البطريرك الماروني: عيد القيامة هو انتصار الرجاء على اليأس البطريرك الماروني: عيد القيامة هو انتصار الرجاء على اليأس 

البطريرك الماروني: عيد القيامة هو انتصار الرجاء على اليأس

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد الفصح في الرابع من نيسان أبريل في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، وألقى عظة بعنوان "أنتنّ تطلبن يسوع الناصري المصلوب؟ ليس هنا، لقد قام" (مر 16: 6)

قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظة ألقاها "للنسوة اللواتي أتين صباح الأحد لتطييب جسد يسوع، بعد إنقضاء سبت عيد الفصح اليهوديّ، ودخلن القبر، وكان الحجر قد دُحرج، فاجأهنّ الملاك الجالس لجهة اليمين بقوله: "أنتنّ تطلبن يسوع الناصري المصلوب؟ لقد قام" (مر 16: 6). يا للدهشة والفرح! نحن اليوم نحيي عيد قيامة الربّ يسوع، بغصّة ووجع وقلق لحالة البؤس التي وصلنا إليها بسبب سوء الأداء السياسيّ، وإنعدام الرشد في الحوكمة، وسلبيّة الخيارات السياسيّة. كيف نفرح بالعيد، ونصف الشعب اللبنانيّ في حالة الجوع، ومنهم تحت مستوى الفقر؟ كيف نفرح وقوانا الحيّة من شباب خرّيجي جامعات وأطبّاء ومهندسين وذوي إختصاصات يغادرون الوطن، من دون أن ينظروا إلى الوراء. هذه الحالة من الخوف والقلق عاشها التلاميذ والشعب الذي آمن بيسوع، عندما رأوه معلّقًا فوق الصليب وكأنّه متروك من الله والناس. ولكن، غير الممكن والمستحيل يتبدّد: إنّ يسوع المصلوب قام من بين الأموات في اليوم الثالث، وبدّد الخوف والقلق والإضطراب. لقد أصبحنا كلّنا قياميّين مهما كانت حالة ميتتنا! عيد القيامة هو إنتصار الرجاء على اليأس، وعيد تحويل غير الممكن إلى ممكن. هذه هي أبعاد تحيّة العيد: "المسيح قام! حقًّا قام!""

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أضاف غبطته يقول "في ليتورجيا أحد القيامة نحتفل برتبة السلام. فالمسيح بقيامته أصبح سلامنا (أفسس 2: 14)، وأساس بنوّتنا لله، والأخوّة بين الناس. في الواقع بعد قيامته وفي ظهوراته على مدى اربعين يومًا راح يستعمل عبارات الإخوة والأبناء والسلام. لمريم المجدليّة التي كانت تبكي أمام قبره، صباح أحد القيامة، وظهر لها قال: "إذهبي إلى إخوتي، وقولي لهم: إنّي صاعد إلى أبي وأبيكم، إلهي وإلهكم" (يو 20: 17). بالمسيح أصبح جميع الناس إخوة وأخوات، وبالمسيح إبن الله الأزليّ أصبح جميع المؤمنين أبناءً وبناتًا لله. بهذه الهويّة نحن نؤمن، وفي سبيلها نعمل، وإيّاها نُعلّم. وفي كلّ مرّة كان يظهر لرسله، على مدى أربعين يومًا، كان يسوع يبادرهم بتحيّة: "السلام معكم" (يو 20: 19 و26)، وكان مع سلامه يعطيهم الطمأنينة والسلام الداخليّ، وينتزع من قلوبهم الخوف، ويُجري الآيات، ويُشدّدهم في رسالتهم. سلام المسيح هو ثقافتنا التي نعيشها وننشرها، وخيارنا الدائم الذي نتقيّد به، لأنّ البنوّة لله نحقّقها بأفعال ومبادرات السلام، عملًا بقول المسيح الرب: "طوبى لفاعلي السلام، فهؤلاء أبناء الله يُدعون" (متى 5: 9). قيامة المسيح من الموت هي ضمانة قيامة القلوب من موت الخطيئة والشرّ. المسيح حيٌّ: فهو حاضرٌ في الكنيسة، وفاعلٌ في العالم حتى نهاية الأزمنة (متى 28: 20). حاضر وفاعل بكلامه الحيّ، وبجسده ودمه في سرّ القربان، وبنعمة الأسرار، وبروحه الحيّ القدّوس الذي يحقّق في المؤمنين ثمار الفداء والخلاص. المسيح القائم من الموت قريب من كلّ إنسان، ومعاصر له. فهو الربّ الذي "هو كائن، وكان، وسيأتي" (رؤيا 1: 4)، والذي تناديه الكنيسة وكلّ مؤمن ومؤمنة، في كلّ يوم: تعال أيّها الربّ يسوع" (رؤيا 22: 20)."

وتابع البطريرك الراعي "إنّ الرجاء المؤسّس على قيامة المسيح يرسّخ فينا الإيمان بأنّ لبنان بعد صلبه سيقوم. وليس لدينا أدنى شكّ حيال عودة لبنان إلى الحياة، لكنَّ ما يؤلمنا أنَّ لبنان ما كان بحاجة، لو حظي بحوكمة رشيدة، إلى المرور بالجلجلة والصلب ليَبلُغ القيامة والحياة، إذ كان هو مثال القيامة والحياة في هذا الشرق. وغدًا، بعد هذه المرحلة الصعبة، لا بدَّ للبنان من أنْ يرفرف على هذا الشاطئ المتوسطيّ من حيث انطلقت سُفننا تعلّم الحرف وثقافة السلام والتواصل. نحن شعب لبنان، شعب افتدى كفاية عبر تاريخه وجوده وحرّيته وعزّته. نحن نثق بالناس ذوي الإرادة الحسنة، بالأجيال الطالعة الواعدة، بالقوى الحيّة، بطاقات أهل الكفاءة والبراعة والنجاح. ونثق بأنَّ اللبنانيّين يريدون الحياة معًا في ظل دولة حرّة وقويّة بحقّها وبقوّتها وبعلاقاتها. أيُعقل أن يُبدّد اللبنانيّون كلَّ تضحياتهم وشهدائهم من أجل نزوات داخليّة ومشاريع خارجية؟ لذا ندعو جميع اللبنانيّين إلى وقفة ضمير وتجديد الاعتراف بلبنان وطنًا نهائيًّا، وإلى ترجمة هذا الاعتراف بالولاء المطلق للوطن اللبناني ولدولة مستقلّة وشرعيّة وحرّة".

وختم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا " أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، المسيح قام لكي يشرك الجميع في قيامته، القيامة الروحيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة والوطنيّة. إنّه يريد قيامة الإنسان بكلّ أبعاده، والمجتمع والوطن بكلّ مكوّناته. هذه القيامة أرادها المسيح متاحة للجميع، لمجد الله وخلاص الإنسان وخير البشريّة جمعاء".

المسيح قام! حقًا قام!

05 أبريل 2021, 12:47