بحث

الكاردينال شيرني يدعو إلى بناء علاقات إنسانية في عالم سمّمه الحقد الكاردينال شيرني يدعو إلى بناء علاقات إنسانية في عالم سمّمه الحقد 

الكاردينال شيرني يدعو إلى بناء علاقات إنسانية في عالم سمّمه الحقد

خلال أمسية الصلاة التي نُظمت عشية "المسيرة من أجل السلام بيروجا – أسيزي"، قدم عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال مايكل شيرني تأملات ليشدد – في ضوء الإنجيل – على ضرورة القيام بمبادرات من الأخوّة والمصالحة، خصوصا في زمن الحرب الذي نعيشه اليوم، وسلط الضوء على أهمية أن يكون القلب مفعماً بالرأفة حيال الضحايا الأبرياء للحقد البشري ولحب السلطة.

ترأس الكاردينال شيرني إذا أمسية الصلاة التي نُظمت في بازيليك القديس فرنسيس السفلى، بحضور المشاركين في المسيرة السلمية التي تُقام سنوياً من مدينة بيروجا إلى مدينة أسيزي. وجاءت المناسبة كمحطة من الاستعداد الروحي للمشاركة في هذه المبادرة، خصوصا في المراحل الصعبة والمظلمة التي يعيشها العالم، إزاء الحرب الدائرة في أوكرانيا.

تمحور التأمل لنيافته حول نص الإنجيل الذي يحدثنا عن "التنافسية" بين تلاميذ المسيح، وتحدث عن الثورة المسيحية التي يدعونا إليها الرب، إذ لا بد من التخلي عن حب التفوق على الآخرين، ووقف السباق نحو النصر، مهما كلف الأمر، لأن هذه التصرفات تسيء إلينا في بادئ الأمر، وتلحق الضرر بالعلاقات الإنسانية. وقال الكاردينال شيرني إنه في وقت تردنا أنباء رهيبة عن الحروب لا بد أن نتسلح بمواقف عكس التيار. وأضاف أنه بدءا من الأفعال الصغيرة التي نقوم بها ينبغي أن نعود إلى إنسانيتنا، لافتا إلى أنه في عالم تسمّمه الخصومات والأحقاد وأعمال العنف، إننا مدعوون لأن نكون بناةً لعلاقات إنسانية ترتكز إلى الضيافة والمحبة المتبادلة.

أضاف نيافته يقول إنه إذا كان منطق التسلط يستهوي قلوب أشخاص كثيرين، علينا أن نستمع إلى كلمات الرب يسوع الذي يدعونا لأن نكون خداماً لبعضنا البعض، ونسهر على سعادة الآخرين، وعوضا عن التسلط على الأشخاص ينبغي أن ننحني لنغسل أقدامهم. وأشار في هذا السياق إلى أن الرب لا يسعى إلى خنق تطلعاتنا الإنسانية المحقة، وهو يدعونا إلى قراءة كل شيء في ضوء المحبة والأخوة. وتمنى نيافته أن تبقى حية بداخلنا ذكرى وحشية الحروب، التي غالباً ما ننساها، كما يقول البابا فرنسيس. ولا بد أن تشجعنا هذه الذكرى دوماً على تحقيق المصالحة.

تابع عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة تأملاته في أمسية الصلاة متوقفا عند مثل السامري الصالح في الإنجيل، الذي يحدثنا عن انحناء الله على معاناتنا، لافتا إلى أن الرب لا يقف غير مبالٍ أمام دموع خلائقه، فإنه يقترب منهم ليداوي جراحاتهم. وقال نيافته إنه عندما نمر بأكثر مراحل الحياة صعوبة وظلاماً، وعندما نختبر استبداد الخطية، وعندما نرزح تحت وطأة وحدة تفقدنا الوجهة حيث لا نجد معنى للأوضاع التي نمر بها، عندما نشعر بالعجز في حياتنا، وعندما نلمس بأيدينا جراح حياتنا الهشة المطبوعة غالباً بالفشل والمعاناة والألم، وعندما يقودنا الانغلاق والأنانية نحو العزلة والكراهية والحقد ويولدان صراعات وحروباً تترك وراءها أنهاراً من الدماء، وعندما نحمل في قلوبنا وأرواحنا وأجسادنا جراحات الإنسانية المعذبة، لا بد أن ندرك أننا لسنا لوحدنا لأن الله انحنى وجاء إلينا.

في ختام تأملاته شدد الكاردينال شيرني على ضرورة الاقتداء بمثل الرب الذي يمنحنا القوة ويضعنا على الطريق الصحيح. وتمنى ألا يبقى أي شخص أسير اللامبالاة إزاء ما يجري حولنا، وحيال جراحات الأخوة والأخوات. وحذر من مغبة أن نفعل كاللاوي في مثل السامري الصالح الذي تابع سيره ولم يهتم بالرجل الجريح. وذكّر بأن الدين الأصيل يتطلب ممارسة المحبة والرأفة حيال الآخر، داعيا إلى العمل على نشر ثقافة السلام بواسطة أعمال صغيرة من المصالحة نقوم بها في حياتنا اليومية.    

25 أبريل 2022, 10:20