بحث

img001aem.jpg

الكاردينال سيميرارو يترأس قداس تطويب خادم الله خوان إلياس ميدينا و١٢٦ شهيدا

تم الاحتفال في قرطبة السبت ١٦ تشرين الأول أكتوبر بتطويب ١٢٧ شهيدا قُتلوا خلال الحرب الأهلية الإسبانية. وترأس القداس الإلهي عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال مارتشيلو سيميرارو.

ترأس الكاردينال مارتشيلو سيميرارو عميد مجمع دعاوى القديسين صباح السبت ١٦ تشرين الأول أكتوبر في كاتدرائية قرطبة الإسبانية قداس تطويب خوان إلياس ميدينا و١٢٦ من رفاقه الشهداء الذين قُتلوا خلال الحرب الأهلية الإسبانية من ١٩٣٦ حتى ١٩٣٩. وانطلق الكاردينال سيميرارو في عظته من كلمات يسوع إلى التلاميذ "إذا أبغضكم العالم"، فقال إن هذا يجعل الأفق أمام التلاميذ يبدو مقلقا ومحبطا، لكنه لم يخلُ من النور حيث قال لهم يسوع "إِنِّي اختَرتُكم مِن بَينِ العالَم"، أي أن يسوع وبينما يخبرنا ببغض العالم يُذكِّرنا بمحبته الرحومة لنا والتي جعلته يختارنا. إلا أن هذه المحبة لا تقتصر على مجرد الاختيار، حسب ما ذكر عميد مجمع دعاوى القديسين، بل هي فعل خلاص. وذكَّر هنا بصرخة بطرس ((يا رب، نَجِّني! )) حين كان خائفا عندما أخذ يغرق فمد يسوع يده لوقته وأمسكه.

وتابع الكاردينال سيميرارو منطلقا من كلمات القديس أغسطينوس أن هناك في بغض العالم نوعا من الغيرة، غيرة مَن فقد فريسته، ولهذا فهناك ذاك الالتزام المزدوج الذي تحفزه في نفوسنا كلمة الرب، الابتعاد عن العالم الذي فضَّل الظلام على النور والخطأ على الحق والكراهية على المحبة، ثم الانتباه إلى عدم الاستسلام لإغراء الحنين إلى الخطيئة. وذكَّر عميد المجمع في هذا السياق بكلمات القديس بطرس: " فإِنَّهمُ إِذا ابتَعَدوا عن أَدْناسِ الدُّنْيا لِمَعرفتِهم رَبَّنا ومُخَلِّصَنا يسوعَ المسيح، ثُمَّ عادوا إِلَيها يَتَقلَّبونَ فيها فَغُلِبوا على أَمْرِهم، صارت حالتُهمُ الأَخيرةُ أَسوَأَ مِن حالتِهمِ الأُولى" (٢ بطرس ٢، ٢٠). تريد كلمات يسوع من جهة أخرى، واصل عميد مجمع دعاوى القديسين، أن تُذكِّرنا بقربه، فحين يقول "لستم من العالم" فإنه يريد طمأنتنا أنه يرانا دائما كأصدقائه، تلاميذه، أخوته. كما ويُذكِّرنا يسوع بأن "الله أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة". وهذا هو الوعي الذي حفز الشهداء الذين يُحتفل اليوم بتطويبهم والذين صرخ الكثير منهم خلال قتلهم: عاش المسيح الملك.  

وعاد الكاردينال سيميرارو إلى كلمات يسوع إلى تلاميذه: " لو كُنتُم مِنَ العالَم لأَحَبَّ العالَمُ ما كانَ لَه"، فقال إن هذه دعوة إلى التمييز فيما يمكن تسميته ببغض العالم. ويرى عميد المجمع أننا نخطئ حين نقصد بهذا التعبير أية مصاعب تواجهنا والمشاكل التي لا تنطلق من كوننا بالفعل تلاميذ الرب بل هي تبعات دخولنا منطق العالم. ليست كل المصاعب بغض العالم بل فقط العنف الذي يضربنا لأننا ننتمي إلى الرب، من أجل اسمه. وبفضل هذا اليقين الداخلي يصل المسيحي حتى إلى الفرح للمعاناة حسب ما جاء في أعمال الرسل "أمَّا هَم فانصَرَفوا مِنَ المَجلِسِ فَرِحين بِأَنَّهم وُجِدوا أَهلاً لأَن يُهانوا مِن أَجْلِ الاسْم". وذكَّر عميد المجمع من جهة أخرى بدعوة بولس الرسول إلى عدم التزعزع أمام الاضطهاد "فإِنَّكم تَعلَمونَ أَنَّنا جُعِلْنا لِذلِكَ". بغض العالم إذاً لا ينفصل عن كوننا تلاميذ يسوع، واصل الكاردينال سيميرارو مذكرا بحديث يسوع إلى التلاميذ عن أن العالم "أبغَضَني قَبلَ أَن يُبغِضَكم"، وأيضا بحديث القديس أغسطينوس عن أن الشهيد هو مَن يرغب في الاستشهاد.   

وفي حديثه عن الشهداء المطوَّبين قال الكاردينال مارتشيلو سيميرارو عميد مجمع دعاوى القديسين إننا أمام مجموعة من أشخاص يتميزون بتنوع الجوانب الشخصية وغنى العمق الروحي، وأيضا بجذور عميقة في بعض الحالات في العلوم اللاهوتية تم التعبير عنها في الحياة اليومية قبل بلوغ الاستشهاد الذي ختم بالدم حياة كاملة. نحن أمام تاريخ يمكن لتذكُّره أن يكون مكان كرازة في أوساط معلمَنة.

هذا والشهداء الـ ١٢٧ هم ٧٩ كاهنا، و٥ إكليريكيين، ٣ رهبان فرنسيسكان، راهبة و٣٩ من المؤمنين العلمانيين، ٢٩ رجلا و١٠ نساء. وقد قُتلوا في السنوات ما بين ١٩٣٦ و١٩٣٩ خلال الحرب الأهلية في إسبانيا وذلك في ثلاث مناطق من أبرشية قرطبة.

17 أكتوبر 2021, 12:15