المجمع الفاتيكاني الثاني في كلمات البابا يوحنا بولس الأول
في 26 آب أغسطس 1978 تم انتخاب بطريرك البندقية البينو لوتشاني خليفة القديس بطرس، وذلك عقب التصويت الرابع، واختار البابا الجديد اسم يوحنا بولس الأول تكريما لسلفَيه يوحنا الثالث والعشرين الذي عينه أسقفا على أبرشية فيتوريو فينيتو ما جعله من آباء المجمع، وبولس السادس الذي نقله إلى البندقية وعينه كاردينالا. ومع مرور 42 سنة على انتخابه خليفة القديس بطرس أراد مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي التوقف عند ما كتب الأسقف لوتشاني خلال مشاركته في المجمع الفاتيكاني الثاني ليشرح لمؤمني أبرشيته ما كان يحدث في روما. وذكَّر السيد تورنييلي في البداية بإعراب أسقف فيتوريو فينيتو خلال التحضيرات للمجمع عن الرجاء في أن يسلط المجمع الضوء على التفاؤل المسيحي النابع من تعاليم المسيح القائم، وذلك أمام ما وصفه بتشاؤم منتشر لثقافة نسبية، وبحديث لوتشاني عن جهل بجوانب الإيمان الأساسية. وأشار مدير التحرير بعد ذلك إلى أن أسقف فيتوريو فينيتو لم يتكلم خلال مشاركته في جلسات المجمع بل كان يستمع بانتباه ويسطر صفحات وصفحات من الملاحظات، هذا إلى جانب كتابته لمؤمني أبرشيته معرّفا إياهم بنتائج المجمع وشارحا قضايا حساسة بأسلوبه التعليمي المعتاد مبتعدا في الوقت ذاته عن التبسبط المبالغ فيه. وفي تلك الرسائل أشار الأسقف ألبينو لوتشاني إلى عمل الروح القدس خلال المجمع لتفادي ارتكاب أخطاء أو انحرافات عقائدية.
ومن النقاط الهامة التي تمحورت حولها الملاحظات والرسائل إلى المؤمنين كان هناك البعد الجامع للكنيسة ولخبرة المجمع. ومن بين ما كتب البابا يوحنا بولس الأول، الأسقف لوتشاني حينها، في رسالة إلى المؤمنين أنه كان يكفي النظر إلى آباء المجمع المشاركين وتبادل الحديث معهم حى تظهر رؤى واحتياجات ليست لدينا حتى فكرة عنها. وذكَّر مدير التحرير في هذا السياق باصطحاب الأسقف لوتشاني لدى عودته إلى أبرشيته عقب المرحلة الأولى للمجمع أسقف كاريما في تنجانيقا تشارلز مساكيلا حيث استضافه لبضعة أيام في لفتة رقيقة تعكس أيضا الرغبة في جعل الأبرشية تلمس ذلك البعد الجامع والرسولي للكنيسة.
الإصلاح الليتورجي كان أيضا من المواضيع التي تمحورت حولها ملاحظات ورسائل الأسقف لوتشاني، وذكَّر السيد تورنييلي في هذا السياق بحديث الأسقف عن تأمل آباء المجمع حول المساعدة التي يمكن تقديمها للمؤمنين خلال القداس كي يستفيدوا بأكبر شكل ممكن من هذا الحدث الذي يشكل ذروة الحياة المسيحية. وجاء في رسائل الأسقف أن المساعدة الأولى تأتي من الكتاب المقدس، من كلمة الله القادرة على خلق أجواء تعبد حار. المساعدة الثانية تأتي من اللغة، وأشار الأسقف لوتشاني إلى طلب 81 من الأساقفة قراءة الكتاب المقدس بلغة البلد الذي يقام فيه القداس ما أثار مخاوف بعض آباء السينودس من جهة، بينما أكد آخرون من جهة خرى أن الكنيسة قد غيرت اللغة في الماضي لتتماشى مع لغة الشعب، وأن يسوع كان يتكلم إلى الجموع لا بالعبرية بل بالآرامية، بلغة الشعب. ثم تأتي المساعدة الثالثة وهي تبسيط طقوس القداس والتي يُفترض ألا تكون في حاجة إلى شرح بل أن تشرح نفسها بنفسها. أما المساعدة الرابعة فهي تعزيز مشاركة المؤمنين وجعلها سهلة.
تحدث الأسقف لوتشاني من المجمع أيضا عن الحرية الدينية وأشار إلى حق كل شخص في البحث عن الحقيقة، وهو ما يتم لا بقراءة كتاب في عزلة بل بالحديث والتشاور مع الآخرين. كما وتحدث عن احترام حقوق غير الكاثوليك مشيرا في هذا السياق إلى حرية اختيار الدين واصفا إياها بحق من الواجب احترامه. وأراد مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي في ختام مقاله لمناسبة الذكرى الـ 42 لانتخاب البابا يوحنا بولس الأول التذكير باستمرارية هذا الفكر لدى كل من البابا فرنسيس والبابا الفخري بندكتس السادس عشر.