بحث

2023.04.08 PATTON TERRA SANTA

مقابلة مع حارس الأرض المقدسة الأب فرنشيسكو باتون

الأوضاع في الأرض المقدسة وآفاق المستقبل، هذا ما تمحورت حوله مقابلة أجراها مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي مع حارس الأرض المقدسة الأب فرنشيسكو باتون.

أجرى مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي مقابلة مع حارس الأرض المقدسة الأب الفرنسيسكاني فرنشيسكو باتون تمحورت حول الأوضاع في الأرض المقدسة وآفاق المستقبل. وفي إجابته على السؤال الأول حول الأجواء السائدة في القدس اليوم تحدث الأب باتون عن شعور وكأنه قد كُسر منذ السابع من تشرين الأول أكتوبر المنصرم توازن داخل إسرائيل بين اليهود الإسرائيليين وعرب إسرائيل الفلسطينيين. كُسر أيضا توازن آخر وهو ذلك بين إسرائيل والضفة الغربية حيث كان من السهل بشكل أو بآخر الدخول والخروج بدون مشاكل كما وكان من السهل بالنسبة لفلسطينيي الضفة الغربية التوجه إلى العمل وكان هناك مَن يأتي من غزة للعمل وكان ممكنا أيضا التوجه إلى القدس للعلاج في حال عدم توفر الإمكانية في غزة. ومنذ السابع من تشرين الأول أكتوبر أخذ يهود إسرائيل ينظرون بعدم ثقة إلى عرب إسرائيل والذين بدأوا بدورهم يشعرون بعدم الأمن سواء في أماكن العمل أو في الحياة اليومية بل وحتى خلال السير في الطرقات.

وعلى سؤال حول اختطاف الرهائن الإسرائيليين أجاب حارس الأرض المقدسة أن ما حدث يشكل اختبارا قاسيا بالنسبة لعائلات المختطفين والذين كان يتميز الكثير من بينهم بعقليات منفتحة، ولم تكن عائلات كثيرة عدائية إزاء فلسطينيي إسرائيل أو الضفة الغربية. وتحدث الأب باتون عن معاناة تتواصل لهذه العائلات التي تتساءل إن كان أقاربها على قيد الحياة بعد.

ثم توقفت المقابلة عند مأساة غزة وأشار حارس الأرض المقدسة إلى تضامن فلسطينيي إسرائيل مع غزة وسكانها حيث يرون، وهم أبناء الشعب ذاته، ما يحدث من دمار رهيب. وذكَّر هنا بموت ٣٥ ألف شخص من بينهم هناك على الأرجح أكثر من ١٥ألف طفل، ولا نعلم كم هناك من الأشخاص تحت الأنقاض، قال الأب باتون. وأضاف أن هذا الدمار النظامي قد أسفر عن شعور باليأس والغضب ونزاع داخلي، كما ولفت الأنظار إلى انزعاج مسيحيي الأرض المقدسة الذين يجدون صعوبة في التعامل مع هذه القضايا لإدراكهم معاناة الطرفين، وأكد أيضا تطلُّع الجماعة المسيحية إلى أن تنتهي هذه الحرب سريعا وإلا فستزداد هوة الكراهية عمقا يوما بعد يوم.

وفي إجابته على سؤال حول العنف الذي يرتكبه المستوطنون في الضفة الغربية تحدث حارس الأرض المقدسة عن تصاعد غير مسبوق لهذا العنف. وأضاف أن أفعال المستوطنين كانت تحت السيطرة إلى حد ما سابقا إلا أن الأمر قد تغير خلال الأشهر الأخيرة. وأشار الأب باتون إلى ما تُعرف بالاعتقالات الإدارية في الضفة الغربية التي تشمل الآلاف من الفلسطينيين ما يعني عدم تمتعهم بأية حقوق، هذا إلى جانب مقتل بضع مئات من الفلسطينيين في الضفة الغربية وذلك بسبب عمليات للمستوطنين ما بين عسكرية أو عمليات أخرى مثل هجمات مسلحة واغتيالات وغيرها من أعمال العنف. إلا أن هناك أيضا ضحايا الحياة اليومية مثل المزارعين الذين يستوقفهم المستوطنون ويطلقون عليهم النار بينما يتوجهون لجمع الزيتون.

وعن مداواة الجراح قال الأب فرنشيسكو باتون إن هذا يحتاج إلى قيادات مستنيرة من الجانبين قادرة على العمل من أجل المصالحة. وأشار هنا إلى نجاح أوروبا في مداواة جراحها بعد حربين عالميتين وملايين الضحايا مضيفا أنه لا يرى حاليا إمكانية أن يتحقق شيء مماثل بين إسرائيل وفلسطين وذلك لعدم توفر إطار ثقافي متقاسَم حسبما ذكر.

ومن بين ما تم التطرق إليه خلال المقابلة حل الدولتين والذي يبدو اليوم احتمالا تم تجاوزه حسب البعض، وقال حارس الأرض المقدسة إنه قد أصبح أكثر صعوبة بالتأكيد إلا أن هناك الآن وعيا أكبر بضرورة التوصل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية. وعن إقامة دولة فلسطينية قال الأب باتون إن هناك حاجة إلى إسهام مَن يهمهم الأمر أولا أي الفلسطينيين، فلا يمكن أن تقام دولة فلسطينية على حساب الفلسطينيين بل يجب إشراكهم. ثم تأتي بعد ذلك ضرورة أن تساهم الدول ذات التأثير، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا دول الخليج، في التوصل إلى الشكل المناسب.

وتابع الأب باتون مشيرا إلى أنه في حال موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية فسيكون عليها ان تختار في الضفة الغربية بين سحب المستوطنين أو دمجهم في دولة فلسطينية أو طرح شكل آخر للدراسة. وأضاف حارس الأرض المقدسة أنه من الضروري منح أمل للفلسطينيين وذلك بتحديد موعد محدد لإقامة الدولة الفلسطينية، من الضروري بالتالي وضع خارطة طريق ما يعني ضرورة انهاء الحرب وأيضا أن يكون هناك دعم دولي لمن يعيشون في الضفة الغربية وبشكل أكبر لمن يعيشون في غزة.

وفي إجابته على سؤال حول كيفية عيش مسيحيي الأرض المقدسة لهذه الأوضاع قال الأب باتون إنهم مدعوون إلى أن يكونوا رجال ونساء سلام، وأعرب عن قناعته بقدرة المسيحيين على الإسهام في مسيرة مصالحة مستقبلية. إلا أنه أشار من جهة أخرى إلى رغبة كثيرين في الهجرة. وتحدث عن إدراكهم لانتمائهم إلى شعب من جهة وإلى أنهم مدعوون من جهة أخرى إلى تجاوز الرؤية العرقية. وتابع أن المسيحي يؤمن في المقام الأول برسالة القيامة وأننا نعي عيشنا اليوم زمن توترات، وشدد على أن كون الأشخاص مسيحيين في الأرض المقدسة هو دعوة خاصة، فهم مرتبطون بقوة بالبعد التاريخية للوحي الإلهي وللتجسد. وأضاف أن عليهم مساعدة الكنيسة كلها على تذكر البعد التاريخي للمسيحية.              

04 مايو 2024, 21:49