الذكرى السنوية السادسة لزلزال أماتريشي: مقابلتان مع العمدة وكاهن الرعية
تقع بلدة أماتريشي على ارتفاع ألف متر من سطح البحر، ضمن منطقة تحمل قيمة ثقافية وتاريخية كبيرة. تَعد حوالي ألفي نسمة، وعدد السكان يرتفع بشكل ملحوظ في فصل الصيف، وهي تتذكر هذه الأيام هذا الحدث المشؤوم الذي قضى على حياة العديد من الأشخاص ملحقاً خسائر مادية فادحة. في ٢٤ من آب أغسطس لست سنوات خلت وقعت الهزة الأرضية عند الساعة ٣:٣٦ فجرا، وبلغت شدتها ست درجات من مقياس ريختر، وتبعتها هزات ترددية، اعتُبرت الأشد التي تشهدها إيطاليا خلال العقود الماضية.
تضررت نتيجة الزلزال ١٤٠ بلدة وقرية، وتركت الهزة بصمتها على حياة أكثر من نصف مليون شخص. بلغ عدد الضحايا في تلك الليلة ٢٩٩ قتيلا، ثمانون بالمائة منهم قضوا في بلدة أماتريشي. وعلى الرغم من مرور السنين ما تزال المنطقة بحاجة إلى الكثير من الجهود من أجل تضميد الجراح واحتواء ما خلفته الهزة الأرضية. ومما لا شك فيه أن هذه الجهود تتطلب تكاتف الجميع، من المؤسسات الرسمية الوطنية إلى الهيئات المحلية، بالإضافة طبعا إلى إسهام المجتمع المدني.
في ٤ تشرين الأول أكتوبر ٢٠١٦، وفيما كانت المنطقة تلملم جراحها وصل البابا فرنسيس إلى أماتريشي في زيارة مفاجئة، شاء من خلالها أن يلتقي بالسكان المنكوبين، ورافقه أسقف رييتي آنذاك المطران دومينيكو بومبيلي. توجه الحبر الأعظم إلى مدرسة "رومولو كابرانيكا" الابتدائية، التي أقامها عناصر الدفاع المدني مستخدمين الحاويات، وحيا البابا المعلمين والمعلمات وأطفال المدرسة، الذين أهدوه رسوماً صنعوها بعد الزلزال. ولدى مغادرته المدرسة قال البابا: "لقد شعرتُ منذ اللحظة الأولى بضرورة أن آتي إليكم! لأقوال لكم بكل بساطة إنني قريب منكم، وإنني أصلي من أجلكم! القرب والصلاة: هذا ما يمكنني أن أقدم لكم. ليبارككم الرب، ولتحفظكم العذراء مريم في لحظات الحزن والألم والمحنة هذه". وشدد الحبر الأعظم في تلك المناسبة على ضرورة إبقاء الأنظار مشدودة إلى الأمام، إلى المستقبل، وعلى أهمية المساعدة المتبادلة، لأن الناس يحتاجون إلى السير معاً، لا منفردين. وبعد أن حيا البابا فرنسيس الممثلين عن المؤسسات الرسمية والقوى الأمنية وعناصر الإطفاء، توجه إلى ما سُمي بالمنطقة الحمراء، حيث أوقعت الهزة الأرضية أفدح الخسائر، واقترب من المباني التي سُويت بالأرض، وصلى أمامها بصمت.
لمناسبة الذكرى السنوية السادسة لوقوع الزلزال أجرى موقع "فاتيكان نيوز" الإلكتروني مقابلة مع عمدة أماتريشي، جورجيو كورتيليزي، الذي عبر عن ثقته بأن هذه السنة ستكون سنة الانطلاق من جديد بالنسبة للبلدة، وقال: ستبدأ هذه السنة عملية إعادة الإعمار، بعد الكثير من الصعوبات والعراقيل، وهذا الأمر يقتصر على إعادة الإعمار المادي بيد أن العملية المعنوية ستتطلب على الأرجح مزيداً من الوقت. ورأى عمدة أماتريشي أنه من الأهمية بمكان أن يتم إحياء هذه الذكرى، وذلك كي تبقى الأضواء مسلطةً على المنطقة المنكوبة، لافتا إلى أن البلدة اشتاقت إلى الطابع الذي كان يميزها قبل الكارثة، مشددا على ضرورة مساعدة السكان، لاسيما المسنين منهم، لأن هؤلاء يجسدون ذاكرتنا وتاريخنا.
مقابلة أخرى أجراها موقعنا مع خادم الرعية الأب أدولفو إيزاغويري الذي لم يُخف الصعوبات التي يواجهها المؤمنون يوميا، ولفت إلى أنه يخدم في البلدة منذ ثلاث سنوات، وهو يلحظ عدم الإيفاء بالوعود فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار. وأضاف أن الكنيسة قريبة من المواطنين، كما أن كاريتاس تمد السكان المحتاجين بالمساعدات المادية، ولم ينقطع نشاطها قط على مدى السنوات الست الماضية. وقال إيزاغويري إن معظم الأشخاص المسنين فقدوا اليوم الأمل بأن يشاهدوا بداية عملية إعادة الأعمار، لكنهم يأملون بأن يكون أبناؤهم شاهدين عليها يوما ما، وختم مشيرا إلى أنه على الرغم من كل شيء يبقى إيمان الأشخاص قوياً وراسخا.