بحث

ذكرى الرسالة التاريخية التي وجهها بندكتس الخامس عشر إلى البلدان المتقاتلة خلال الحرب العالمية الأولى ذكرى الرسالة التاريخية التي وجهها بندكتس الخامس عشر إلى البلدان المتقاتلة خلال الحرب العالمية الأولى 

ذكرى الرسالة التاريخية التي وجهها بندكتس الخامس عشر إلى البلدان المتقاتلة خلال الحرب العالمية الأولى

في مثل هذا اليوم، وبالتحديد في الأول من آب أغسطس ١٩١٧، وبعد مضي ثلاث سنوات على اندلاع الحرب العالمية الأولى، بعث السعيد الذكر البابا بندكتس الخامس عشر برسالة تاريخية إلى قادة الدول المتقاتلة. رسالة ما تزال آنية اليوم في وقت يشهد فيه العالم عدداً كبيرا من النزاعات والصراعات المسلحة، من بينها الحرب الروسية - الأوكرانية.

في الأول من آب أغسطس ١٩١٧ كان العالم يعاني من تبعات حرب اندلعت قبل ثلاث سنوات على أثر اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند في ساراييفو. وقد وجد البابا بندكتس الخامس عشر أمام عينيه أهوال عاصفة هوجاء هبت على أوروبا، كما قال، وشاء أن يوجه رسالة إلى قادة البلدان المتقاتلة داعيا لوقف الحرب في أقرب وقت ممكن، معتبرا أنها تبدو – مع مرور كل يوم – مجزرة لا جدوى منها.

نداء البابا جاكومو ديلا كييزا ما يزال آنيا وللأسف في عالم اليوم المطبوع بالصراعات المسلحة، من بينها الحرب الأوكرانية، ويطرح علينا سؤالا هاماً تضمنته رسالة البابا آنذاك: هل تسير أوروبا، المجيدة والمزدهرة، مسرعةً نحو الهاوية، نحو الانتحار؟ حثّ بندكتس الخامس عشر الحكومات على التوصل إلى اتفاق من أجل تحقيق سلام عادل ودائم، مشددا على ضرورة أن تتقدّم قوة القانون الخلقية على قوة السلاح. ودعا للتوصل إلى اتفاق عادل بين كل الأطراف يؤدي إلى نزع تدريجي للسلاح مقابل تقديم الضمانات اللازمة، كي يُصان الأمن داخل جميع الدول.

وكتب البابا ديلا كييزا أنه لا يتحرك بدافع مطامع سياسية، أو لصالح أي طرف من الأطراف المتقاتلة، لأن ما يحركه هو ضميره وواجبه كأب مشترك لجميع المؤمنين، وهو يسعى إلى تلبية النداءات التي أطلقها أبناء الكنيسة، بحثا عن كلمات تحقق السلام. وأضاف أن ما دفعه إلى توجيه الرسالة هو أيضا صوت البشرية والعقل، مشددا على ضرورة إطلاق صرخة سلام، وتوجيه نداء للقوى التي تُمسك بأيديها مصائر الأمم.

رسالة البابا بندكتس الخامس عشر اختُتمت بكلمات يمكن أن توجه اليوم إلى الأشخاص القادرين على إسكات الأسلحة. فقد كتب البابا: استمعوا إلى صلواتنا، وتجاوبوا مع الدعوة الوالدية التي نوجهها لكم باسم المخلص الإلهي، أمير السلام. فكروا بمسؤولياتكم الخطيرة أمام الله وأمام البشر. على قراراتكم يعتمدُ فرح وطمأنينة العديد من العائلات، وحياة آلاف الشبان، وسعادة الشعوب، التي من واجبكم أن توفرونهما. ليلهمكم الرب على اتخاذ القرارات بحسب مشيئته المقدسة، وليجعل منكم صانعي سلام للأجيال المستقبلية.

مما لا شك فيه أن ذكرى البابا بندكتس الخامس عشر ارتبطت ارتباطا وثيقاً بالنداءات العديدة التي أطلقها من أجل وضع حد للحرب العالمية الأولى. سيم كاهنا في العام ١٨٧٨، وعُين أمين سر للسفير البابوي في مدريد عام ١٨٨٣. نال سيامته الأسقفية من يد البابا بيوس العاشر عام ١٩٠٧ قبل أن يُعين رئيس أساقفة على بولونيا، ثم كاردينالا عام ١٩١٤. بعد ثلاثة أشهر فقط وافت المنية البابا بيوس العاشر، في العشرين من آب أغسطس، وبعد ثمانية أيام اندلعت الحرب العالمية الأولى. انتُخب ديلا كييزا حبرا أعظم في كونكلاف الحادي والثلاثين من آب أغسطس واتخذ اسم بندكتس الخامس عشر. ومنذ بداية حبريته عبر عن ألمه حيال أهوال الحرب.

وقد ألهمت حبريته البابا راتزنغر الذي قال إن اختياره اسم بندكتس السادس عشر، جاء تيمنا بسلفه الذي قاد الكنيسة خلال حقبة صعبة بسبب الحرب العالمية الأول.

01 أغسطس 2022, 11:15