الكاردينال بارولين يحتفل بالقداس في الذكرى السنوية التسعين لتأسيس إذاعة الفاتيكان

ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين القداس صباح اليوم الجمعة في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان لمناسبة الذكرى السنوية التسعين لتأسيس إذاعة الفاتيكان، بحضور عدد من القيمين على الإذاعة والعاملين فيها، وقد عاونه لفيف من الكهنة بينهم المدير العام السابق للإذاعة الأب فدريكو لومباردي.

تخللت الاحتفالَ الديني عظةٌ لنيافته أكد في مستهلها أنه يرفع الشكر لله على العقود التسعة الماضية من حياة المحطة الإذاعية، معرباً عن امتنانه لجميع الأشخاص الذين قدموا إسهامهم السخي في هذا المجال كي ينقلوا صوت البابا إلى العالم  لافتا إلى الحاجة الملحة اليوم لنشر الرسائل الخيّرة، في سياق تواصليّ يبدو أنه يراهن على المنفعة أكثر من البعد الإنساني.

وبعد أن توقف الكاردينال بارولين عند قراءة الإنجيل الذي يحدثنا عن شفاء الأصم والأبكم على يد الرب يسوع، أشار إلى أن إذاعة الفاتيكان كانت منذ نشأتها علامة للانفتاح على العالم، ليس من وجهة النظر الجغرافية وحسب، إذ بلغت أصقاع الأرض البعيدة، لكن أيضا من الناحية التاريخية، لأنها شكلت محطة بارزة في مجال التجدد في عالم الاتصالات. وأوضح في هذا السياق أن اختراع  Guglielmo Marconiكان سابقاً لزمانه من الناحية التكنولوجية. ونحن اليوم مدعوون أيضا إلى الانفتاح – بنظرة جديدة – على المتطلبات المتغيّرة لزماننا الحالي. وهذه ليست مجرد استراتيجية ضرورية إنما هي أيضا حاجة إيمانية.

وأوضح نيافته في هذا السياق أن البابا فرنسيس ذكّر في أكثر من مناسبة بأن الإيمان الحقيقي والأصيل يحمل الإنسان على الانفتاح، وعلى مقاومة الانغلاق والتصلّب اللذين يشلاّن القلب، عندما نقول "إن الأمور كانت هكذا دائما". وأشار بارولين إلى أن الروح القدس حمل المسيحيين الأولين على تخطي الشرائع الدينية كي لا تكون عملية إعلان الإنجيل مصحورة ومقيّدة. وهذا ما يظهر بوضوح في حادثة الشفاء إذ إن الرجل الذي شفاه يسوع كان عاجزا عن النطق، لأنه لم يكن قادرا على الإصغاء.

ولفت أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان بعدها إلى المخاطر المحدقة بالإنسان اليوم عندما يصم آذانه أمام نداءات الله، ولا ينطق ليتجاوب معها. وهنا لا بد أن يتدخل الرب يسوع، تماما كما فعل مع الرجل الأصم والأبكم الذي شفاه جسدياً وجعله قادراً على التواصل مع الآخرين. وأوضح نيافته أن المؤمن المسيحي ومنذ بداية مسيرته، مع سر المعمودية، يصبح مصغياً ومعلنا لكلمة الله. هذه الدعوة تجعلنا ننقل حداثة الله إلى العالم، وتذكرنا بأننا لسنا مدعويين للاكتفاء بعيش النعمة التي نلناها، إذ لا بد أن نستثمر مواهبنا بروح من الانفتاح الخلاق والمبدع، يجسد حداثة الإنجيل في كل حقبة زمنية.

هذا ثم أكد الكاردينال بارولين أن إذاعة الفاتيكان تمكنت من خلق شبكة مشتعبة ومنتشرة في أنحاء العالم كافة، وهو تعبير عن كونية الكنيسة الكاثوليكية والخدمة البطرسية. وتمكنت الإذاعة من جعل أشخاص يبعدون عن بعضهم آلاف الكيلومترات يتحدون معا في الصلاة. ورسالتها هي كصدى جديد للعنصرة القديمة، إذ بلغت الشعوبَ بلغات متعددة كعلامة للروح القدس الذي يجمع المؤمنين ويوحدهم. كما نجحت المحطة الإذاعية في خرق الستار الحديدي، وأوصلت الله إلى البيئات التوتاليتارية التي كانت تنكر وجوده.

بعدها ذكّر نيافته بالدور الهام الذي لعبته إذاعة الفاتيكان خلال الحرب العالمية الثانية في البحث عن المفقودين والأسرى، وكانت بمثابة شبكة تضامنية نشرت مليون رسالة تقريباً وتمكنت من لم شمل عائلات كثيرة. وذكّر بأن التواصل يرتكز إلى الاتصال الحي والمباشر، كما قال البابا في رسالته الأخيرة لمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية. كما لا بد أن نسعى إلى الغوص في أعماق الناس، لكن علينا أن نتواصل مع الرب يسوع كي يشفينا من أعماقنا، كي لا تقتصر العلاقة معه على سلسلة من الطقوس والممارسات الخارجية.

في ختام عظته في الذكرى السنوية التسعين لتأسيس إذاعة الفاتيكان شجع نيافته القيمين على المحطة والعاملين فيها على بناء خدمتهم على العلاقة والاتصال مع الرب، على الرغم من الصعوبات اليومية لأن هذا الأمر يمنحهم نظرة منفتحة على متطلبات زماننا ويمكّنهم من الاعتناء بالبعد الكوني الذي يميزهم. وأكد أنه يصلي من أجلهم ومن أجل المستفيدين من نشاطهم كي يلمسوا "الكلمة" الذي يخلّص، من خلال الكلمات التي تبثها إذاعة الفاتيكان.

12 فبراير 2021, 13:13