الكاردينال رافازي يسلط الضوء على أهمية الترابط القائم بين ذهن الإنسان وجسمه ونفسه الكاردينال رافازي يسلط الضوء على أهمية الترابط القائم بين ذهن الإنسان وجسمه ونفسه 

الكاردينال رافازي يسلط الضوء على أهمية الترابط القائم بين ذهن الإنسان وجسمه ونفسه

ينظم المجلس البابوي للثقافة مؤتمرا دوليا يجري بصورة افتراضية عبر الإنترنت حول موضوع "اكتشاف الذهن والجسم والنفس"، بدأت أعمالُه يوم الخميس الفائت وتنتهي مساء اليوم السبت، بمشاركة عدد كبير من الأخصائيين في مجال العلم والطب، فضلاً عن قادة روحيين وخبراء لاهوتيين يتباحثون في التقدم على الصعيد الطبي وعلاقة هذا التقدم بالكائن البشري بمختلف أبعاده. ومما لا شك فيه أن هذا المؤتمر الدولي، الذي وصل إلى نسخته الخامسة، يكتسب اليوم أهمية خاصة نظرا إلى جائحة كوفيد 19 التي يعاني منها العالم.

لمناسبة انعقاد هذا المؤتمر أجرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقابلة مع رئيس المجلس البابوي للثقافة الكاردينال جانفراكو رافازي الذي اعتبر أن مقاربة الإنسان على أنه ذهن وجسم ونفس هي ربما المقاربة الوحيدة التي تصح لأنه لم يُنظر إلى الإنسان منذ البدء على أنه مكوّن بيولوجي بحت، بل هو كيان مختلف موجود في صلب التاريخ، ولديه علاقات. من هذا المنطلق – أوضح نيافته – يكتسب موضوع المؤتمر الدولي أهمية كبرى، لأنه يأخذ في عين الاعتبار الأبعاد الثلاثة للإنسان أي الذهن والجسم والنفس. وأكد أنه لا يمكن أن يُفصل الجسم عن النفس، كما أن الذهن يشكل نوعاً من الجسر الذي يقود نحو أفق رائع، فيكفي التفكير بوجود مائة مليار من الخلايا العصبية داخل جمجمة الإنسان الصغيرة، تماما كعدد النجوم المتواجدة في مجرة درب التبانة.

في سياق حديثه عن الأزمة الصحية الراهنة، بسبب جائحة كوفيد 19، والتي تحمل الأشخاص على صب الاهتمام على الصحة البدنية، لفت الكاردينال رافازي إلى أنه خلال الأشهر التي عشناها، خصوصا أثناء الإقفال التام، شعر الإنسان أن الأمر لا يتعلق فقط بإيجاد لقاحات تحميه من الأمراض الجسدية. فقد عانى الناس من مشاكل أخرى شأن الوحدة والعزلة والانغلاق ضمن مكان ضيق، وهذا الأمر أدى إلى قطع العلاقات الواقعية مع الآخرين، والتي استُبدلت بالعلاقات الافتراضية. وهنا أدرك الناس أن المشكلة هي أكثر تعقيدا وعمقا.

ولفت نيافته إلى أن المؤتمر الدولي الخامس، الذي ينظمه المجلس البابوي للثقافة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لاسيما مع عالم البحوث والأكاديميا، شهد حواراً بين أشخاص يعيشون اختبارات مختلفة تماما عن بعضها. فلم تقتصر المشاركة على الأطباء والعلماء، إذ شارك في الأعمال باحثون في مجال الأخلاقيات، وقادة دينيون ومدافعون عن حقوق المرضى فضلا عن مسؤولين سياسيين ومفكرين من مختلف المجالات. وأكد نيافته أن هذا هو العنصر الأهم، أي الحوار.

ردا على سؤال حول ما إذا كان الإيمان يُعتبر لقاحاً لنفس الإنسان، قال رئيس المجلس البابوي للثقافة إن مداخلات عديدة خلال المؤتمر توقفت عند موضوع اللقاحات وحاولت أن تسلط الضوء على أهمية عدم الفصل بين الإجراءات الطبية والبحث اللاهوتي والفلسفي. وهذا الأمر – مضى يقول – يعكس وعياً حيال وحدة الكائن البشري، أي ترابط الذهن والجسم والنفس، وهذه الأبعاد الثلاثة تتقاطع أحياناً كثيرة مع بعضها البعض، وفي حالات أخرى تسير بشكل متوازي. ومما لا شك فيه أن الروحانية، كما البعد الداخلي ككل، تتحول إلى ترياق ضد الخوف وضد الأمراض الداخلية التي لا تعني فقط جسم الإنسان، بل تنعكس على كيانه.

هذا ثم توقف الكاردينال جانفرانكو رافازي عند أهمية حصول توافق بين هذه الأبعاد الثلاثة، ومن هذا المنطلق تمت دعوة أشخاص مختلفين جداً عن بعضهم كي يشاركوا في الأعمال: أشخاص يعملون في حقول ومجالات مختلفة، من بينها الفنون كالسينما والموسيقى. وهذا الأمر يفسح المجال أمام تأمل متعدد الاختصاصات ويرتبط بمختلف أبعاد الكائن البشري. في ختام حديثه لصحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية عاد رئيس المجلس البابوي للثقافة ليشدد على أهمية حصول حوار وتلاقٍ بين مختلف الاختصاصات يصبّان في صالح رخاء الإنسان، ليس فقط في المجال الصحي.               

08 مايو 2021, 12:32