بحث

poveri19.jpg

الكرسي الرسولي: يمكن بناء مستقبل أفضل عبر وضع الإنسان في المركز وتغيير أسلوب حياتنا

خلال مشاركته في اللقاء التحضيري الأول للمنتدى الاقتصادي والبيئي الثلاثين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تحدث مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى المنظمة المطران يانوش أوربانشيك عن كون مستقبل أفضل ممكنا، وذلك في حال اخترنا بشكل جماعي إعادة التفكير في فهمنا لمعنى حياتنا ونشاطنا ككائنات بشرية، وإن كنا مستعدين لتغيير أساليب حياتنا الحالية. كما وشدد على ضرورة وضع الإنسان في مركز الاقتصاد.

شارك المطران يانوش أوربانشيك مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في اللقاء التحضيري الأول للمنتدى الاقتصادي والبيئي الثلاثين للمنظمة. وفي الجلسة الافتتاحية الاثنين ١٤ شباط فبراير، والتي كان موضوعها تعزيز الأمن والاستقرار من خلال انتعاش اقتصادي مستدام من جائحة كوفيد ١٩، أعرب المطران أوربانشيك عن شكر الكرسي الرسولي للرئاسة البولندية لمنظمة الأمن والتعاون ولمكتب تنسيق المنظمة على الجهود التي قادت إلى تنظيم هذا اللقاء التحضيري الأول. وتابع أن الكرسي الرسولي يرحب بدورة هذا العام من المنتدى الاقتصادي والبيئي كفرصة لتبادل الرؤى حول الانتعاش الاقتصادي المستدام في إطار جائحة كوفيد ١٩. وذكَّر في هذا السياق بتأكيد اتفاق هلسنكي سنة ١٩٧٥حول الأمن والتعاون في أوروبا على أن بلوغهما يتطلب مكونات كثيرة من بينها التنمية الاقتصادية المستدامة والتعاون.

ثم واصل المراقب الدائم مشيرا إلى أن الجائحة قد أوضحت اللامساواة واللاعدالة، واقعان يهددان رخاء الشعوب وأمنها وحياتها، كما تحدث عن تسبب الجائحة في تفاقم أزمات متداخلة فيما بينها، اقتصادية، إيكولوجية، سياسية واجتماعية، أزمات تؤثر في المقام الأول على الفقراء والأشخاص الأكثر ضعفا. وأراد المراقب الدائم التذكير هنا بتأكيد البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة على أننا لن نخرج من الجائحة كما كنا، بل إما أفضل أو أسوأ من السابق. وتابع المطران أوربانشيك معربا عن ثقة الكرسي الرسولي في أن مستقبلا أفضل هو ممكن في حال اخترنا بشكل جماعي إعادة التفكير في فهمنا لمعنى حياتنا ونشاطنا ككائنات بشرية، وإن كنا مستعدين لتغيير أساليب حياتنا الحالية. وأحد التغييرات يتعلق بنظرتنا الحالية إلى الاقتصاد والذي يجب قبل كل شيء أن يكون في خدمة الأشخاص والكوكب حسب ما تابع المراقب الدائم مذكرا بدعوة البابا فرنسيس عالم الأعمال إلى تغيير معايير النجاح، وذلك من المكاسب والتوسع والعائدات قصيرة الأمد ليصبح المقياس عدد الأشخاص الذي يخرجون من الفقر المدقع. وتحدث المطران أوربانشيك أيضا عن تذكير الأب الأقدس بضرورة تعديل النماذج الاجتماعية الاقتصادية كي يكون لها وجه إنساني فقده الكثير من هذه النماذج.

وفي ختام مداخلته توقف مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عند تسليط الجائحة الضوء على اللامساواة في قطاعات اجتماعية واقتصادية عديدة، وأكد أن الوضع الحالي يستدعي جهودا مشتركة من الدول الأعضاء في المنظمة لتقاسم أفضل تطبيقاتها والعمل معا من أجل تقليص المخاطر الاقتصادية ومأساة الجوع وخطر الفقر.

هذا وفي مشاركته في جلسة أخرى للّقاء التحضيري في اليوم التالي ١٥ شباط فبراير، تمحورت حول أهمية رأس المال البشري بالنسبة للأمن الاقتصادي والتنمية الشاملة بعد الجائحة، ذكَّر المطران أوربانشيك بحديث البابا فرنسيس في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام عن العمل باعتباره وسيلة من أجل تحقيق كامل للكرامة البشرية. وتابع المراقب الدائم أن العمل هو بالتالي شرط أساسي لتحقيق الأمن والسلام الدائم.

شدد المطران يانوش أوربانشيك بعد ذلك على أن الأمن والاستقرار يمكن بلوغهما حين تتوفر الفرص لجميع مَن هم في سن العمل كي يساهموا، من خلال عمل كريم، في حياة عائلاتهم والمجتمع ككل. وتابع أن على الحكومات والمجتمع المدني العمل معا على دمج المهاجرين واللاجئين في المجتمع والاقتصاد. وواصل مذكرا بتأكيد البابا فرنسيس على أن هناك اليوم حاجة ملحة أكثر من أي وقت سابق إلى تعزيز ظروف عمل جيدة وكريمة انطلاقا من السعي إلى الخير العام وحماية الخليقة. كما وذكَّر المراقب الدائم بتشديد الأب الأقدس على ضرورة بذل الجهود من أجل تشجيع حس متجدد بالمسؤولية الاجتماعية كي لا يكون الكسب المقياس المحرك الوحيد.      

ثم ختم المطران يانوش أوربانشيك مؤكدا ثقة الكرسي الرسولي أنه من خلال وضع الإنسان في مركز المسيرة الاقتصادية ستزدهر الكرامة البشرية والمجتمعات ما سيقود إلى أمن ورخاء أكبر.

16 فبراير 2022, 12:22