مداخلة الكرسي الرسولي خلال جلسة الحوار الخامس بين الأديان في جنيف مداخلة الكرسي الرسولي خلال جلسة الحوار الخامس بين الأديان في جنيف 

مداخلة الكرسي الرسولي خلال جلسة الحوار الخامس بين الأديان في جنيف

ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف رئيس الأساقفة إيفان يوركوفيتش مداخلة أمام المشاركين في جلسة الحوار الخامس بين الأديان حول موضوع "محبة القريب".

استهل الدبلوماسي الفاتيكاني كلمته معرباً عن امتنانه لمنظمي هذه المبادرة الهامة والمشاركين في اللقاء على الإسهام المقدَّم لصالح الحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين الشعوب. هذا ثم أشار إلى أنه لدى تلقّيه الدعوة للمشاركة في اللقاء خطرت على ذهنه وثيقةُ الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والتعايش المشترك والتي وقّعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في الإمارات العربية المتحدة لأكثر من سنة خلت وبالتحديد في الرابع من شباط فبراير من العام الماضي. كما لفت إلى الاحتفال مؤخراً بالذكرى السنوية الأولى على صدور هذا الإعلان التاريخي الذي يقرّب المؤمنين من بعضهم البعض وفي الوقت نفسه يوجّه رسالةً قويّة إلى العالم بأسره، مفادها أن جميع البشر هم أخوة وأخوات.

وأضاف يوركوفيتش أن الوثيقة تشدد على أن الإيمان يحمل "المؤمنَ على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه، فإنَّ المؤمنَ مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاءِ منهم والأشخاصِ الأكثرِ حاجَةً وعَوَزًا". وقال سيادته إنه إزاء تنامي الأنانية والفردانية والميول المتطرفة لا بد من التأكيد على روح هذه الوثيقة الهادفة إلى تحقيق المصالحة والأخوّة بين جميع المؤمنين وغير المؤمنين، وبين كلّ الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة. واستشهد بكلمات البابا فرنسيس الذي اعتبر أنه لا يوجد أمامنا خيارٌ آخر: إما أن نبني المستقبل معاً أو لن يكون هناك أي مستقبل.

بعدها انتقل مراقب الكرسي الرسولي إلى الحديث عن مسألة المهاجرين واللاجئين وقال إنه في زمننا الحالي المطبوع بالهجرة القسرية والتمييز والاضطهادات والصراعات والكوارث الطبيعية ينبغي أن نسعى إلى عدم تهميش أو إقصاء أي شخص، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالفقراء والمحتاجين. ولفت في هذا السياق إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تسعى إلى التعبير عن إيمانها بواسطة أعمال المحبة، وأسمى أشكال هذه المحبة يتضح عندما تُمارس تجاه الأشخاص العاجزين عن مبادلتنا أعمال الخير. وهذا المفهوم لا ينطبق على المهاجرين وحسب إنما على أعضاء العائلة البشرية برمتها.

ولم تخلُ مداخلة الدبلوماسي الفاتيكاني من الإشارة إلى عملية نزع السلاح والبحث المشترك عن السلام، وذكّر بأن الكرسي الرسولي، الذي يستلهم نشاطه من مبادئ الأخوّة والعدالة الواردة في الإنجيل، شجع دوماً وما يزال يشجع الجماعة الدولية على السعي بحزم إلى نزع السلاح وضبطه. ولفت إلى أن الإنسان المخيّر بين السلام والعنف استسلم، على مر التاريخ، لتجربة التسلّط وفرض نظام عالمي بقوة السلاح، وهذا الأمر يولّد خسائرَ بشرية فادحة. ولفت إلى المواقف الواضحة والصريحة للبابا فرنسيس فيما يتعلق بالأسلحة النووية. وختم مراقب الكرسي الرسولي مشيراً إلى ضرورة أن نفتح قلوبنا كي ندرك أن للإنسانية مصيراً مشتركاً.

18 فبراير 2020, 14:48