الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة تندد بجرائم قتل الشبان في كولومبيا
جاءت كلمات المسؤول الفاتيكاني تعليقاً على التظاهرات وأعمال العنف التي تشهدها كولومبيا منذ بضعة أسابيع، حيث أقدمت الأجهزة الأمنية على قمع عدد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي نفذها شبان كولومبيون. وقد عبّر سيادته عن هذه المواقف في أعقاب زيارة قام بها إلى البلد الأمريكي اللاتيني، قبل انتهاء مهامه، استغرقت أسبوعاً كاملاً، والتقى خلالها بأهالي بعض ضحايا القمع ومعظمُهم من الشبان الملتزمين من أجل السلام. وكانت تلك بمثابة زيارة إلى بلد يُعتبر من ضواحي العالم، لكونه يعاني من انعدام المساواة وأعمال العنف.
اعتبر سيادته أن الإضراب الوطني الذي نُظم في شهر أبريل نيسان الماضي واستمر لعدة أسابيع، جاء تعبيرا عن اليأس، ورفضاً لوضع بات لا يُحتمل، نتيجة انعدام المساواة في المجالين السياسي والاقتصادي، وبسبب تفشي الفساد والعنف الممارس بحقّ الفقراء فضلا عن احتقار الشبان والعمّال وممثلي المجتمع المدني. وقد ردت الدولة على مبادرات الاحتجاج مطلقة حملة من القمع العنيف والوحشي ولجأت إلى القوة المفرطة! وندد المونسينيور دوفيه بعدم لجوء السلطة إلى سيادة القانون، وعدم اكتراثها بحقوق الإنسان الأساسية، في طليعتها الحق في الحياة والسلامة الجسدية والمعنوية، والحق في الحماية ومشاركة المواطنين في الحياة العامة. ولفت إلى أن السلطة ترى في كل تحرك شعبي تهديدا لا بد من القضاء عليه. وشدد على مبادئ حقوق الإنسان التي لا تقبل بأن تُقمع التحركات الشعبية وأن تنتهي بإراقة الدماء.
بعدها شدد أمين السر السابق للدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة على ضرورة قيام فسحات للحوار بين المواطنين والمسؤولين المحليين، كرؤساء البلديات على سبيل المثال، كما لا بد أن يتحاور الشبان مع الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان، وجمعيات المجتمع المدني، والمراقبين الدوليين والكنيسة أيضا. وفي سياق حديثه عن زيارته لكولومبيا، لفت إلى أن كثيرين تفاجئوا لدى رؤية كاهن قدم من أوروبا ليقف إلى جانبهم ويصغي إليهم، خصوصا فيما يتعلق بالوالدين الذين فقدوا أبناءهم تحت التعذيب! وأضاف أن غياب الحوار والوساطة يؤدي إلى غياب الرغبة في حل الصراع، وفي الوقت نفسه، يساهم في تصعيد أعمال العنف. وهذا الأمر يقود في نهاية المطاف إلى قيام نظام دكتاتوري. واعتبر أنه من الأهمية بمكان أن تلعب جهة ما دور الوسيط إزاء الشبان الذين يعبّرون عن رغبتهم في العيش وفي تحقيق مشاريع حياتهم الفردية والجماعية. كما أن هؤلاء يتعطشون للسلام، وهنا لا بد أن تتدخل الجماعة الدولية التي تلزم الصمت لغاية اليوم.
لم تخلُ كلمات المسؤول الفاتيكاني السابق من الحديث عن الاتجار بالمخدرات، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تسمح باستمرار منظومة الفساد وزوال دولة القانون. ورأى أن كولومبيا تحتاج اليوم إلى سلطة تطبق القانون وتعمل على الدفاع عن حقوق الإنسان والتوسط بين الأطراف لأن هذه هي الطريقة الوحيدة الكفيلة بإنقاذ الميثاق الاجتماعي، ويجب أن تُطبق هذه المبادئ في مختلف البيئات: في المدارس والشركات والأحياء والأرياف والكنائس. وبهذه الطريقة يتم إيقاظ الحس بالمسؤولية حيال الخير العام. وختم أمين السر السابق للدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة قائلا إن الكنيسة يمكنها أن تلعب دوراً لنشر الكلمة وتعزيز الحوار والغفران.