السفير البابوي في أوتاوا يحدثنا عن زيارة البابا فرنسيس إلى كندا
الزيارة الرسولية السابعة والثلاثون التي يقوم بها البابا فرنسيس تجري تحت شعار "السير معا"، وستساهم بلا شك في إعطاء دفع لمسيرة الشفاء والمصالحة مع السكان الأصليين، الذين تضرروا كثيراً بسبب سياسات الاستيعاب الثقافي التي شارك فيها العديد من المسيحيين، بينهم أعضاء في الجمعيات الرهبانية. زيارة تتمحور حول مسيرة الحوار والإصغاء والتضامن مع السكان الأصليين، والتي أطلقها البابا فرنسيس في الربيع الماضي، خلال استقباله ممثلين عن هذه الجماعات في الفاتيكان. قال الدبلوماسي الفاتيكاني في حديثه لموقعنا إنه منذ تعيينه في هذا المنصب في العام ٢٠٢١، تمكن من الغوص في واقع المجتمع الكندي حيث لمس انتقادات تجاه الكنيسة بسبب ماضيها. ولفت إلى أن الكنيسة قامت بالكثير من الأفعال الجيدة، بيد أن الانتقادات تتعلق بمسألة الحفاظ على الهوية الثقافية للسكان الأصليين. وأضاف أن مجلس الأساقفة المحلي أعد – خلال السنوات الثلاث الماضية – مسيرة تبدأ بلقاء شخصي بين ممثلين عن تلك الجماعات والبابا، وكانت لقاءات مهمة جداً جرت في أواخر آذار مارس ومطلع نيسان أبريل الماضيين، ومهدت الطريق أمام زيارة البابا هذه التي تُعلق عليها آمال كبيرة. بعدها انتقل رئيس الأساقفة يانوكوفيتش للحديث عن الوقع الذي ستتركه الزيارة البابوية على الرأي العام المحلي، الذي كوّن أفكاراً عن الكنيسة لا ترتكز غالباً إلى الوقائع، موضحا أن السبب يعود أيضا إلى التبسيط المفرط الذي قدمته وسائل الإعلام، مع أن للكنيسة مسؤوليات تراكمت على مر التاريخ. وأضاف أن الكثير من الكنديين يشعرون بالفرح حيال هذه الزيارة الصعبة التي يقوم بها البابا نظراً لوضعه الصحي، ويأمل الكثيرون بأن تحمل المبادرة العزاء للسكان الذين تألموا كثيرا في الماضي. وشدد على ضرورة أن تستمر الكنيسة في العمل من أجل تعزيز حقوق السكان الأصليين، وأن تتخذ موقفاً يندرج في سياق مسؤولياتها الاجتماعية. هذا ثم لفت السفير البابوي في أوتاوا إلى أن البابا يقوم اليوم بأقصى ما يمكن فعله، فهو يسعى – من خلال شهادته الشخصية وكلماته – للتعبير عن قربه من السكان الأصليين. وهو أظهر أنه يدرك تماماً أوضاع الظلم التي عانى منها السكان الأصليون، وهذا الأمر يساعدنا على السير نحو المستقبل بتفاؤل متجدد، موضحا أن الكنيسة لا تريد أن تنأى بنفسها عن المشاكل الواقعية، بل تريد أن تكون جزءا من الحل، والشخص الوحيد القادر على تحقيق هذا الأمر هو البابا فرنسيس. تابع الدبلوماسي الفاتيكاني مذكرا بأن الكنيسة اتُهمت بالمشاركة في مخطط وضعته الحكومة يهدف إلى إمحاء هوية السكان الأصليين من أجل خلق مجتمع كندي جديد. وأشار سيادته إلى أن هذا الأمر ألحق ضررا كبيراً بالكنيسة على الرغم من كل المبادرات الإيجابية التي قامت بها. وأوضح أن الكنيسة وعقيدتها الاجتماعية قادرتان على النظر إلى الماضي بطريقة نقدية، والمسألة لا تتعلق بكندا وحسب إذ هناك أوضاع مماثلة حصلت في بلدان وقارات أخرى، وعلى الكنيسة أن تتخذ الخطوات المماثلة بغية تخطي حالات الظلم تلك. لم تخل المقابلة مع السفير البابوي من الحديث عن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وقال إن المسألة تحظى باهتمام كبير في كندا نظرا لوجود جالية أوكرانية كبيرة في البلاد، استقرت على مدى قرن من الزمن. وأوضح أن الكنديين ينظرون باهتمام إلى مواقف فرنسيس، حيال هذه المأساة التي تشهدها القارة الأوروبية، لذا فإن البابا يأتي أيضا حاملاً سلاماً كونياً، لا يقتصر فقط على المصالحة الوطنية. إنه قلق على السلام في العالم الذي بات عرضة للخطر. |