رئيس الأساقفة غالاغر يشارك في المؤتمر الأول للمرسلين الإيطاليين في العالم ويسلط الضوء على أهمية الخدمة الإرسالية في الكنيسة
عبّر المسؤول الفاتيكاني في مداخلة ألقاها خلال المؤتمر عن امتنانه الكبير لهؤلاء المرسلين والمرسلات الإيطاليين، الذين يشكلون رمزاً لسخاء بلادهم، ويمثلون في الوقت نفسه الكنيسة الجامعة ويعبرون عن رغبات العالم، وتوجه إلى هؤلاء الرجال والنساء المنتشرين في مختلف أصقاع الأرض، قائلا لهم: "شكراً على مثالكم الشجاع وعلى شهادتكم للإيمان"، معبرا في الوقت نفسه عن فرحه الكبير لإطلاق سراح الراهبة Gloria Cecilia Narvaez Argoti التي اختُطفت في منطقة كارانغاسّو بجنوب مالي في عام ٢٠١٧، وتم إطلاق سراحها بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة الإيطالية.
بعدها وصف سيادته بـ"خبراء الرسالة" جميع الرهبان والراهبات والعلمانيين الذين كرسوا حياتهم لهذه الخدمة وجعلوا منها خبرةً إرسالية. وتوقف عند القواسم المشتركة القائمة بين نشاط المرسلين ونشاط السلك الدبلوماسي للكرسي الرسولي. وقال إن المرسلين والدبلوماسيين يتركون أرضهم، ويضعون أنفسهم في خدمة مجتمعات جديدة، ويبذلون كل ما في وسعهم من أجل الغوص في ثقافة الدول التي يُرسلون إليها.
ولهذا السبب – تابع رئيس الأساقفة غالاغر يقول – أصرّ البابا فرنسيس على أن تُدرج الخدمة الإرسالية في مسيرة التنشئة التي يقوم بها دبلوماسيو الكرسي الرسولي. وذلك ليؤكد أن الإنسان لا يستطيع أن يقدم خدمة حقة، إن لم يختبر القرب من الآخرين. وتوقف في هذا السياق عند النشاط الدبلوماسي للكرسي الرسولي مؤكدا أن الفاتيكان لن يتعب قط من رفع صوته دفاعا عن كرامة كل كائن بشري، وعن قدسية الحياة البشرية، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الأشد ضعفا، فضلا عن السعي إلى صون الحق الأساسي في الحرية الدينية، وإلى تعزيز العلاقات بين الأشخاص والشعوب، استنادا إلى العدالة والتضامن. وقال إن الكرسي الرسولي يسعى – من خلال القيام بدوره على الصعيد العالمي – إلى خدمة الخلاص المتكامل للإنسان.
مضى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول إلى القول إن الخدمة الإرسالية ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل الأوضاع الصعبة التي نمر بها، والمطبوعة بالجائحة، التي اختبرنا خلالها الإحباط واليأس والتعب. وذكّر بأن البابا فرنسيس شدد على أهمية الدور الذي يلعبه المرسلون والمرسلات في هذا السياق الصعب، مسطرا الحاجة الملحة إلى مرسلي الرجاء، المتّحدين مع الرب والقادرين على تذكير الجميع بأن لا أحد يستطيع أن ينجو لوحده.
وأضاف سيادته أن الشهادة التي يقدمها المرسلون تذكّرنا بأن العالم يستطيع أن ينمو ويتابع مسيرته إذا كان لدينا قلب واسع وشرح، لا يهتم فقط بالذات بل ينفتح على الآخر. وقال إن المرسل هو من لا يخشى التغيير، لأنه يُدرك أن الرسالةَ ليست لأشخاص يتمسكون بعاداتهم، بل على العكس، إنها تتطلب أناساً يملكون الشجاعة القادرة على تذليل كل العقبات التي تحول دون التلاقي بين الناس. فالمرسل ليس شخصاً كاملا، بل هو إنسان متحمسٌ لأنه يعتمد على محبة الله ويضع ثقته به وبالآخرين.
هذا ثم ذكّر رئيس الأساقفة غالاغر بأن الرسالة الكاثوليكية كان يُنظر إليها تقليدياً على أنها نشاطٌ للكنيسة موجه نحو المناطق حيث لم يُبشّر سكانُها بالإنجيل، لكنها باتت تُعتبر اليوم بمثابة ولوج الله إلى العالم، كي يكون قريبا من كل إنسان، كما أنها تعبير عن التزام الكنيسة الكاثوليكية لصالح العدالة والحوار بين الأديان. ومن هذا المنطلق إن الإعلان والشهادة هما واجب على كل مسيحي، عندما يقرر أن يستخدم المواهب التي منحه إياها الله، مكرساً قسطا من وقته لعمل الرسالة من خلال حياته وخياراته اليوم، عوضا عن الكلام وحسب.
في الختام وجه سيادته كلمة شكر إلى وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو على تنظيم هذا المؤتمر، الذي يعكس الاهتمام حيال العديد من المرسلين الإيطاليين الذين يكرسون حياتهم من أجل مساعدة كل شخص على اكتشاف كرامته الخاصة.