النائب الرسولي في الأناضول يتحدث عن أوضاع النازحين السوريين في تركيا النائب الرسولي في الأناضول يتحدث عن أوضاع النازحين السوريين في تركيا  

النائب الرسولي في الأناضول يتحدث عن أوضاع النازحين السوريين في تركيا

"عندما سمعتُ في التلفاز كلمات البابا فرنسيس في طريق عودته من العراق إلى روما مطالبا باحترام الحق المزدوج للمهاجرين، أي الحق في الهجرة والحق في عدم الهجرة، تأثرتُ لأني شاهدتُ صورة عن الأوضاع التي نعيشها كل يوم في منطقتنا". جاءت هذه العبارات على لسان النائب الرسولي في الأناضول، اليسوعي Paolo Bizzeti الذي عينه البابا في هذا المنصب في العام 2015، وذلك في مقابلة أجرتها معه صحيفة "أوسيرفاتوريه رومانو" الفاتيكانية.

تحدث سيادته عن الأوضاع التي يعيشها حوالي ثلاثة ملايين لاجئ وجدوا مأوى لهم في تركيا، وقال إن الظروف التي يتواجد فيها هؤلاء الأشخاص لم تتغيّر على الرغم من الكثير من التغيّرات الجيوسياسية في المنطقة، فما تزال أوضاعهم مأساوية، وهذا الأمر يولد الألم، لكنه يشكل في الوقت نفسه فضيحة إزاء لامبالاة الغرب وأوروبا تجاه معاناة هؤلاء الأشخاص. واعتبر أن أوروبا مستعدة لإنفاق المال شرط ألا ترى هؤلاء النازحين يتوافدون إليها.

وذكّر بيزيتي بكلمات البابا فرنسيس الذي قال إن هؤلاء الأشخاص ليس لديهم حرية الاختيار بين البقاء في بلادهم أو الهجرة إلى أوروبا ليلتحقوا ربما بأفراد عائلاتهم الذين سبقوهم. وأضاف أن الكنيسة المحلية تبذل ما في وسعها، وتماشيا مع الموارد القليلة المتاحة لديها، من أجل مد يد المساعدة إلى الجميع، بغض النظر عن المعتقدات الدينية.

مع ذلك شاء سيادته أن يسلط الضوء بنوع خاص على أوضاع النازحين المسيحيين، فقال إن عدد هؤلاء يتراوح بين عشرين وثلاثين ألفا، وهم منتشرون على كامل التراب التركي، لافتا إلى أن عددهم يتخطى عدد باقي المسيحيين المقيمين حاليا في تركيا. وأضاف أن هؤلاء المسيحيين يشكلون بالتالي القسم الأكبر من الكنيسة المحلية الصغيرة. وهم يقولون: "لقد فقدنا كل شيء ورحلنا من أجل الحفاظ على إيماننا بالرب. ونطلب بأن تقبلنا البلدان حيث غالبية السكان من المسيحيين، وحيث توجد كنائس كثيرة، وحيث يُحتفل بالأسرار ويُدرّس الدين المسيحي، لكن هذه الدول لا تريدنا". وأضاف أنه من الصعب أن يُعزّى هؤلاء الأشخاص، معتبرا أن المشكلة هي أيضا ما بين الكنائس إذ ينبغي أن تتصدر أوضاعهم أولويات المسيحيين في أوروبا، لكن من المؤسف جداً أن الوضع مختلف تماما.

تابع النائب الرسولي في الأناضول حديثه لصحيفة "أوسرفاتوريه رومانو" الفاتيكانية متطرقا إلى الأوضاع التي يعيشها هؤلاء الأشخاص خلال تنقلهم، وقال إنه عندما يعبر النازحون الحدود ويصلون إلى الأراضي التركية، تتم استضافتهم في بلدة أو مدينة لا يستطيعون مغادرتها بدون إذن من الشرطة. وغالبا ما يجد اللاجئون المسيحيون أنفسهم في مكان حيث لا توجد دور العبادة، ويفتقرون إلى الكهنة، مع العلم أن الكهنة في تركيا كلها يُقدّرون بالعشرات. وقد تكون أقرب كنيسة على مسافة ثلاثمائة أو أربعمائة كيلومتر. ويضاف إلى جوعهم وفقرهم جوع من نوع آخر، ألا وهو الجوع إلى الإفخارستيا، وكلمة الله والأسرار. وسطر سيادته الحاجة الملحة إلى كهنة يخدمون هؤلاء المؤمنين، لكن ليس من السهل أن يوجد كهنة أجانب يتحدثون ويحتفلون بالقداس باللغة العربية، أو كهنة عرب يتكلمون اللغة التركية ويكونون مستعدين للعيش في تركيا.

بعدها قال بيزيتي إن الأشخاص الناشطين ميدانيا يبذلون ما في وسعهم إذ يعملون على توفير الدعم الاقتصادي للأشخاص الأشد حاجة وعوزا، كما يقومون بتمويل مشاريع صغيرة ويساهمون في تسديد النفقات الطبية، ويتحملون رسوم دورات تعليم اللغة التركية كي يتمكن النازحون السوريون من التفاعل مع البيئة المحلية، وكي يكتشفوا أيضا جمال الثقافة التركية. في ختام مقابلته مع الصحيفة الفاتيكانية قال النائب الرسولي في الأناضول إن الظروف الحياتية لهؤلاء المهاجرين واللاجئين ازدادت سوءا بسبب جائحة كوفيد 19 التي فاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أيضا وسط الشعب التركي، الذي هو شعب لطيف ومجتهد جدا، لافتا إلى أن الحكومة التركية والمنظمات الخيرية التابعة لها سعت جاهدة من أجل مساعدة هؤلاء الأشخاص، لاسيما الأشد فقرا، لكن يبدو أن تخطي هذه المرحلة يتطلب وقتا طويلا.

 

26 مارس 2021, 10:10