La-Pentecoste---festa-dello-Spirito-SantoAEM.jpg

البطريرك الماروني في قداس عيد العنصرة: نصلّي كي يحيي الله في قلوبنا محبته

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الثالث والعشرين من أيار مايو في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "أسأل الآب فيعطيكم برقليطًا آخر مؤيّدًا" (يو 14: 16)، واستهلها قائلا "في اليوم الخمسين بعد قيامته، أنجز الربّ يسوع وعده فوهب تلاميذه المجتمعين مع مريم أمّه، الروح القدس الذي سمّاه "برقليطًا آخر مؤيِّدًا يكون معهم إلى الأبد، روح الحقّ" (يو 14: 16). واشترط لقبوله أن يحفظوا وصاياه كعلامة لحبّهم له (راجع يو 14: 15). نصلّي اليوم كي يحيي الله في قلوبنا محبّته، فنحفظ وصاياه ونستحقّ هبة الروح القدس الذي يدخلنا في عمق العلاقة الإتحاديّة مع الآب والإبن".

في عظته مترئسا القداس الإلهي بمناسبة عيد العنصرة، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي" يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة وبعيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس على الكنيسة الناشئة، وعلى الكنيسة التي تسير في هذا العالم على هدي من الروح القدس، وتؤدّي رسالتها التي تسلّمتها من المسيح الربّ قبيل صعوده إلى السماء. فإنّنا نقيم أثناء هذا القدّاس الإلهيّ السجود للثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس، إقرارًا بمحبّة الآب، ونعمة الإبن، وشركة الروح القدس، وانطلاقًا في متابعة رسالة الكنيسة. إنّ زمن العنصرة الذي يمتدّ حتى إرتفاع عيد الصليب المقدّس (14 أيلول) هو زمن الكنيسة بقيادة الروح القدس، وهي "تسير بين اضطهادات العالم وتعزيات الله"، على ما يقول القدّيس أغسطينوس". وأضاف غبطته "ويسعدنا أيضًا أن نحيي عيد تيلي لوميار وفضائيّتها نورسات. فنقدّم هذه الذبيحة المقدّسة على نيّة هاتين المحطّتين، والعاملين فيهما وداعميهما بالصلاة والمال".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، قال البطريرك الراعي "يواصل الربّ يسوع هبة الروح القدس للكنيسة ولكلّ مؤمن ومؤمنة يحبّه ويلتزم بحفظ وصاياه. فالروح القدس هو إمتداد لعمل المسيح المعزّي والمؤيّد ومعلّم الحقيقة، عندما كان عائشًا على أرضنا. ولذلك سمّاه برقليطًا آخر يقيم مع الكنيسة وفيها وفي العالم إلى الأبد، ليحقّق ثمار الفداء النابعة من موت يسوع وقيامته. هذا الروح المعزّي يشجّع في الضعف، ويهدي في الضياع، ويعزّي في الألم والحزن، ويعلّم الحقيقة كلّها، ويوجّه إليها، ويحرّر من الضلال والإنشقاق. الروح القدس يعمل في داخل الإنسان من خلال مواهبه السبع. بعضها يُنير عقلنا والإيمان، وهي الحكمة والمعرفة والفهم، وبعضها يشدّد الإرادة والرجاء وهما المشورة والقوّة، وبعضها يملأ القلب ويذكي المحبّة وهما التقوى ومخافة الله".

