بحث

الكاردينال شيرني الكاردينال شيرني 

خطاب الكاردينال شيرني في الذكرى المائة والأربعين لوصول رسالة الإنجيل إلى الكونغو

يقوم عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال مايكل شيرني بزيارة إلى جمهورية الكونغو برازافيل بصفته موفداً خاصاً للبابا فرنسيس في الذكرى السنوية الأربعين بعد المائة لوصول رسالة الإنجيل إلى تلك البقاع. بدأت الزيارة يوم الجمعة الفائت وتستغرق لغاية الثلاثاء المقبل.

تخللت الاحتفال مداخلة للكاردينال شيرني سلط فيها الضوء على العلاقة القائمة بين الكرازة بالإنجيل والتنمية. استهل نيافته كلمته لافتا إلى أن لقاءه مع أخوة وأخوات أصدقاء هو دائماً مدعاة فرح له. ثم أكد أن الكنيسة الكاثوليكية في الكونغو مدعوة إلى العمل في سبيل الكرازة بالإنجيل والتنمية من أجل أجيال اليوم والغد، موضحا أن التعاليم الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية، والدساتير الرعوية وتعاليم الأحبار الأعظمين تلقي الضوء على هذا الموضوع.

وتحدث نيافته عن وعي كنسي جديد ظهر بعد المجمع الفاتيكاني الثاني ونضج هذا الوعي في ضوء الإنجيل، وقد أدرك آباء المجمع أن إعلان البشارة في العالم المعاصر يتطلب نشر أنتروبولوجيا لاهوتية، تأخذ في عين الاعتبار نظرة للإنسان تتماشى مع تعاليم الكتاب المقدس والتقاليد الكنسية. وأدركوا أيضا أن هذه المهمة تتطلب تقدماً حقيقياً، وتنمية للبشرية، وتعزيزاً للعلاقات بين الأمم، ومن هذا المنطلق لا بد من البدء في التأكيد على الكرامة الأساسية للكائن البشري وعلى الدفاع عن حقوق الإنسان والشعوب.

ولفت الكردينال شيرني على سبيل المثال إلى الرسالة العامة "ترقي الشعوب" للبابا بولس السادس التي شجعت الكنيسة على أن تدرك أن متطلبات الرسالة الإنجيلية تفرض عليها أن تضع نفسها في خدمة البشرية وأن تتدخل من خلال أعمال التضامن. كما أن البابا يوحنا بولس الثاني تطرق أيضا إلى مفهوم التنمية الذي ينبغي أن يكون له توجه خلقي، كي يعود بالفائدة على الجميع. وتوقف نيافته أيضا عند الرسالة العامة "المحبة في الحقيقة" للبابا بندكتس السادس عشر التي تناولت مسألة العولمة والخلل الناتج عن اللحمة الاقتصادية التي شهدها العالم. وشدد البابا راتزنغر على مسألة التعاضد كتعبير عن المحبة حيال الآخرين فضلا عن ضرورة مساعدتهم على تحقيق طموحاتهم وبلوغ الاستقلالية التامة.

في سياق حديثه عن تعاليم البابا فرنسيس توقف الكاردينال شيرني عند الإرشاد الرسولي الأول للبابا برغوليو "فرح الإنجيل"، وقال إن الحبر الأعظم انتقد العولمة بطريقة مباشرة من خلال هذه الوثيقة، لأنها تنظر إلى الكائن البشري كسلعة للاستهلاك، تُستخدم ثم تُنبذ. وهذا ما يولد ثقافة الإقصاء. وفي رسالته العامة "كن مسبحاً" انتقد البابا ما سماه بالنموذج التكنوقراطي، معتبرا أن السوق لا تضمن بحد ذاتها التنمية البشرية المتكاملة والاشتمال الاجتماعي.

وفي الرسالة العامة Fratelli Tutti، أكد البابا فرنسيس أن ثقافة الإقصاء يجب أن تزول لتحل مكانها ثقافة التلاقي التي تحركها مشاعر الصداقة والأخوة، كي يبصر النور مجتمع أكثر عدلا. وتحدث عن وجود صلة وثيقة بين انعدام المساواة والعنف، وفي هذا السياق شدد على أهمية السعي إلى نسج علاقات بين الأشخاص، وبين الأفراد والمجتمعات وبين الأمم. وحثّ كل مسيحي على تحمل مسؤولياته في هذا السياق.

بعدها توقف المسؤول الفاتيكاني عند بعض التحديات التي تواجهها الكنيسة الكاثوليكية في الكونغو اليوم، ولفت إلى آفة الفقر التي تتطلب معالجتها إطلاق سياسات اقتصادية تضع الكائن البشري في المحور، وتهدف إلى استئصال الفقر. وتحدث أيضا عن الرعاية الصحية، موضحا أن المسألة متصلة بالكرازة بالإنجيل لأن الكنيسة تدير عدداً كبيرا من المنشآت الصحية التي تقدم الخدمات للسكان.

فيما يتعلق بالبيئة لفت نيافته إلى أن هذه المشاكل مرتبطة بالفقر وبالاستعمار أيضا. ودعا إلى التنبه من التهديدات المتأتية عن الاستغلال العشوائي للموارد الطبيعية. وأشار أيضا إلى مسألة التربية التي تشكل مفتاحاً للتعامل مع المشاكل المذكورة آنفا، وسلط الضوء على الإسهام القيم الذي قدمه المرسلون في مجال التعليم في الكونغو.

في الختام أكد الكاردينال شيرني أن الكنيسة المحلية مدعوة إلى الاستمرار في إعلان الإنجيل انطلاقاً من المسيح الذي هو ملء الحياة وسلامنا وعدلنا ورجاؤنا. وشدد أيضا على ضرورة الاهتمام بالفقراء، مؤكدا أن الوعي الاجتماعي المرتكز إلى الإنجيل يتحقق عندما تحملنا الرأفة على إنقاذ الأخوة والأخوات الضعفاء وعلى حماية بيتنا المشترك.

03 يونيو 2023, 14:25