرقية المشاركين في دورة ينظمها مجمع الأساقفة تنتهي أعمالها اليوم، وكان موضوعها "خدام فرح الإنجيل". وحيا قداسته في بداية الكلمة الأساقفة كرعاة جدد في ختام ما وصفه بحجهم إلى الينابيع الروحية، أي روما القديسَين بطرس وبولس القديمة والجديدة دائما. وأضاف أنه يرغب في تقريب كل منهم وكل شخص في كنائسهم من لمسة المسيح، إنجيل الله الذي يدفئ القلوب ويعيد فتح الأعين والآذان ويطلق الألسن على الفرح الذي لا يتلف ولا يغرب، لأنه فرح لم نشتريه أو نستحقه بل هو هبة.

وتابع قداسة البابا حديثه إلى الأساقفة الجدد مشيرا إلى الدورة التي شاركوا فيها حيث حاولوا قراءة سر هويتهم التي تلقوها للتو من الله، وذلك في نور فرح الإنجيل، وهو الاختيار الصحيح. وذكّر في هذا السياق بمَثل الكنز حين قال يسوع: "مثَلُ مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ كَنْزٍ دُفِنَ في حَقْلٍ وَجدَه رَجُلٌ فأَعادَ دَفنَه، ثُمَّ مَضى لِشِدَّةِ فَرَحِه فباعَ جميعَ ما يَملِكُ واشتَرى ذلكَ الحَقْل" (متى 13، 44)، وواصل البابا أننا كأساقفة وجدنا كنز حياتنا، ونحن مدعوون بالتالي إلى بيع كل شيء لحراسة الحقل الذي يوجد فيه هذا الكنز الذي لا ينتهي. كما أنه من الضروري أن نأخذ هذا الكنز الثمين بين أيدينا يوميا ونبحث عن النور بنوره (راجع مز 35، 10)، ونجعل وجهه يحولنا.

هذا وتوقف الحبر الأعظم في حديثه إلى الأساقفة عند ما وصفه بأكثر واجباتهم كرعاة إلحاحا، القداسة، فذكّرهم بأنهم مدعوون إلى تكريس الذات بشكل متواصل لا متقطع، لا بأمانة بين حين وآخر أو طاعة اختيارية، وإلى التيقظ دائما حتى وإن غاب النور وأوحى الشرير، المتربص باستمرار، بأن الفجر لن يبزغ مجددا، بل في هذه اللحظة اسقطوا على وجهكم (راجع تك 17، 3)، تابع البابا، للإصغاء إلى الله الذي يجدد العهد. ودعا قداسته الأساقفة إلى أن يجعلوا الله دائما في المركز وأن يقاوموا تجربة التنبؤات بالكوارث، لأن ما يهم هو المثابرة كي لا تفتر المحبة (راجع متى 24، 12) ورفع الرؤوس إلى الرب (راجع لو 21، 28)، وذلك لأن الكنيسة ليست لنا بل هي لله، قد كان قبلنا وسيكون بعدنا. يجب على الأساقفة حسب ما واصل قداسته ألا يضيعوا طاقاتهم في التفكير في الفشل والتعبير عن المرارة، بل ليكن المسيح فرحهم، والإنجيل غذاءهم. شدد البابا بعد ذلك على ضرورة تثبيت النظر على الرب يسوع فقط وتعلُّم البحث عن نوره بلا توقف، في العائلة في الجماعات التي أصبح الأساقفة رعاتها باعتبارها المكان الذي تكبر فيه هبة الحياة بصبر دؤوب وسخاء، حيثما تحتفظ القلوب باليقين الضعيف ولكن غير القابل للتدمير بأن الغلبة للحقيقة وبأن المحبة مُجدية، بأن المغفرة قادرة على التغيير والمصالحة، وأن الوحدة تنتصر على الانقسام، أن شجاعة نسيان الذات من أجل خير الآخر ترضي أكثر من منح الأولية للذت.

