عميد مجمع الإكليروس يحتفل بالقداس في الفاتيكان في الذكرى المئوية الثانية لولادة أول كاهن كوري
الكاهن القديس يُدعى Andrea Kim Taegon، لم يخشَ الإقرار بأنه مؤمن كاثوليكي، على الرغم من خطر الموت المحدق به. وقد قال للموظف الحكومي إنه "كاثوليكي"، حسبما جاء في إحدى الرسائل التي كتبها عندما كان قيد الاعتقال، معبرا فيها عن إيمانه وأمانته لله. وقد حافظ على الشهادة لإيمانه لغاية التضحية بحياته، وسقوطه شهيداً، مع الآلاف من الرجال والنساء خلال موجة الاضطهاد في كوريا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، مع أن تلك الحقبة ما تزال لغاية اليوم جزءا أساسيا من تاريخ وهوية الشعب الكاثوليكي الكوري، الذي يبقى حياً وناشطاً في البلد الآسيوي، على الرغم من كونه أقلية.
وبهدف إحياء ذكرى الأب تايوونغ، والعديد من الشهداء الآخرين، العلمانييين، الذين ذرفوا دماءهم وشكلوا مثالا يُحتذى به، ترأس المطران لازارو يو، الاحتفال بالذبيحة الإلهية في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان، عصر اليوم السبت، وتم الاحتفال باللغة الكورية. مع العلم أنه أول احتفال عام يرأسه هذا الأسقف الكوري في روما مذ أن عيّنه البابا فرنسيس عميداً لمجمع الإكليروس في الحادي عشر من حزيران يونيو الماضي.
الكاهن الكوري القديس والشهيد، أبصر النور في مثل هذا اليوم من العام ١٨٢١، ضمن عائلة تربّت على المبادئ المسيحية، وقد جعل والده من المنزل "كنيسة بيتية". وكان خياراً كلّفه حياته. واللافت أنه على مدى أربعة أجيال تم إحصاء أحد عشر مؤمنا من تلك العائلة ذرفوا دماءهم ثمناً لأمانتهم للرب، خلال حقبة الاضطهادات، ومن بين هؤلاء خمسة أُعلنوا طوباويين أو قديسين. وقد تلقى هذا الكاهن الشاب تنشئته في ماكاو، وعمل في ظل الاضطهادات إذ تعرض للاعتقال والاستجواب والتعذيب. وفي النهاية تم قطع رأسه لأنه رفض أن ينكر إيمانه. وكان آنذاك في عمر يناهز الخامسة والعشرين. وقد شاء البابا يوحنا بولس الثاني أن يدوّن اسم هذا الكاهن مع مئات الشهداء الآخرين في سجل القديسين، وذلك في العام ١٩٨٤.
يشهد قداس السبت مشاركة العشرات من الكهنة والرهبان والراهبات الكوريين، بالإضافة إلى سفير كوريا لدى الكرسي الرسولي، فضلا عن عدد كبير من المؤمنين الكاثوليك الكوريين المقيمين في المدينة الخالدة. وكانت تلك الجالية قد شاركت في السابع عشر من تشرين الأول أكتوبر من العام ٢٠١٨ في القداس الذي ترأسه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين على نية السلام والمصالحة في شبه الجزيرة الكورية. وفي اليوم التالي استقبل البابا فرنسيس رئيس كوريا الجنوبية Moon Jae-inالذي شارك هو أيضا في الاحتفال الديني.
مما لا شك فيه أن قافلة الشهداء الكاثوليك الكوريين لم تنته مع الكاهن القديس. إذ إن البابا فرنسيس وخلال زيارته إلى كوريا الجنوبية في شهر آب أغسطس من العام ٢٠١٤ ترأس القداس وأعلن خلاله مائة وأربعة وعشرين شهيداً طوباويين، ومن بين هؤلاء Paolo Yun Ji-chung، وقد شارك في الاحتفال الديني آنذاك أكثر من مليون مؤمن في سيول، وتلته زيارة قام بها الحبر الأعظم إلى الموقع الأثري، حيث كانت تُنفذ عقوبات الإعدام، وقد تحول هذا الموقع إلى مزار. ومن المؤكد أن المشاركة الحاشدة للمؤمنين عكست الإيمان الحيّ لدى الكنيسة في كوريا. وقال البابا فرنسيس في عظته للمناسبة إن هؤلاء الشهداء يذكروننا بضرورة وضع المسيح قبل أي شيء آخر، وبعدم تقديم التنازلات في الأمور المتعلقة بالإيمان. وشدد الحبر الأعظم على أن مثال هؤلاء الشهداء، يحاكينا ويذكّرنا بالمجتمعات التي يعيش فيها العديد من الأخوة والأخوات الفقراء، والذين لا يُسمع صراخهم.