بحث

Suor Alessandra Smerilli.JPG

مقابلة مع رئيسة وفد الكرسي الرسولي في مؤتمر ما قبل قمة النظم الغذائية

توصيات الكرسي الرسولي ودعوته إلى نظم غذائية مستدامة ومقاربة تقوم على الإيكولوجيا المتكاملة واحترام كرامة كل شخص والبيت المشترك. كان هذا محور مقابلة أجراها موقع فاتيكان نيوز مع الراهبة اليساندرا سميريلي رئيسة وفد الكرسي الرسولي في مؤتمر ما قبل قمة النظم الغذائية والذي تستضيفه روما من ٢٦ حتى ٢٨ تموز يوليو الجاري.

تستضيف روما من ٢٦ حتى ٢٨ تموز يوليو الجاري مؤتمر ما قبل قمة النظم الغذائية التي تنظمها الأمم المتحدة في أيلول سبتمبر القادم. وعشية هذا اللقاء الهام أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الراهبة اليساندرا سميريلي وكيلة الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة ومنسقة فريق العمل الاقتصادي في لجنة كوفيد ١٩ الفاتيكانية والتي تم اختيارها رئيسة وفد الكرسي الرسولي في مؤتمر ما قبل القمة. وأجابت الأخت سيميرلي في البداية على سؤال حول أهداف المؤتمر فقالت إنه سيتمحور حول النظم الغذائية، أي كل جوانب الغذاء والتغذية، من الزراعة والحصاد وجمع المنتجات الزراعية إلى التعبئة والتصنيع والنقل وصولا إلى الاتجار بالغذاء واستهلاكه. وتابعت أن لهذا المؤتمر أهمية عالمية لأنه يسعى إلى توجيه الانتباه إلى ضرورة تغيير النظم الزراعية الغذائية من أجل تحقيق رؤية أجندة عام ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، وأيضا إلى تعزيز المقاومة في إطار الوباء الحالي وتقوية القيم المحلية، هذا إلى جانب تحسين التغذية وإعادة استخدام الموارد الغذائية بشكل يسمح بتقليص هدر الغذاء.

ثم تطرقت المقابلة إلى الحديث عن توصيات الكرسي الرسولي من أجل تغيير النظم الغذائية، وقالت رئيسة الوفد أن لدى الكرسي الرسولي عددا من الرسائل الهامة التي سيطرحها للنقاش في المؤتمر، وفي طليعتها الحق في الغذاء كجانب أساسي بالنسبة للكرامة البشرية. وتابعت الأخت سميريلي أن لكل شخص حقا أساسيا في الحياة وفي الحصول على ما هو ضروري من أجل العيش بكرامة، مشيرة إلى أن لدينا اليوم فرصة للنهوض من أزمة كوفيد ١٩ أفضل من السابق وذلك عبر تغيير جذري لنظام التغذية الحالي كي يصبح مستداما من وجهة النظر البيئية ويسد من جهة أخرى حاجة سكان العالم بشكل متساوٍ وعادل. وأضافت أن على النظام الغذائي في عالم ما بعد كوفيد أن يضمن مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية والصحية للغذاء، ويتضمن هذا التزاما عميقا بتربية على استهلاك الغذاء، كما ويجب من جهة أخرى أن يحمي حقوق الملكية للجماعات الفقيرة والأصلية وأيضا الخيور العامة مثل الغابات والأراضي التي تديرها وتتقاسمها جماعات بكاملها بشكل مشترك.

تحدثت الأخت اليساندرا سميريلي أيضا عن ضرورة تشييد سلسة إمداد وتوزيع غذائية قوية ومستدامة تشمل تشييد البنى التحتية لربط المزارعين الصغار بالأسواق المحلية والوطنية. من الضروري من جهة أخرى التشجيع على حمية صحية وممكنة ماديا وأن يكون الطعام المغذي ومقبول السعر في متناول الجميع. وأرادت تسليط الضوء أيضا على أهمية الحفاظ على الموارد لأجيال اليوم والغد، وتحدثت عن الانتقال إلى نموذج دائري للإنتاج الغذائي يجدد الأنظمة الطبيعية ويعزز الصحة ويحسن الأنظمة البيئية الطبيعية ويحمي الموائل الطبيعية لدعم التنوع البيولوجي.

