بحث

الكاردينال بارولين: ليعُد السلام إلى أرض الكونغو التي ابتليت بالعنف والاستغلال

أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان يحتفل بالقداس الإلهي في ساحة برلمان كينشاسا، الموعد المحوري لزيارته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويلتقي عصر الأحد ممثلي عن الرهبانيات المحلية مع الأشخاص الذين يعتنون بهم

في إطار زيارته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ترأس الكاردينال بييترو بارولين أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان صباح أمس الأحد القداس الإلهي في ساحة برلمان كينشاسا بحضور حشد كبير من الأساقفة والكهنة والمؤمنين وللمناسبة وألقى الكاردينال بارولين عظة استهلها بكلمات ثلاث: سلام، أخوّة وفرح وقال إنها أحلام نرغب في أن نعانقها، ولكننا للأسف نعيشها بطريقة هامشية في أوقات عدم الاستقرار والصراع هذه. إنها في الغالب وعود ملكوت الله الذي يتحقق، وعود نتوق إليها داخليًا. نعم، نحن نشعر في داخلنا أننا خُلقنا وأننا أتينا إلى العالم من أجل سلام لا يكون مجرد فترة قصيرة بين الحروب، ومن أجل أخوة لا مثالية وإنما فعَّالة، ومن أجل فرح كامل ويفيض.

أمام شعب جرحته مشاكل مثل الغياب التام للعمل والتلوث والعنف في الجزء الشرقي من البلاد، حثّ أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان المؤمنين على عدم الاستسلام لـ "اليأس" و"الإحباط". وقال إن التجربة اليوم هي أن نستسلم في وجه الواقع، وننغلق في استسلام مميت وربما دون أن ندرك، ونهرب من مسؤولياتنا ونقع نوعًا ما في حالة الضحيّة، تاركين على الآخرين عبء الالتزام والجهود من أجل إعادة البناء. ولكن لا تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول علينا أن نتصرف وأن نقوم بذلك في اليقين بأن الله يعمل. نعم، الله يعمل. ولذلك، علينا أن نضع جانبًا الشعور بالوحدة والحزن والشكوك وخيبات الأمل، لأن الله دعونا لكي ننظر إلى المستقبل معًا، مُتّحدين مع بعضنا البعض ولكي نتغلب على كلِّ روح تحيز، وكلِّ تقسيم للجماعة، والعرق، والانتماء. مع الله، تابع أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان يقول، الذي هو أب وأمّ يمكننا أن نواجه كلَّ المحن والتجارب، لأنه ليس بعيدًا عنا، بل يسير معنا، وخطواته لا تحدث ضوضاء، لكنها تفتح الممرات. وبالتالي فكل يوم يمر لا يمثل خيبة أمل أخرى، وإنما هو خطوة إضافية نحو وعد الله بالسلام.

أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان في جمهورية الكونغو الديموقراطية
أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان في جمهورية الكونغو الديموقراطية

سلام، تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول موجّهًا نظره إلى شرق البلاد حيث يتعرض السلام باستمرار للتهديد من قبل الجماعات المسلحة والاستغلال والمصالح الجائرة، التي لطالما كانت البلاد ضحية لها؛ وقال إن الرغبة في الحصول على المواد الخام، والتعطش للمال والسلطة جميع هذه الأمور تغلق أبواب السلام، وتمثل هجومًا على حق الأشخاص في الحياة والسكينة. لكن يسوع يستمر في إرسالنا، نحن تلاميذه، لكي نتمكن من أن نُكرّر الكلمات عينها: سلام لهذا البيت! السلام لأرض الكونغو: لتصبح مجدّدًا بيت أخوَّة! ومن هنا جاءت دعوة الكاردينال بارولين إلى المسيحيين - الغالبية العظمى من السكان - ولجميع القادة لكي يعملوا من أجل السلام في هذا البلد العظيم، الذي ينعم بجمال الخليقة، وإنما وبشكل خاص بغنى النفوس التي تسكنه. وباسم البابا، ترك أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان للمؤمنين رسالة رجاء: "لا تثبط عزيمتكم"، حتى لو بدت لكم "انتظارات الخير حبرًا على ورق"، لأن أسمائنا مكتوبة في السماء ونحن أبناء القيامة، وشهود رجاء!

أما عصر الأحد فقد أراد أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين أن يكرسه لكي يلتقي بالبشريّة الجريحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبالتالي التقى في السفارة الرسولية في كينشاسا ممثلي عن الرهبانيات المحلية مع الأشخاص الذين يعتنون بهم: مسنون، أطفال، نساء عازبات مع أطفالهن، أزواج، مراهقون، يجمعهم جميعًا قاسم واحد مشترك هو الألم. ألم يأخذ شكل الرفض والوصمة الاجتماعية والمرض والإعاقة والهجر حتى من قبل أقرب الأشخاص. ألم شُفيَ بالحب فقط وبدون رعاية طبية محددة - حيث تغيب الموارد الاقتصادية لدعم أية رعاية صحيّة - من قبل رهبانيات ووقائع كنسية تعوض عن فراغ مؤسساتي كبير. كائنات بشريّة قال الكاردينال بارولين انتقلت من الموت إلى الحياة ومن الذل إلى الكرامة، ومن الحزن إلى الفرح. وخلال اللقاء منح الكاردينال بركاته للجميع، حصل بالمقابل على الأغاني والشكر وعقد من الورود الأرجوانية، وهو هدية هندية نموذجية وضعته حول عنقه راهبات مرسلات المحبّة، اللواتي ومع ممثلي الجماعات الرهبانية الأخرى تناوبوا ليقدموا شهادات حياتهم ويخبروا قصة خدمتهم على مثال المسيح.

أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان في جمهورية الكونغو الديموقراطية
أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان في جمهورية الكونغو الديموقراطية

إلى جميع هؤلاء الأشخاص، أكد أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان، قائلاً سأحمل بالتأكيد أسماءكم ووجوهكم إلى البابا فرنسيس، وسأطلب منه أن يحملكم في صلاته، ويشكر الله على العظائم التي صنعها من أجلكم. وأضاف إن الكنيسة الجامعة تشكركم وتشجعكم على المثابرة في أعمالكم، حتى لو كان ذلك على حساب الصعوبات والإخفاقات الظاهرة. لأنكم في حياتكم اليومية تختبرون كيف أن الحب عندما يوزع لا ينقسم ولا ينفد، بل يتكاثر وينمو. تابع الكاردينال بارولين يقول تبدو أسماءكم مثل العديد من النوتات الموسيقية الجميلة في ترنيمة الشكر التي علينا أن نرفعها يوميًّا إلى الله. وعندما اعتقدتم أن كل شيء قد ضاع، انبعث النور والحياة من ألمكم وحولا كل شيء. بالطبع، ليس كل شيء ورديًا ولا يزال يتعين عليكم مواجهة الأوقات الصعبة، وربما العديد من المخاوف لكن الله قد فتح طريقًا جديدًا لكل فرد منكم، وأنهضكم ويدعوكم لكي تواصلوا السير معه، ويمدُّ يده لكم، فلا تفلتوها!

04 يوليو 2022, 10:50