بحث

الكاردينال بارولين يوجه رسالة إلى المنتدى من أجل السلام في كوريا ويذكر بكلمات البابوات حول المصالحة والمغفرة والسلام الكاردينال بارولين يوجه رسالة إلى المنتدى من أجل السلام في كوريا ويذكر بكلمات البابوات حول المصالحة والمغفرة والسلام 

الكاردينال بارولين يوجه رسالة إلى المنتدى من أجل السلام في كوريا ويذكر بكلمات البابوات حول المصالحة والمغفرة والسلام

وجّه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين رسالة فيديو إلى المشاركين في أعمال المنتدى من أجل السلام، والذي تنظمه كل عام وزارة "إعادة التوحيد" في جمهورية كوريا بهدف التطرق إلى قضايا متعلقة بالسلام وبإعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية. يشهد اللقاء – الذي يُعقد هذا العام عبر الإنترنت بسبب الجائحة – مشاركة خبراء وباحثين وموظفين حكوميين من أكثر من عشرين بلداً، وقد بدأ أعماله يوم أمس الثلاثاء على أن يُنهيها غداً الخميس، وتجري حول موضوع "نظرة جديدة للعلاقات الكورية وللجماعات: من أجل السلام

شدد نيافته في رسالة الفيديو على أن العدالة تتطلب ألا ننتهك حقوق الآخرين وأن نعطي كل فرد حقّه، كما أن المحبة تُشعرنا باحتياجات الناس كما لو كانت احتياجاتِنا الخاصة وهي تسهّل قيام تعاون مثمر، وإلا عملنا على بناء "السلام السلبي" المتمثل في غياب الحرب وحسب. وقال إن السلام ينبغي أن يكون إيجابياً، وذلك من خلال تعزيز القيم التي توحّدنا، لأن السلام هو صداقة. 

توقف الدبلوماسي الفاتيكاني عند كلمات البابا بولس السادس، الذي أكد – في الرسالة العامة "ترقي الشعوب" – أنه يتعين على الشعوب والأمم أن تلتقي كأخوة وأخوات، كأبناء لله، وأن تعمل معاً بغية بناء مستقبل مشترك للجنس البشري، وخلْق الظروف الملائمة من أجل تنمية متكاملة للبشرية. وقال الكاردينال بارولين إن هذه العملية تتم من خلال خطوات ثلاث: ضيافة، مرافقة وإصغاء. ولفت إلى أن الضيافة، كما يؤكد البابا فرنسيس، تُترجم في القرب والانفتاح على الحوار وطول الأناة واللطف الذي لا يُدين الآخر. والخطوة الأولى تتمثل في الاقتراب من الأشخاص، وخلق فسحة لهم في حياتنا، وأن نكون مستعدين لمقاسمة أفراحنا وأتراحنا، ونسج علاقات أصيلة. 

فيما يتعلق بالمرافقة قال الدبلوماسي الفاتيكاني إن المجتمع لا يمكن أن ينعم بنمو متجانس بين كل المكوّنات إن لم تُطبق إستراتيجيات متقاسمة تهدف إلى ضمان احترام الحياة البشرية والمرافقة التدريجية للأشخاص. أما الإصغاء، الذي يندرج في السياق نفسه، فهو مفتاحٌ لحلّ الصراعات وإحلال السلام بين الجماعات. كما أن الإصغاء يتحول إلى حوار الذي هو مؤشر للاحترام، لأنه يساعد الأشخاص على إدراك احتياجات الآخرين وتثمينها، دون تجاهل الاختلافات ودون السعي إلى فرض مواقفنا على الآخر. 

في سياق حديثه عن "نظرة جديدة" للعلاقات في شبه الجزيرة الكورية، ذكّر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان بالبابا يوحنا الثالث والعشرين، وباهتمامه الكبير بالقيم الكونية التي توحّد الأشخاص. وقال إن البابا رونكالّي بحث دوماً عن الطيبة الموجودة داخل كل إنسان وكل مجتمع، وبنى حواراً يرتكز إلى الاحترام والتعارف المتبادلين، ويتخطى الذهنية الضيقة التي تولّد الانقسامات. وهذا المبدأ كان ركيزة للجهود التي بذلها هذا البابا من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة الكوبية. 

لم تخلُ رسالة الكاردينال بارولين من التوقف عند المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، الذي يؤكد على أن السلام ليس فقط غياب الحرب، ولا يقتصر على الحفاظ على التوازن بين القوى المعادية، ولا يولَد من الهيمنة والتسلط، بل هو نتيجة للعدالة. ويقتضي احترامَ كرامة جميع الأفراد والشعوب. فالسلام هو صداقة وصلاح، وهو مبدأ قريب من الوصية المسيحية القائلة "أحبب قريبك كحبّك لنفسك". 

بعدها توقف نيافته عند مبدأ الغفران، مذكرا بما كتبه البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام ٢٠٠٤: إن المصالحة هي الكلمة المفتاح من أجل التوصل إلى آفاق جديدة للمستقبل والنظر معاً نحو فجرٍ يسير فيه أبناء العائلة الواحدة في الدرب نفسها. وشدد على أن المصالحة لا تأتي لوحدها، إذ ثمة حاجة للتبادلية، لأنه يتعين على الطرفين أن يريدا المصالحة وأن يقبل كل طرف بمغفرة الآخر. وذكّر بما قاله البابا فويتيوا "لا سلام بدون مغفرة"، فالإنسانية التي تسودها حضارة المحبة يمكنها أن تتمتع بسلام أصيل ودائم! 

هذا ثم ذكّر الكاردينال بارولين بأن الجماعة الدولية مدعوة لأن تكون خلاقة في تطوير مبادرات تعزز عملية السلام وتحترم حقوق كل طرف، وهذا ما شدد عليه البابا الفخري بندكتس السادس عشر في خطابه إلى السلك الدبلوماسي عام ٢٠١٢. 

أما بالنسبة لحبرية البابا فرنسيس فشاء أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان أن يتوقف عند الرسالة العامة Fratelli Tutti، التي تشكل دليلاً للحوار المكثف، وتسلط الضوء على كيفية الاقتراب من الآخر والتكلم معه، والنظر في عينيه من أجل البحث عن قاسم مشترك وإقامة علاقة الصداقة الاجتماعية، التي ترتكز إلى التضامن والتبادلية. وذكّر نيافته، في ختام رسالة الفيديو إلى المشاركين في المنتدى من أجل السلام في كوريا، بالعبارات الشهيرة التي تفوه بها البابا فرنسيس في السابع والعشرين من آذار مارس من العام الماضي، إزاء الضربة القاسية التي وجهتها جائحة كوفيد إلى العالم كله، إذ قال: إننا موجودون جميعا على متن الزورق نفسه، نعاني من الهشاشة والارتباك. إننا نحتاج إلى بعضنا البعض، لأن لا أحد يستطيع أن ينجو لوحده.      

01 سبتمبر 2021, 11:00