الكاردينال بارولين: مؤتمر سلام جديد في أوروبا لوقف الهمجية
"أخطاء" و"أهوال"، نداءات ومفاوضات، نزاعات وبصيص سلام، وإدمان عالمي ودموع البابا. هذا ما تمحورت حوله مداخلة أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عصر أمس الثلاثاء في مؤتمر "أوروبا والحرب، من روح هلسنكي إلى آفاق سلام"، الذي نظمته السفارة الإيطالية لدى الكرسي الرسولي بالتعاون مع المجلة الجيوسياسية لايمز ووسائل الإعلام الفاتيكانيّة.
توجّه الكاردينال بارولين بنظره إلى الوراء إلى عشرة أشهر من الحرب في أوكرانيا "التي بدأت بالعدوان الذي ارتكبه جيش الاتحاد الروسي"، ولكن أيضًا إلى المستقبل، طالبًا مشاركة عالمية لكي يُصار إلى مؤتمر سلام كبير من أجل أوروبا، مثل ذلك الذي عُقد في أعقاب حرب هلسنكي عام ١٩٧٥ وأوقف الحرب الباردة. ولكن القصد من هذا المؤتمر قال أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان ليس تحليل هلسنكي وإنما مناقشة احتمالات العودة إلى طاولة المفاوضات "بإبداع وشجاعة". أُمنية تصطدم للأسف بالواقع تابع الكاردينال بارولين يقول لأننا اليوم ليس لدينا الظروف لكي نكرر ما حدث في هلسنكي. ومع ذلك، علينا أن نعمل لكي نعيد إحياء روح هلسنكي: "نحن بحاجة لأن نواجه هذه الأزمة، هذه الحرب والعديد من الحروب المنسية، بأدوات جديدة. لا يمكننا أن نقرأ الحاضر ونتخيل المستقبل فقط على أساس المخططات القديمة أو التحالفات العسكرية القديمة أو الاستعمار الأيديولوجي والاقتصادي.
تمحورت مداخلة أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان كذلك حول السلطة التعليمية للباباوات، من الرسالة العامة "السلام في الأرض" لقداسَة البابا يوحنا الثالث والعشرين إلى الرسالة العامة "Fratelli Tutti" لقداسة البابا فرنسيس، وحول الأخبار التي تنقل منذ ٢٤ شباط فبراير صورًا دموية: مدنيون قتلى، أطفال تحت الأنقاض، جنود قتلى، نازحون، مدن نصف مدمرة في الظلام والبرد. إزاء هذا الألم "هناك خطر الإدمان"، قال الكاردينال بارولين. وبهذا المعنى سلّط الضوء على أن دموع البابا عند أقدام تمثال العذراء مريم سيّدة الحبل بلا دنس هي "ترياق قوي ضد خطر العادة واللامبالاة". كما ذكر الكاردينال بارولين أيضًا بنداء البابا "للجوء إلى جميع الأدوات الدبلوماسية، حتى تلك التي لم يتم استخدامها حتى الآن من أجل الوصول إلى سلام عادل. سلام يبدو هدفاً بعيد المنال، لا سيما في الأسابيع الأخيرة، التي، على الرغم من أنها شهدت "بعض المؤشرات" لاستئناف محتمل للمفاوضات، إلا أنها شهدت أيضًا "إغلاقًا وتكثيفًا للقصف".
أدان الكاردينال بارولين في مداخلته صوت الإرهاب، لأن هناك "حديث خلفي عن استخدام الأجهزة النووية والحرب الذرية كاحتمالات محتملة"، كما أدان أيضًا "تسارع سباق التسلح في مختلف بلدان العالم، باستثمارات ضخمة من المال" من الأفضل أن يتمَّ استخدامها للطعام والعمل والرعاية الطبية. وقال "علينا أن نسأل أنفسنا عما إذا كنا فعلاً نفعل كل شيء ممكن لكي نضع حدًّا لهذه المأساة!". ومن هنا وجّه أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان دعوة صادقة جديدة لجميع رواد الحياة الدولية، في أعقاب دعوة البابا فرنسيس بعد صلاة التبشير الملائكي في الثاني من تشرين الأول أكتوبر، "لفعل كل ما هو ممكن من أجل وضع حد للحرب الجارية، دون التورط في تصعيد خطير، ومن أجل تعزيز ودعم مبادرات الحوار".
تابع أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان متسائلاً نحن بحاجة إلى الشجاعة، لكي نراهن على السلام وليس على حتمية الحرب ... فلماذا لا نعمل معًا لكي نعقد مؤتمرًا أوروبيًّا كبيرًا جديدًا مكرّسًا للسلام؟ واقترح أن يصار إلى إشراك أكبر منظم ومحدد مسبقًا، للمجتمع المدني الأوروبي وحركات السلام ومراكز الفكر والمنظمات التي تعمل على جميع المستويات للتثقيف من أجل السلام والحوار". وأكد في هذا السياق أن هذا الإشراك يمكنه أن يساعد في "تجديد وإنعاش مفاهيم السلام والتضامن التي يتم تذكرها، أحيانًا "وفقًا لما يناسبنا". علينا أن نكون أكثر جرأة وأن نعمل بجدية أكبر تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول لا نربطنَّ الرغبة في السلام التي تسكن قلوب شعوبنا في علية الأحلام التي لا يمكن تحقيقها! وخلص أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان إلى القول إن الكرسي الرسولي من جهته على استعداد لبذل كل ما في وسعه من أجل تعزيز عملية الحوار والتعاون. لذلك لنلتزم جميعًا بكتابة صفحة جديدة في تاريخ أوروبا والعالم، لكي نضع حدًّا للهمجية التي تقتل الإخوة في أوكرانيا.