بحث

البابا بندكتس السادس عشر والكنيسة الكاثوليكية في الصين البابا بندكتس السادس عشر والكنيسة الكاثوليكية في الصين 

البابا بندكتس السادس عشر والكنيسة الكاثوليكية في الصين

مرة كل عام، ومنذ خمس عشرة سنة، يرفع الكاثوليك في العالم كله صلواتهم على نية أخوتهم وأخواتهم، أبناء الكنيسة الصينية. تُتلى هذه الصلوات في الرابع والعشرين من أيار مايو، يوم عيد العذراء مريم "معونة المسيحيين"، والتي تُكرم في مزار سيدة شيشان بالقرب من شانغهاي، ويعود الفضل إلى البابا الراحل بندكتس السادس عشر الذي أنشأ هذا اليوم في الرسالة الشهيرة التي وجهها إلى المؤمنين الكاثوليك في الصين عام ٢٠٠٧.

مما لا شك فيه أن يوزيف راتزينغر أدرك أن الصعوبات التي يعيشها المؤمنون الكاثوليك في الصين مرتبطة بالقلب النابض لرسالة الكنيسة، وقبل أن يصبح حبرا أعظم قدم إسهاماً مقرراً في توجيه خيارات الكرسي الرسولي حول القضايا المتعلقة بالكاثوليكية في جمهورية الصين الشعبية. فمنذ تسلمه قيادة مجمع عقيدة الإيمان، مطلع الثمانينيات، أطلق عملية من التمييز والدراسة بشأن أوضاع الكنيسة الكاثوليكية في الصين بالتزامن مع سياسة الانفتاح الاقتصادي على العالم، بعد ما سُمي بالثورة الثقافية. وتناولت الدراسة أوضاع الأساقفة الذين نالوا السيامة بدون موافقة البابا، وقد تم لاحقاً الاعتراف بهم من قبل روما. من هذه الدراسة التي تمت في ثمانينيات القرن الماضي، انطلقت المسيرة التي أفضت إلى الاتفاق الموقت بين الكرسي الرسولي والحكومة الصينية والذي وُقع عام ٢٠١٨، بشأن آلية اختيار الأساقفة الكاثوليك الصينيين.

بعد انتخابه حبرا أعظم وجه بندكتس السادس عشر رسالته الشهيرة إلى الكاثوليك الصينيين عام ٢٠٠٧، وكتب فيها أنه بنعمة من الروح القدس لم تُحرم الكنيسة في الصين من الرعاة، الذين حافظوا على الخلافة الرسولية، متحدثا عن سيامة سرية نالها الأساقفة الذين شاؤوا أن يحافظوا على أمانتهم للبابا، فيما طلب آخرون، ممن نالوا السيامة بدون موافقة البابا، أن يدخلوا في شركة مع الكنيسة لاحقا. وذكّر البابا الراحل بأن الكنيسة الكاثوليكية لا تطلب من الصين ومن السلطات الصينية أي امتيازات خاصة ... بل جلّ ما تريد هو أن تعلن على البشر المسيح الذي اعترف هو نفسه بالسلطة المدنية طالباً من التلاميذ أن يدفعوا الجزية لقيصر.

عام ٢٠١٠ وفي الكتاب المقابلة بعنوان "نور العالم" تطرق البابا راتزنغر مرة جديدة إلى الكنيسة في الصين لافتا إلى أن الأساقفة الذين نالوا السيامة بصورة غير مشروعة كانت لديهم دوما الرغبة في الاتحاد مع البابا، وهذا الأمر – مضى يقول – سمح لهم جميعاً بالقيام بمسيرة نحو الشركة. في السابع من أيار مايو ٢٠٠٨ حضر البابا الراحل حفلاً موسيقياً في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أحيته الأوركسترا الفيلهارمونية الصينية وحيا في المناسبة مؤسسة الأوركسترا وابنة  Deng Xiaoping والسفير الصيني في إيطاليا وكان ذلك اللقاء الأول والوحيد بين حبر أعظم وممثل رسمي عن الحكومة الصينية.

وقد سمح البابا راتزنغر باستئناف الحوار مع السلطات الصينية حول القضايا المتعلقة بالسيامات الأسقفية، وفي السادس والعشرين من شباط فبراير ٢٠٢٠ وجه عميد مجمع الكرادلة، الكاردينال جوفاني باتيستا ري، رسالة إلى كرادلة العالم، كتب فيها أن بندكتس السادس عشر وافق على مشروع الاتفاق الموقت المذكور آنفا والذي تم توقيعه في عام ٢٠١٨.

06 يناير 2023, 12:51