وعلى المستوى الوطني، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "لم نكن لنتوقّع خلاف ما تقرّر من موقف في جلسة مجلس النوّاب بالأمس بشأن مناقشة رسالة فخامة رئيس الجمهوريّة، وهو الحثّ على تشكيل حكومة بأسرع ما يمكن، لأنّ وضع لبنان واللبنانيّين على خطورته الشديدة لا يتحمّل أي تأخير، ويقتضي تجنّب اي كلام يزعزع الثقة ويعرقل المسيرة ويضرّ بالمصلحة الوطنية. ولذلك، لم تَعُد الأعذار تُقنِع احدًا ولا الذرائع تبرِّر استمرار تعطيل تأليف الحكومة وكأنَّ التشكيل في إجازة مديدة. هذا جمود قاتل للدولة والمواطن ويجب أن يتوقّف. لقد استنزف المسؤولون الدستور حتى جعلوا نصَّه ضدَّ روحه، وروحه ضدَّ نصّه، والاثنين ضدَّ الميثاق. أيُّ دستور يجيز هذا التمادي في عدم تأليف حكومة؟ وأيّ صلاحيّات تسمح بتعليق مؤسّسات الوطن؟ وأيّ مرجع قانونيّ أو دستوريّ يُبيح التنافس على التعطيل؟ إننا ندعو مباشرة دولة الرئيس المكلَّف إلى المبادرة، نعم إلى المبادرة، وتقديم تشكيلة محدَّثة إلى فخامة رئيس الجمهوريّة في أسرع وقت ممكن، والاتفاق معه على الهيكليّة والحقائب والأسماء على أساس من معايير حكومة من اختصاصيّين غير حزبيّين لا يُهيمن أيّ فريق عليها. وإذا لم يتّفقا في ما بينهما، فليستخْلصا العِبر ويتّخذا الموقف الشجاع الذي يتيح عمليّة تأليف جديدة".

وأضاف البطريرك الراعي يقول "لقد أسفنا للإشتباك الذي حصل على أتوستراد نهر الكلب بين بعضٍ من اللبنانيّين والنازحين السوريّين المتوجّهين إلى صناديق الإقتراع الرئاسيّ. وسببه الإستفزاز لمشاعر اللبنانيّين في منطقة تعجّ بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري، وفيما لا يزال ملفّ المعتقلين في السجون السوريّة مجهولًا. معروف أنّ لبنان قام بأكثر من واجباته حيال النازحين السوريّين وهم شعب شقيق. وتقاسم اللبنانيّون وإيّاهم المسكن والمأكل والمشْرب والمدرسة والجامعة والعمل. ليس مقبولًا أن يبقى النازحون السوريّون هنا بانتظار الحلّ السياسيّ الناجز للأزمة السوريّة. فكما رفضنا ربط أمن لبنان بحرب سوريا، نرفض اليوم ربط مصير لبنان بالحلّ السياسيّ فيها. لسنا بلد انتظار نهاية صراعات المنطقة. فلا المنطق ولا تركيبة لبنان التعدّدية يسمحان بذلك. بقدْر ما كان واجب لبنان احتضان النازحين السوريّين أثناء الحرب، بات واجب النازحين اليومَ أن يعودوا إلى بلادهم، وقد انحسرت الحرب وتوسَّعت المناطق الآمنة وصاروا مواطنين سوريّين عاديّين لا نازحين. هذا واجبهم لا تجاه لبنان فقط، بل تجاه وطنهم سوريا أساسًا التي تحتاج إلى أبنائها ليُعيدوا بناءها وليحافظوا على هوّيتها الوطنيّة والعربيّة. إنّ دعوتنا هذه لا تنمّ عن أيّ روح عدائية، بل عن شعور بالمسؤوليّة تجاه وطننا لبنان. لم يَعد هناك مبرِّر لبقاء نحو مليون ونصف مليون نازح، ومنافستهم اللبنانيّين في كلّ المناطق على لقمة العيش والعمل والتسبُّب بجزء من فَلتان الأمن والجريمة. وفي هذا الإطار نطالب الدولة السوريّة أن تتفهّم الوضع اللبنانيّ وتَفتح جدّيًا باب العودة الآمنة والكريمة لمواطنيها. ونطالب الدولة اللبنانيّة، بأن تتَّخذ الإجراءات العمليّة لتحقيق هذه العودة الآمنة سريعًا، فلا يكفي التصريح بذلك من دون تنفيذ خطّة لإعادة النازحين. ونطالب منظّمة الأمم المتّحدة العمل على إدارة وجودهم في لبنان وإدارة إعادتهم إلى وطنهم سوريا. إنّنا نرغب حقًّا بعيش الأخوّة الإنسانيّة على أساس من العدالة والحقيقة والإحترام المتبادل والسلام في كلّ أبعاده".

وفي ختام عظته مترئسا القداس الإلهي بمناسبة عيد العنصرة، الأحد الثالث والعشرين من أيار مايو، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "في يوم حلول الروح القدس نصلّي هاتفين: أرسل روحك، أيّها المسيح، فيتجّدد وجه الأرض. آمين."

24 مايو 2021, 12:50