الكاردينال بارولين: إن من يخوض الحرب يستسلم لمنطق شر السلاح وينسى الإنسانية
استهل نيافته حديثه مشيرا إلى موقف الكرسي الرسولي، الذي عبر عنه البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة قائلا "لا للحرب"، ومؤكدا أن الحرب هي ضرب من الجنون ولا بد من وضع حد لها. وأضاف بارولين أن الكرسي الرسولي يخاطب ضمائر الجميع مطالبا بوقف الاقتتال في أوكرانيا، والذي يحصد الضحايا بين النساء والأطفال والمسنين العزل. وعبر عن قلقه حيال الأعداد الكبيرة من النازحين الهاربين من القصف ومشاهد المدن المدمرة. وقال إنه التقى عددا من اللاجئين الأوكرانيين الذين وصلوا إلى إيطاليا وتساءل ما هو ذنب هؤلاء الأشخاص الأبرياء. وأوضح أن الوقوف موقف المتفرج إزاء ما يجري يقتضي أن يكون للمرء قلب من حجر، لافتا إلى أن الحرب هي ضرب من الهمجية. وذكر بالنداء الذي أطلقه البابا فرنسيس بعد تلاوته صلاة التبشير الملائكي في السابع والعشرين من شباط فبراير الماضي، مشيرا إلى المادة الحادية عشرة من الدستور الإيطالي، التي تؤكد أن إيطاليا تنبذ الحرب كأداة تنال من حريات الشعوب، وكوسيلة لحل الخلافات الدولية. وأكد نيافته في هذا السياق أن من يخوض الحرب يستسلم لمنطق شر السلاح، وينسى الإنسانية، وهو واقع غالبا ما ينساه الأشخاص، خصوصا عندما تُخاض الحروب في مناطق بعيدة، بيد أن عالمنا بات اليوم مترابطاً ولا يوجد مكان بعيد أو قريب. ردا على سؤال بشأن الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى مقر السفارة الروسية لدى الكرسي الرسولي بعد يومين على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، إن الحبر الأعظم شاء – من خلال هذه المبادرة التي لا سابق لها – أن يعبر للسلطات الروسية عن قلقه البالغ حيال التصعيد الحربي، الذي بدأ للتو، وقرر أن يقوم شخصياً بهذه الخطوة، فتوجه إلى مقر البعثة الدبلوماسية الروسية لدى الكرسي الرسولي. بعدها تطرق نيافته إلى الاتصال الهاتفي الذي أجراه، منذ بضعة أيام، مع وزير الخارجية الروسي سيرغاي لافروف، وقال إنه كرر النداء الذي أطلقه البابا فرنسيس من أجل وقف إطلاق النار، ودعا محاوره إلى وضع حد للقتال والبحث عن حلول تفاوضية للصراع. وأضاف بارولين أنه شدد لوزير الخارجية الروسي على ضرورة احترام السكان المدنيين، وضمان الممرات الإنسانية. وأكد مجددا، كما فعل البابا بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي يوم الأحد الفائت، استعداد الكرسي الرسولي التام للقيام بدور الوساطة تسهيلا لتحقيق السلام في أوكرانيا. تابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان حديثه لموقعنا واصفا الحرب بالسرطان الذي ينتشر ويُغذي ذاته. وقال إنها مغامرة لا عودة منها، كما كان يقول البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. وأضاف بارولين أننا نجد اليوم أنفسنا في دوامة قد تترتب عليها نتائج كارثية للجميع. وعندما يرتفع عدد الضحايا الأبرياء يصبح من الصعب أن نعود إلى الوراء، مع أن هذا الأمر ليس مستحيلاً، إذا توفرت الإرادة. وأكد نيافته أنه لا يسعنا اليوم أن نستسلم لمنطق الحرب وأن نُطفئ شعلة الأمل. وشدد على ضرورة أن نرفع جميعاً صرخة إلى الله وإلى البشر، كي تسكت الأسلحة ويحل السلام، تماماً كما يفعل البابا فرنسيس. هذا ثم توقف الكاردينال بارولين عند العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية التي تقر بشرعية المقاومة المسلحة إزاء الاعتداء، لكنه تساءل ما إذا كان الأطراف يبذلون كل ما في وسعهم من أجل التوصل إلى هدنة، وما إذا كان الصراع المسلح السبيل الوحيد. وقال إن السلام ليس "يوطوبيا"، ولا بد من العمل من أجله لأنه علينا أن ننقذ أرواح العديد من الأشخاص الذين يموتون تحت القنابل. من هذا المنطلق ثمة حاجة ملحة لمبادرات سياسية ودبلوماسية واسعة النطاق، تكون قادرة على بلوغ وقف إطلاق النار وإفساح المجال أمام مفاوضات سلمية. والكرسي الرسولي مستعد لبذل كل ما في وسعه من أجل تحقيق هذا الهدف. في ختام حديث لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني شاء نيافته أن يتطرق إلى كلمات البابا الذي وصف ما يجري في أوكرانيا بـ"الحرب"، لا بـ"العمليات العسكرية"، كما يصر على التأكيد الجانب الروسي، وقال الكاردينال بارولين إن الكلمات لها أهمية، واعتبار ما يجري في أوكرانيا "عمليات عسكرية" يشكل إنكاراً للواقع، لأننا نجد أنفسنا اليوم أمام حرب تحصد الضحايا وسط المدنيين الأبرياء، كما يحصل في جميع الحروب. |