نقطة هامة أخرى اشارت إليها الأخت سميريلي هي حاجة النساء والشباب وصغار المزارعين وغيرهم من المستبعدين والمتروكين في الخلف إلى أن يكون لهم مكان عند تقرير سياسات وإجراءات تخصهم. كما وأشارت إلى ضرورة الاعتراف بالدور الهام للعائلة، ففي العائلة نتعلم الاستفادة من ثمار الأرض بدون المبالغة في استغلالها ونكتشف أفضل الأدوات من أجل أساليب حياة تحترم الخيور الشخصية والجماعية. وتابعت وكيلة الدائرة الفاتيكانية معربة عن القناعة بضرورة تثمين واحترام المعارف القديمة، وبالحاجة إلى تفاعل قوي في احترام بين العلم والمعرفة التقليدية لكونهما ركيزتين أساسيتين للنظم الغذائية. وشددت في هذا السياق على أن تقاليد المزارعين الصغار والسكان الأصليين يجب ألا تتعرض للإهمال والتجاهل، بل أن إشراكهم بشكل مباشر يمَكن الجميع من أن يفهموا بشكل أفضل اولوياتهم واحتياجاتهم.

أجابت رئيسة وفد الكرسي الرسولي في مؤتمر ما قبل قمة النظم الغذائية بعد ذلك على سؤال حول الرباط بين الأمن الغذائي والتغيرات المناخية، فتحدثت عن ثلاثة عوامل أساسية بالنسبة لقضية الجوع في عالم اليوم، ألا وهي النزاعات وجائحة كوفيد ١٩ والتغيرات المناخية والتي لها كلها تأثير مدمر على سلسلة الإمدادات الغذائية. وأشارت في هذا السياق إلى تقديرات تتحدث عن تقليص الجائحة وحدها لقدرات صغار المزارعين على إنتاج الغذاء وبلوغ الأسواق، وعن أن هدر الغذاء سيؤدي إلى معاناة ١٣٢ مليون شخص من سوء التغذية. ومن الطبيعي حسب ما واصلت أن تبعات القحط الأكثر دمارا ستكون على مَن يعانون من الضعف أو النازحين بسبب الحروب والمشاكل الاجتماعية والبطالة، وأكدت رئيسة الوفد أنه لا يمكن إغلاق الأعين أمام هذا الظلم.

وفي ختام المقابلة تحدثت الأخت اليساندرا سميريلي رئيسة وفد الكرسي الرسولي في مؤتمر ما قبل قمة النظم الغذائية، الذي تستضيفه روما من ٢٦ حتى ٢٨ تموز يوليو الجاري، عن عمل لجنة كوفيد ١٩ الفاتيكانية والتي كلفها البابا فرنسيس بأولويات ثلاث: العمل للجميع، الصحة للجميع، والغذاء للجميع. وقالت إن البابا قد دعانا إلى إعداد المستقبل، وأضافت أن تخيل وتجديد النظم الغذائية لما بعد الوباء يتطلب مقاربة تقوم على الإيكولوجيا المتكاملة، مقاربة متجذرة في مبادئ الكرامة البشرية لكل شخص والخير العام والعناية ببيتنا المشترك. ثم أكدت أن النظام الغذائي يصبح مستداما حين يوفر غذاءً كافيا ومغذيا للجميع بدون التأثير على صحة الكوكب أو على تطلع أجيال المستقبل إلى سد احتياجاتها الغذائية، بينما تهيمن على النظام الغذائي الحالي المصالح الخاصة التي تستبعد من بلوغ الأمن الغذائي صغار منتجي الغذاء والعاملين في سلسلة الغذاء، العائلات والمستهلكين. وأضافت الأخت سميريلي أن الكرسي الرسولي سيشارك في مسيرة الرقابة على احترام مصالح الجميع، كما وذكَّرت بتنظيم لجنة كوفيد ١٩ والدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة لقاء اليوم ٢٧ تموز يوليو لتبادل الخبرات في مجال السلسلة الغذائية وتوفير الغذاء والعمل من أجل تغيير النظم الغذائية الحالية كي تكون في صالح الأشخاص والأرض.

27 يوليو 2021, 12:27