Aftermath of Beirut Port explosion Aftermath of Beirut Port explosion 

أكثر من 55 بالمائة من اللبنانيين باتوا يعانون من الفقر وسط ارتفاع الإصابات الكورونية

جاء في دراسة نشرتها منظمة الأمم المتحدة ليومين خليا أن معدل الفقر في لبنان ارتفع بضعفين خلال سنة واحدة، كما أن عدد الأشخاص الذين يواجهون خطر الفقر المدقع ازداد بثلاثة أضعاف. يحصل هذا في وقت يواصل فيه ارتفاعه عددُ المصابين بفيروس كورونا المستجد والذي بات يُحصى بالمئات يوميا بيد أن الناس يفضلون إنفاق ما يملكون من مال على شراء الخبز لا الكمامات.

الأوضاع الصعبة التي يواجهها لبنان على الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية ازدادات خطورة خلال الأيام والأسابيع الماضية نتيجة الارتفاع المقلق في عدد المصابين بوباء كوفيد 19، ففي بلد صغير كلبنان تعيش على أرضه ستة ملايين نسمة وصل عدد الإصابات إلى أكثر من عشرة آلاف وثلاثمائة حالة. واللافت أنه منذ الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من آب أغسطس الجاري ولغاية اليوم تم تسجيل أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد. ويرى الخبراء أن الفيروس وجد تربة خصبة أيضا نتيجة الاضطرابات السياسية والتظاهرات المناوئة للسلطة، وعمليات الإغاثة في بيروت – التي لا تضمن التباعد الاجتماعي – فضلا عن اكتظاظ الشواطئ اللبنانية بالمسطافين.

إزاء هذا السيناريو الصعب يقول المراقبون إن بلاد الأرز تواصل انهيارها تدريجيا بسبب أربع أزمات أُطلقت عليها تسمية "الركائز الأربع لانهيار لبنان" ألا وهي: الأزمة الاقتصادية التي لا سابق لها، الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي وباء كوفيد 19، الأزمة وليدة الانفجار المدمر في مرفأ بيروت والذي قضى على أحياء برمتها في العاصمة اللبنانية، وأخيرا الأزمة السياسية الناتجة عن استقالة حكومة الرئيس حسان دياب.

وفي إطار الجهود المبذولة لمواجهة الوباء والحد من انتشاره اتخذت السلطات اللبنانية قرارا بالإقفال التام يشمل كل المصانع والمتاجر باستثناء محال السوبرماركت وباعة الخضار والفاكهة واللحوم، والأفران والصيدليات. وتم حظر الاحتفالات الدينية والاجتماعية، فضلا عن إقفال المسابح ومنع الناس من التوجه إلى الشواطئ العامة. ومن المرتقب أن يتم العمل في هذه الإجراءات لغاية السابع من أيلول سبتمبر المقبل.

للمناسبة نشرت وكالة الأنباء الكاثوليكية "آسيا نيوز" مقالا سلطت فيه الضوء على الأوضاع الصعبة التي يشكو منها المواطنون اللبنانيون. ونقلت تصريحات لرياض يَمَك، رئيس بلدية طرابلس، التي تُعتبر من أفقر مدن البلاد، قال فيها  إنه من الصعب أن يلتزم الناس في هذه التدابير الوقائية موضحا أن المواطنين يعانون من الجوع ولا يمكن أن يُفرض على من يعملون أن يمكثوا في بيوتهم ويتخلوا عن دخلهم اليومي. وأشار إلى أن هؤلاء يحتاجون إلى المساعدة المادية وبلدية طرابلس لا تملك الإمكانات المطلوبة لمساعدتهم. أما محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر فقد طلب من البلديات الواقعة ضمن صلاحياته أن تدير الأسواق المحلية وتسهر على وصول المنتجات بالجملة وتوزيعها على التجار، تماشيا مع التوجيهات الصادرة عن وزارة الصحة اللبنانية. وفي هذا الإطار سيعمل الموظفون الرسميون ضمن دوامين بالتناوب.

هذا وقد حددت الحكومة – لثلاثة أشهر خلت – غرامة مالية بقيمة خمسين ألف ليرة لبنانية (أي ما يعادل ستة دولارات) تُفرض على من يخالفون هذه الإجراءات. لكن نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة يفضل الكثيرون شراء الخبز عوضا عن الكمامات. والمعروف أن تدابير الإقفال ستحمل انعكاسات سلبية على الأوضاع المالية والاقتصادية الهشة أصلا، في وقت لم يعد فيه المواطنون قادرين على احتمال هذه الأوضاع. وما زاد الطين بلة الأضرار الجسيمة التي تعرضت لها أربعة مستشفيات في العاصمة اللبنانية جراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من الجاري. وقد باتت عاجزة عن توفير العلاج وأجهزة التنفس لأعداد كبيرة من المرضى أو المصابين بالفيروس.

بالعودة إلى الدراسة الأممية التي نشرتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا الغربية (الإسكوا) فقد تبيّن أن أكثر من خمسة وخمسين بالمائة من اللبنانيين باتوا يعانون من الفقر، في وقت كانت فيه هذه النسبة ثمانية وعشرين بالمائة العام المنصرم. أما نسبة الأشخاص الذين يواجهون الفقر المدقع فقد ارتفعت بثلاثة أضعاف، لتصل إلى ثلاثة وعشرين بالمائة مقابل ثمانية بالمائة العام الفائت. وما زاد الطين بلة توقف الاستثمارات الخليجية وشلل القطاع السياحي. ويرى بعض الخبراء أن الاقتصاد يدفع اليوم ثمن الأخطاء التي ارتُكبت بعد نهاية الحرب عام 1990 حين ارتكزت جهود أعادة الإعمار على القطاعين المصرفي والسياحي عوضا عن قطاعي الصناعة والزراعة.  

22 أغسطس 2020, 10:37