رسالة اتحاد كاريتاس الدولي إلى قادة العالم المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة للتبدل المناخي
جاء في الرسالة – التي حملت توقيع الأمين العام لاتحاد كاريتاس الدولي ألويزيوس جون – أن رابطات كاريتاس الوطنية المائة والاثنتين والستين، التي يتألف منها الاتحاد الدولي، وبعضها ممثّلٌ في المؤتمر الأممي، تنشط في أنحاء العالم كافة، وهي توجد في الخطوط الأمامية تلبية للاحتياجات الناجمة عن ظاهرة التبدل المناخي المأساوية. وتماشيا مع الرسالة العامة للبابا فرنسيس "كن مسبحا" Laudato Si، شاء الاتحاد الدولي أن يطلق نداء جديداً لصالح العدالة المناخية، وللمطالبة بتبني سياسات توفر الحماية للأشخاص الأكثر ضعفا وهشاشة، لاسيما المهاجرين.
في هذا السياق كتب السيد جون أن العواصف المدمرة، وارتفاع منسوب البحار والفيضانات كلها ظواهر تعاني منها جماعات كثيرة حول العالم، لافتا إلى أن التبدل المناخي أحدث أضرارا لا يمكن إصلاحها، حيث يسعى السكان المحليون إلى التأقلم مع الواقع الجديد. وأضاف أن هذه الجماعات ليست مسؤولة عن ظاهرة التبدل المناخي، لكنها ملزمة في تحمل كلفته من خلال خسارة المسكن ومقومات العيش.
وأكدت الرسالة أن الظروف المناخية القاسية تسبب الهجرة القسرية لدى المزيد من الأشخاص الذين يفقدون هويتهم الثقافية والاجتماعية، كما أن الجماعة الدولية لا تعترف بوضع هؤلاء على أنهم نازحون، وغالبا لا توفَّر لهم أي حماية دولية. إنهم أشخاص يُحرمون من حقوقهم الأساسية كالحق في الحصول على بيئة نظيفة وسليمة ومستدامة. وذكّر السيد جون – في رسالته إلى قادة العالم – بأن حكومات الدول مدعوة إلى ضمان هذه الحقوق الأساسية، من خلال سياسات بيئية ملائمة، وأشار إلى أن البابا فرنسيس سلط الضوء على هذا المبدأ في رسالته العامة "كن مسبحا"، لافتا إلى أن البلدان المتقدمة في شمال العالم لا تستطيع ألا تأخذ في عين الاعتبار دَينَها الإيكولوجي حيال بلدان الجنوب.
لم تخلُ رسالة اتحاد كاريتاس الدولي من الإشارة إلى ضرورة التصرف فوراً قبل فوات الأوان. ومع أن جائحة كوفيد ١٩ فرضت أولويات جديدة، ينبغي ألا تُستخدم كذريعة لإرجاء القرارات والأفعال لصالح المناخ. بل على العكس، لا بد أن تحفّز الجائحة الالتزام الجماعي في تبني نموذج جديد للنمو يرتكز إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وفي تبني اقتصاد أكثر اشتمالاً وفي تعزيز العدالة، فضلا عن اتخاذ إجراءات ملموسة من أجل الحد من آفة الفقر وإلغاء الديون الخارجية.
بعدها أكدت الرسالة أن التمويلات المتعلقة بالمناخ تميل إلى التركيز المفرط على مشاريع البنى التحتية الواسعة النطاق، ولا تعطي أولوية لإستراتيجيات التأقلم المناخي على الصعيد المحلي. من هذا المنطلق لا بد أن تصل هذه الاعتمادات التي تم رصدها من أجل المناخ إلى الجماعات المحلية، كي تساعدها على التأقلم مع الأوضاع التي تعيشها وعلى مواجهة التحديات وتلبية الاحتياجات الطارئة.
من هذا المنطلق حثّ اتحاد كاريتاس الدولي حكومات العالم على اتخاذ خطوات ثلاث: أولا، تطوير سياسات مناخية لصالح الفقراء، ترتكز إلى حقوق الإنسان وتسمح لهؤلاء بالعيش بكرامة وبمواجهة نتائج التبدل المناخي؛ ثانيا، الإيفاء بالوعود وتوفير الدعم المالي للبلدان الفقيرة، وصرف التعويضات للمتضررين والاهتمام بالسكان النازحين داخليا ومن لجأووا إلى بلد آخر بسبب الأوضاع المناخية؛ ثالثا وأخيراً، الالتزام لصالح تعاون حقيقي مع منظمات المجتمع المدني، لاسيما مع المنظمات الدينية ومختلف الكنائس التي تربطها علاقات وطيدة مع الجماعات المحلية.