ثم توقف قداسة البابا ذلك عند عالم اليوم حيث يعيش ملايين الرجال والنساء والأطفال في واقع أعتم المراجع، ما جعل كثيرين يشعرون بالضياع وهو أمر يسائلنا جميعا، إلا أن هناك مَن لا يبالي بهؤلاء الأشخاص بينما لا يمكننا نحن أن نتجاهل جسد المسيح الذي أوكل إلينا لا فقط في السر الأقدس، بل في الشعب أيضا. وتابع البابا فرنسيس مشددا على أن لمس هذا الجسد يجعل الكنيسة عروس المسيح تتعلم الانطلاق مجددا في أمانة لصوت الرب. وتحدث قداسته هنا، مذكرا بعرس قانا، عن هدف الكنيسة، أي توزيع هذه الخمرة الجديدة في العالم، أي المسيح، وتابع أن هناك حاجة إلى زقاق جديدة (راجع مر 2، 22)، وعلى هذه الزقاق إدراك انها بدون الخمرة الجديدة ليست سوى أوعية من حجارة باردة غير قادرة على منح الكمال.

حذر قداسة البابا من جهة أخرى من أن القداسة لا يمكن أن تكون نتاج العزلة، بل يجب أن تُزهر وتُثمر في جسد الكنيسة الحي الذي أوكله الرب إلى الأساقفة، ودعا الأساقفة هنا إلى استقبال الكنيسة كعروس يجب أن تحَب، عذراء يجب حمايتها، أمّ يجب جعلها خصبة. وتابع قداسته متسائلا عن كيفية عمل هذا، وأجاب أن أصل قداستنا هو الله، فهي قداسة صغيرة تتغذى على جعل نفسها في يديه كطفل مفطوم ليس في حاجة إلى طلب دليل على قرب أمه (راجع مز 131، 2)، قداسة تدرك أن ما من شيء أكبر وأكثر فعالية وضرورية يمكن تقديمه للعالم من الأبوة التي فينا. وتابع أن ينبوع القداسة هو نعمة الالتصاق بفرح الإنجيل ليدخل هذا الفرح حياتنا بحيث لا يمكننا أن نعيش بشكل مختلف.

ومن الأمور الأخرى التي دعا إليها البابا فرنسيس الأساقفة الجدد ألا يخجلوا من جسد كنائسهم وأن يتحاوروا مع تساؤلاتها، كما طالبهم بالاهتمام بالإكليروس والإكليريكيين مشددا على الحاجة إلى تحديث عمليات الاختيار والمرافقة والتقييم. وأراد قداسته هنا التأكيد على ضرورة مواجهة ما وصفه بالشق الروحي الذي أسفر في حالات ليست قليلة عن ضعف مثير للعار، وأيضا على ضرورة كشف الفراغ الوجودي الذي أسفرت عنه هذه الفضائح. دعا أيضا إلى أن يتساءل كل أسقف عما يمكنه أن يفعل كي يجعل وجه الكنيسة أكثر قداسة، ويستدعي هذا حسب ما واصل الحبر الأعظم العمل معا وفي شركة، مع الثقة في أن القداسة الحقيقية هي تلك التي يصنعها الله فينا حين نعود إلى فرح الإنجيل مطيعين الروح القدس.

وختم قداسة البابا فرنسيس كلمته إلى الأساقفة الجدد، التابعين لمجمعَي الأساقفة والكنائس الشرقية المشاركين في دورة ينظمها مجمع الأساقفة، داعيا إياهم إلى السير قدما بفرح وسكينة، متضرعا أن تكون مريم، التي تحملنا بين ذراعيها بدون إدانتنا، النجم المضيء الذي يقود مسيرتنا. شكر قداسته بعد ذلك الكاردينالَين مارك أويلييه وليوناردو ساندري عميدَي مجمعَي الأساقفة والكنائس الشرقية على ما قاما به من عمل، ومنح بركته الرسولية للأساقفة جميعا وللكنيسة التي هم مدعوون لخدمتها. 

13 سبتمبر 2018, 15:35