فيليب دوق إندنبرة والبابواب: من يوحنا الثالث والعشرين إلى فرنسيس فيليب دوق إندنبرة والبابواب: من يوحنا الثالث والعشرين إلى فرنسيس  

فيليب دوق إندنبرة والبابواب: من يوحنا الثالث والعشرين إلى فرنسيس

على أثر رحيل الأمير فيليب دوق إندبرة، عقيل الملكة البريطانية إليزابيت الثانية، والذي وافته المنية عن عمر تسعة وتسعين عاماً عبر الكاردينال فنسنت نيكولز رئيس أساقفة وستمنستر ورئيس مجلس أساقفة إنجلترا وبلاد الغال عن أسفه الشديد لرحيل دوق إندبره الذي احتفل مع الملكة، في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بذكرى زواجهما الثالثة والسبعين.

أمضى الأمير فيليب أكثر من سبعين عاماً من حياته إلى جانب صاحبة الجلالة الملكة إليزابيت الثانية، دون أن يجلس على العرش أو أن يحصل على لقب "ملك". فبقي في ظل الملكة، ورأى الكاردينال نيكولز في حياته مثالاً للأمانة والوفاء الراسخَين وللواجب الذي يقوم به الإنسان بفرح كبير، وذلك في تغريدة لنيافته بعد أن أعلن قصر باكنغهام عن نبأ الوفاة في مذكرة تطرق فيها إلى "الحزن العميق" الذي ألمّ بالملكة بسبب "فقدانها لزوجها الحبيب".

مع نهاية الحرب العالمية الثانية التزم الأمير فيليب في بناء بلد أفضل، وبعد أن تخطت بريطانيا العظمى تلك الحقبة، بدأ الراحل التزامه لصالح القضايا البيئية في وقت لم يكن هذا الأمر رائجا. وكانت للزوجين الملكيين أربعةُ لقاءات مع البابوات، من يوحنا الثالث والعشرين عام 1961 إلى البابا فرنسيس عام 2014 مرورا بالبابا يوحنا بولس الثاني الذي التقى بهما مرتين عامي 1980 و2000 واللقاء مع البابا بندكتس السادس عشر في العام 2010.

في الثالث من أبريل نيسان من العام 2014 قامت الملكة إليزابيت والأمير فيليب بزيارة رسمية إلى الفاتيكان، حيث كان لهما لقاء مع البابا فرنسيس استغرق نصف ساعة تقريباً، وتلاه تبادل للهدايا بين الطرفين. فقدم البابا للملكة صورة طبق الأصل عن وثيقة تعود إلى العام 1679 قام بموجبها البابا انوشنسيوس الحادي عشر بإنشاء طقوس تكريم القديس إدوارد المعرّف، الذي هو من أجداد العائلة المالكة، ونشر هذه الطقوس في العالم كله.

في العام 2010 قام البابا بندكتس السادس عشر بزيارة رسولية إلى بريطانيا، لمناسبة احتفال تطويب الكاردينال جون هنري نيومن، الذي صار اليوم قديساً. وخلال زيارته لإندبرة باسكتلندا كان في استقبل البابا راتزنغر الأمير فيليب، وقد عكست هذه الاستضافة، غير المعتادة، الاهتمام الكبير الذي خصت به السلطاتُ المحلية الحبرَ الأعظم. وكان بعدها اللقاء مع الملكة وخطاب البابا الذي سلط فيه الضوء على الدور الكبير الذي لعبه الشعب البريطاني من أجل التصدي للنازية وصنع سلام دائم في القارة القديمة. وحثّ البابا البريطانيين على عدم نسيان جذورهم المسيحية.

وخلال أول لقاء للملكة إليزابيت ودوق إندبرة مع البابا يوحنا بولس الثاني عام 1980 توقف فويتيوا عند أهمية تعزيز النمو المتكامل لكل رجل وامرأة وطفل بطريقة مسالمة. ولفت أيضا إلى مساعي الكنيسة الكاثوليكية وتلك الأنغليكانية الهادفة إلى تحقيق الوحدة بين المسيحيين وتقديم خدمة مشتركة للبشرية. ومهدت تلك الزيارة الطريق أمام قيام يوحنا بولس الثاني بزيارة رعوية إلى بريطانيا عام 1982.

أما اللقاء الثاني والأخير مع البابا فويتيوا فحصل خلال يوبيل الألفين الكبير. كان يوحنا بولس الثاني يقود الكنيسة إلى القرن الحادي والعشرين ونظره موجه نحو ضرورة بناء وحدة أوروبية راسخة ومستدامة، تستمد جذورها من الابداع الأصيل، الإنساني والروحي، للشعوب الأوروبية. في كلمته إلى الملكة والدوق فيليب حذّر فويتيوا من خطر أن تفتقر هذه الوحدة إلى المضمون، مؤكدا أن المشروع الأوروبي المنشود يمكن أن يُنفذ فقط إذا ما تم الحفاظ على المثل العليا والانجازات التي تحققت على مختلف الأصعدة: السياسية والحقوقية والفنية والثقافية والخلقية والروحية.         

11 أبريل 2021, 12:14